يبدأ في أيار.. “الجلامة” تقليد للحفاظ على صحة الأغنام بالحسكة
مع قدوم شهر أيار من كل عام، يبدأ جزّ صوف الأغنام في مختلف مناطق تربيتها في سوريا، ويعرف المصطلح المستخدم لعملية الجزّ في ريف القامشلي بموسم بـ”الجلامة”.
يبدأ الموسم عادةً مع اقتراب فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة حرصًا على صحة الأغنام، والتخلص من الصوف الزائد الذي يمكن أن يتسبب لها بمشاكل صحية.
وتبدأ التحضيرات قبل ثلاثة أيام من عملية الجزّ بغسل الأغنام وتنظيفها من الأوساخ المتراكمة خلال الشتاء، والانتظار حتى يجف الصوف تمامًا لتسهيل عملية الجزّ.
طقوس تقليدية
محمد مسعود مربي للماشية في قرية تل معروف بريف مدينة القامشلي، قال ل، إنه وغيره من مربي الماشية في المنطقة يمارسون طقوسًا تقليدية ترتبط بموسم الجزّ.
ويجمع مسعود صوف الأغنام بعد جزّها لاستثمارها أو توزيعها أو استخدامها في المنزل كبديل عن السجاد في فصل الشتاء، وقد يتم إتلافها بسبب قلة الطلب عليها في السوق.
وفق مسعود فهذه العادات والتقاليد التي يتبعها وغيره من مربي الماشية، تمثل جزءًا مهمًا من تراثهم الثقافي، وتتناقل عبر الأجيال.
كما تُعتبر هذه الطقوس أساسية للحفاظ على صحة الأغنام وضمان جودة الصوف.
محسن عبد الجليل مربي ماشية، شرح ل كيفية تنفيذ عملية الجزّ بالطريقة التقليدية.
وتستخدم مقصات خاصة للقيام بهذه المهمة، وتربط قوائم الحيوان لضبط حركته وتسهيل عملية الجزّ.
يؤكد عبد الجليل على أهمية الحرص والمهارة في عملية الجزّ لتجنب إلحاق الضرر بالحيوان، خاصة في مناطق البطن والضرع وغيرها من المناطق الحساسة.
وأشار إلى أنه يتم تجهيز صبغة “اليود” ومحلول الكحول وبخاخات خاصة مسبقاً، لضمان توفرها عند الحاجة والمساعدة في شفاء أي جرح يحدث خلال الجزّ.
هذه الخطوات والتحضيرات التي يقوم بها مربو الماشية تعكس مدى اهتمامهم بصحة وراحة الحيوانات، وجودة الصوف الناتج عن عملية الجزّ.
وفق عبد الجليل، كانت عملية جمع صوف الأغنام محل تسابق بين الأهالي في الماضي، و يستخدم الصوف في صناعة السجاد والأغطية والعديد من مستلزمات المنزل، وتراجع الاهتمام بها في الوقت الحالي نتيجة ظهور المفروشات الجاهزة والبدائل الأخرى.
فؤائد صحية للأغنام
ولعملية جزّ الصوف فوائد عديدة للأغنام، حسبما أشار الطبيب البيطري أحمد عسكر في حديثه ل.
وذكر الطبيب أن الجز يقلل من إصابة الأغنام بالأمراض الجلدية، ويتم التخلص من الأوساخ والطفيليات الخارجية كالقمل والقراد التي قد تتجمع تحت الصوف، مما يحد من انتشار الأمراض ويحافظ على صحة الحيوانات.
بالإضافة إلى ذلك، تساعد عملية جزّ الصوف على تخفيف درجة حرارة جسم الحيوان وتسمح لجلده بالتهوية، ما يجعلها تشعر بالراحة والانتعاش.
كما تسمح هذه العملية أيضًا بتجديد صوف الأغنام، مما يساهم في تحسين جودته ومتانته.
وأشار أحمد عسكر أيضًا إلى أن عملية جزّ الصوف تسهل العناية الصحية بالأغنام، ويمكن للمربين بسهولة تنظيف ومراقبة صحة الحيوانات بعد جزّ الصوف، مما يتيح فرصة اكتشاف أي مشكلة صحية مبكرًا وتطبيق العلاج اللازم.
ويعاني مربو المواشي في سوريا ظروفًا صعبة متعددة، دفعت الكثيرين منهم للتفكير بترك المهنة، سواء بوجود بدائل عن هذه المهنة أو دونها، فباتوا مضطرين لبيع مواشيهم إن توفر من يشتري، أو ذبحها، للتخلص من عبء مصروفها.
قبل عام 2011، كانت الثروة الحيوانية في سوريا مسؤولة عن نحو 40% من إجمالي الإنتاج الزراعي، كما أمّنت فرص عمل لحوالي 20% من القوى العاملة في المناطق الريفية، وفق دراسة لمنظمة “IMMAP” الدولية، نُشرت في أيار 2021.
وكانت نسبة الأسر الريفية في سوريا التي تعتبر تربية الماشية المصدر الرئيس للغذاء والدخل بالنسبة لها تصل بمعدل وسطي إلى حوالي 35%.
الباحث الاقتصادي في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية” محمد العبد الله، قال في وقت سابق ل، إن من أبرز أسباب قضية تراجع الثروة الحيوانية عدم ملاءمة البيئة المحلية الحاضنة لهذا القطاع، في بلد يشهد نزاعًا منذ عام 2011.
وأضاف أن هناك عوامل أخرى أثّرت على عدم الاستمرار في دعم قطاع الثورة الحيوانية، ومنها تراجع مساحات الرعي بشكل كبير، ونفوق أعداد كبيرة من رؤوس الماشية، نتيجة تفشي الأمراض بينها، وارتفاع أسعار الأدوية البيطرية، إلى جانب ارتفاع أسعار الأعلاف، بالإضافة إلى شيوع ظاهرة تهريب الماشية إلى المناطق والدول المجاورة بقصد التربح منها.
مرتبط
المصدر: عنب بلدي