اتفق وفدا أميركا وأوكرانيا خلال المحادثات الجارية في ولاية فلوريدا، الخميس والجمعة، على إطار لـ”ترتيبات أمنية”، وناقشا قدرات الردع اللازمة للحفاظ على سلام دائم مع روسيا، بحسب بيان صادر عن المبعوث الرئاسي الأميركي ستيف ويتكوف.
ووصف ويتكوف المحادثات بأنها “بناءة” في إطار مناقشة سبل التقدم نحو مسار موثوق لتحقيق سلام دائم وعادل في أوكرانيا، مشيرة إلى أن الأطراف ستجتمع مرة أخرى، السبت، لمواصلة دفع المناقشات قدماً.
وجاء في البيان: “على مدار يومين، عقد المبعوث الخاص للسلام ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر (صهر الرئيس الأميركي) اجتماعات بنّاءة مع أمين مجلس الأمن والدفاع الوطني الأوكراني رستم عمروف ورئيس هيئة الأركان العامة الجنرال أندريه هناتوف لمناقشة سبل التقدم نحو مسار موثوق لتحقيق سلام دائم وعادل في أوكرانيا”.
وتابع: “اليوم (الجمعة)، عقدت المجموعة اجتماعها السادس خلال الأسبوعين الماضيين. وأكد عمروف أن أولوية أوكرانيا هي التوصل إلى تسوية تحمي استقلالها وسيادتها، وتضمن سلامة الأوكرانيين، وتوفر أساساً مستقراً لمستقبل ديمقراطي مزدهر”.
وأضاف ويتكوف أن المشاركين في المحادثات ناقشوا نتائج الاجتماع الأخير الذي عقده الجانب الأميركي مع روسيا، والخطوات التي يمكن أن تؤدي إلى إنهاء هذه الحرب.
ترتيبات أمنية
وذكر المبعوث الأميركي أن الأميركيين والأوكرانيين اتفقوا على “إطار الترتيبات الأمنية”، وناقشوا القدرات الرادعة اللازمة للحفاظ على سلام دائم.
وتابع: “اتفق الطرفان على أن إحراز تقدم حقيقي نحو أي اتفاق يعتمد على استعداد روسيا لإظهار التزام جاد بالسلام طويل الأمد، بما في ذلك اتخاذ خطوات نحو خفض التصعيد ووقف القتل”.
ولفت إلى أن الأطراف استعرضت بشكل منفصل “أجندة الازدهار المستقبلي التي تهدف إلى دعم إعادة إعمار أوكرانيا بعد الحرب، والمبادرات الاقتصادية المشتركة بين الولايات المتحدة وأوكرانيا، ومشاريع التعافي طويلة الأجل”.
وجاء في البيان أن الطرفين الأميركي والأوكراني أكدا أن “إنهاء الحرب واتخاذ خطوات موثوقة نحو وقف إطلاق النار وخفض التصعيد أمر ضروري لمنع العدوان المتجدد وتمكين خطة إعادة التطوير الشاملة لأوكرانيا، والتي تهدف إلى جعل الأمة أقوى وأكثر ازدهاراً مما كانت عليه قبل الحرب”.
أفكار جديدة
وتستهدف المحادثات حسم 4 قضايا رئيسية تتعلق بسيادة أوكرانيا والأراضي المتنازع عليها والتعاون الاقتصادي ومسائل الأمن الأوروبي الأوسع.
وقدّم ويتكوف وكوشنر للأوكرانيين إحاطة مفصلة حول اجتماعهما مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وطرحا أفكاراً جديدة لمحاولة سد الفجوات بين الأطراف، حسبما نقل “أكسيوس” عن مصدر مطلع.
وقال مسؤول أميركي للموقع إن المحادثات الأوكرانية الأميركية في فلوريدا كانت “إيجابية”، كما نقلت وكالة “رويترز” عن مسؤول في البيت الأبيض، قوله إن اجتماع ويتكوف وكوشنر مع كبير المفاوضين الأوكرانيين رستم أوميروف، الخميس، كان “مثمراً”.
وفي وقت سابق الخميس، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن وفد بلاده في فلوريدا يسعى للاستماع من الجانب الأميركي إلى تفاصيل المحادثات التي جرت في الكرملين.
واتهم زيلينسكي، ومعه القادة الأوروبيون الداعمون له، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالمماطلة في مفاوضات السلام، بينما تواصل القوات الروسية الضغط ميدانياً.
وأضاف زيلينسكي أن المسؤولين الأوكرانيين يريدون معرفة “ما الحجج الأخرى التي ابتكرها بوتين لإطالة أمد الحرب والضغط على أوكرانيا”.
ونقلت الوكالة عن يوري أوشاكوف، مستشار الكرملين للشؤون الخارجية، قوله في مقابلة يوم الجمعة، إن كوشنر قادر على أداء “دور مهم” في إنهاء الغزو الروسي لأوكرانيا، مشيرة إلى أنه كان من المشاركين في محادثات الثلاثاء في الكرملين.
وأضاف أوشاكوف: “إذا وُضع أي مخطط يؤدي إلى تسوية، فسيكون قلم كوشنر هو الذي يرسم ملامحه”.
زيادة التوتر
وأشارت الوكالة إلى أن هذه الإشادة بكوشنر من قبل مسؤول روسي رفيع تأتي في وقت يسعى فيه بوتين إلى خلق توتر بين ترمب وأوكرانيا وأوروبا، على خلفية تزايد استياء الرئيس الأميركي من استمرار النزاع.
وكان بوتين قد وصف محادثاته التي استمرت 5 ساعات هذا الأسبوع مع ويتكوف وكوشنر بأنها “ضرورية” و”مفيدة”، لكنه أكد أن بعض المقترحات المطروحة “غير مقبولة”.
وأضافت “أسوشيتد برس” أن أوشاكوف، الذي رافق بوتين في زيارة إلى الهند الجمعة، كرر انتقادات الرئيس الروسي للموقف الأوروبي من محادثات السلام، مشيرة إلى أن حلفاء كييف الأوروبيين يشعرون بالقلق من احتمال توسّع العدوان الروسي خارج أوكرانيا، ويريدون أن يشمل أي اتفاق سلام ضمانات أمنية قوية.
وقال أوشاكوف لقناة Zvezda الحكومية الروسية: “الحلفاء الأوروبيون لأوكرانيا يواصلون طرح شروط غير مقبولة لموسكو”، معتبراً أن الأوروبيين “لا يساعدون واشنطن وموسكو على التوصل إلى تسوية بشأن الملف الأوكراني”.
الوقت حاسم
في سياق متصل، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، الجمعة، إنها بحثت مع المستشار الألماني فريدريش ميرتس الوضع في أوكرانيا وقضية الأصول الروسية المجمدة.
وأضافت فون دير لاين أنها اتفقت مع المستشار الألماني على أن الدعم المالي لأوكرانيا ذو أهمية محورية للأمن الأوروبي، وأن الوقت عامل حاسم في ظل الوضع الجيوسياسي الراهن.
وأشارت رئيسة المفوضية الأوروبية إلى أنها اتفقت مع ميرتس أيضاً على مواصلة المناقشات بهذا الشأن من أجل التوصل إلى توافق في الآراء في اجتماع المجلس الأوروبي المقرر في 18 ديسمبر الجاري.
ضربات متبادلة
وميدانياً، أعلنت وزارة الدفاع الروسية حصيلة الأسبوع الماضي على محاور القتال مع أوكرانيا، قائلة إنها سيطرت بشكل كامل على مدينتي كراسنوارميسك في إقليم دونيتسك وفولتشانسك في مقاطعة خاركيف.
في المقابل، قال الجيش الأوكراني، الجمعة، إنه نفذ ضربات بعيدة المدى خلال الليل في روسيا استهدفت مصفاة نفط في مدينة سيزران وميناء تيمريوك في منطقة كراسنودار.
وأرسل بوتين عشرات الآلاف من الجنود إلى أوكرانيا في فبراير 2022 بعد 8 سنوات من القتال بين انفصاليين مدعومين من روسيا والقوات الأوكرانية في دونباس التي تضم منطقتي دونيتسك ولوجانسك.
وأكدت روسيا مراراً رغبتها في السيطرة على كامل منطقة دونباس في مناقشاتها مع الولايات المتحدة حول اتفاق سلام محتمل لإنهاء الحرب، وأن على الولايات المتحدة الاعتراف بسيطرة موسكو بشكل غير رسمي.
