غادر وفد حركة “حماس” الفلسطينية، برئاسة رئيس المجلس القيادي للحركة، محمد درويش، القاهرة، الجمعة، متوجهاً إلى العاصمة القطرية الدوحة، دون التوصل إلى اتفاق بشأن بدء “المرحلة الثانية” من مفاوضات اتفاق غزة، أو حل أزمة مقاتلي الحركة العالقين في أنفاق مدينة رفح جنوب قطاع غزة.

وقال مصادر مطلعة من حركة حماس لـ”الشرق”، إنّ “الوفد لم يعقد أي لقاء مع قيادة فتح كما كان متوقعاً، في ما كان من شأنه أن يفتح باب النقاش بشأن مستقبل إدارة غزة، وتشكيل ما يُعرف بلجنة كفاءات مستقلة (تكنوقراط) لإدارة مؤقتة للقطاع”.

وخلال التواجد في القاهرة، التقى الوفد مع مسؤولين مصريين بارزين، من بينهم رئيس جهاز المخابرات العامة، الوزير حسن رشاد. وبحسب المصادر ذاتها، جرت مناقشات حول جهود دفع ملف المرحلة الثانية من الهدنة، إضافة إلى بحث أزمة المقاتلين في أنفاق رفح التي أصبحت مناطق تحت السيطرة الإسرائيلية.

وأوضح مصدر لـ”الشرق”، أن الوسطاء الدوليين (مصر وقطر وتركيا والولايات المتحدة)، يواصلون الاتصالات بغرض إيجاد حل لأزمة هؤلاء المقاتلين، عبر ضمانات تتيح خروجهم إلى مناطق خارج السيطرة الإسرائيلية بأمان.

إلا أن الجانب الإسرائيلي، يرفض، حتى الآن، مقترحات الوسطاء التي تُتيح خروج مقاتلي “حماس”، أو نقلهم إلى خارج منطقة السيطرة الإسرائيلية، ويعرض خروج هؤلاء المقاتلين، إلى السجون الإسرائيلية، وهو  ترفضه “حماس”.

وقال الجيش الإسرائيلي، الجمعة، إن 9 من مقاتلي “حماس” العالقين في رفح، لقوا مصرعهم، مشيراً إلى ارتفاع عدد الوفيات في صفوف المقاتلين المحاصرين إلى أكثر من 30، حسبما ذكر في بيان.

وأشار مصدر فلسطيني مقرب من “حماس”، إلى أن “عدد المقاتلين الأحياء المُحتملين داخل الأنفاق يقدَّر بين 60 إلى 80 مقاتلاً”، لافتاً إلى انقطاع التواصل معهم منذ أشهر”، مضيفاً أن “المفاوضات الجارية لم تسفر حتى الآن عن أي اختراق يفضي إلى حل”.

ويتزامن ذلك مع تحذيرات من أن استمرار هذه الأزمة يُشكل اختباراً للوسطاء، والدول الضامنة لاتفاق وقف النار، ويهدد استقرار الهدنة ويزيد من مخاطر تجدد العنف.

ومنذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في العاشر من أكتوبر الماضي، تبادلت إسرائيل وحماس الاتهامات بانتهاك الهدنة، فيما يتهم كل طرف الآخر بعرقلة تنفيذ البنود اللاحقة ضمن خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام في غزة.

حماس: “خرق فاضح” لاتفاق غزة

وقالت حركة “حماس”، الأربعاء الماضي، إن ملاحقة الجيش الإسرائيلي لمقاتليها في أنفاق رفح، جنوبي قطاع غزة، يعد “خرقاً فاضحاً” لاتفاق وقف إطلاق النار.

ودعت “حماس”، في بيان، الوسطاء إلى التحرك العاجل للضغط على إسرائيل للسماح بخروج المقاتلين وعودتهم إلى منازلهم، وذكرت أن الجيش الإسرائيلي يرتكب “جريمة وحشية عبر ملاحقة وتصفية واعتقال” المقاتلين المحاصرين في أنفاق مدينة رفح.

واعتبرت أن ملاحقة المقاتلين المحاصرين، يعد “خرقاً فاضحاً” لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة، و”دليل دامغ على المحاولات المستمرّة لتقويض هذا الاتفاق وتدميره”.

وتابعت الحركة: “لقد بذلت الحركة، طوال الشهر الماضي، جهوداً كبيرة مع مختلف القيادات السياسية والوسطاء لحلّ مشكلة المقاتلين وعودتهم إلى بيوتهم، وقدّمت أفكاراً وآليات محدّدة لمعالجة هذه المشكلة، في تواصل كامل مع الوسطاء والإدارة الأميركية بصفتها أحد ضامني اتفاق وقف إطلاق النار”.

كما نشرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة “حماس”، منشوراً مقتضباً على تطبيق تليجرام، كتبت فيه: “ليس في قاموسنا الاستسلام”.

شروط إسرائيلية

وقال مسؤول إسرائيلي، إن تل أبيب نقلت اقتراحاً إلى “حماس”، الأسبوع الماضي، بشأن الإفراج المشروط عن عشرات من مقاتلي الحركة المحاصرين في أنفاق رفح.

وذكر المسؤول، أن إسرائيل أرسلت الاقتراح إلى كبار مسؤولي “حماس” عبر دول وسيطة، متضمناً “السماح للمقاتلين المتبقين في المنطقة بالخروج إذا استسلموا ووافقوا على نقلهم إلى السجون الإسرائيلية”.

وتابع المسؤول، أن الاقتراح ينص على أن المقاتلين “سيكونون مؤهلين للإفراج عنهم وإعادتهم إلى المنطقة التي تسيطر عليها حماس في قطاع غزة”، بشرط أن يتعهدوا بعدم العودة إلى القتال، وأن يوافقوا على نزع السلاح.

وأشارت وسائل إعلام إسرائيلية، إلى أن المقاتلين لم يستسلموا منذ تقديم الاقتراح، مضيفة أنهم “خرجوا في عدة مناسبات من الأنفاق في محاولات للفرار أو مهاجمة قوات الجيش، مما يشير إلى أن العرض لم يتم قبوله”.

شروط إسرائيل لحل أزمة مقاتلي رفح

  • الاستسلام الكامل للمقاتلين المحاصرين.
  • الموافقة على نقلهم إلى السجون الإسرائيلية.
  • التعهد بعدم العودة إلى القتال مستقبلاً.
  • الموافقة على نزع السلاح بشكل نهائي.
  • إمكانية الإفراج عنهم لاحقاً وإعادتهم إلى مناطق سيطرة “حماس” بعد الالتزام بالشروط.

وأضافت أنه “من غير الواضح ما إذا كان قادة حماس قادرين حتى على التواصل مع المقاتلين المحاصرين”.

وقال مسؤول إسرائيلي: “لقد منحناهم في رفح خيار الحياة والخروج من الأنفاق. حتى الآن، لم يوافقوا على الشروط التي وضعناها. يبدو أنهم قرروا أن يصبحوا شهداء”.

ويوجد عشرات من مقاتلي “حماس” عالقين في أنفاق تحت الأرض خلف ما يُعرف بـ”الخط الأصفر” شرقي غزة، وهي المنطقة التي انسحب إليها الجيش الإسرائيلي بموجب اتفاق وقف إطلاق النار.

وبموجب الاتفاق الذي أُبرم في أكتوبر بين حركة “حماس” وإسرائيل بعد عامين من الحرب المدمرة، أفرجت حماس عن جميع المحتجزين العشرين الأحياء في غزة، مقابل إطلاق إسرائيل سراح نحو 2000 أسير ومعتقل فلسطيني احتجزوا خلال فترة الحرب. ونص الاتفاق أيضاً على تسليم رفات 28 رهينة مقابل رفات 360 مقاتلاً فلسطينياً.

كما نصت الخطة على انسحاب تدريجي للجيش الإسرائيلي، إلى خطوط مرتبطة بمراحل تطبيق خطة الرئيس الأميركي لإنهاء الحرب.

والخط الأصفر، هو أول خط انسحاب للجيش الإسرائيلي من غزة بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، وهو ما يتيح لإسرائيل السيطرة على نحو 53% من أراضي القطاع. وتنص المرحلة الثانية من الاتفاق على خط انسحاب ثانٍ باللون الأحمر مع نشر قوة استقرار دولية مؤقتة، وصولاً إلى خط انسحاب ثالث يحدد “منطقة أمنية عازلة”.

واعتمد مجلس الأمن الدولي، قراراً أميركياً يأذن بإنشاء “قوة دولية مؤقتة لتحقيق الاستقرار في غزة”، وهو القرار الذي رفضته حركة “حماس”، معتبرة أنه “يفرض آلية وصاية دولية” على القطاع.

ومنذ وقف إطلاق النار في 11 أكتوبر الماضي، قتلت إسرائيل 347 فلسطينياً، وأصابت 889، ما يرفع عدد ضحايا الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى 69 ألفاً و785، بالإضافة إلى 170 ألفاً و965، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية في غزة.

شاركها.