– د. أكرم خولاني

التآزر البصري الحركي هو التناسق بين حركة اليد والعين لإتمام المهام، فيتم من خلاله ضبط حركة العضلات للقيام بمهمة تراها العين، مثل فتح الباب وتناول الطعام والكتابة وغيرها، والتآزر ما بين حاسة البصر والحركات مهارة مهمة في بناء مناحي التطور عند الطفل، لجعل نموه سليمًا، ووجود مشكلة في التآزر يؤدي إلى ضعف الأداء في التعلم، لذلك يعتبر إحدى صعوبات التعلم، كما أنه يمكن أن يؤثر على قدرة الشخص على المشاركة الكاملة في الأنشطة الأكاديمية والاجتماعية والمهنية الروتينية.

لذلك فإن من المهم تشخيص هذه الحالة إن وُجدت لمساعدة الطفل على تجاوزها والتخفيف من آثارها السلبية، فعلى الرغم من أنه لا يوجد دواء لاضطراب التآزر الحركي، بإمكان الأشخاص الذين يعانون من هذه الحالة أن يعيشوا حياة طبيعية ومُرضية إذا تم تشخيص الحالة والبدء بالعلاج بشكل مبكر، حيث يمكن أن يساعد العلاج في التعامل مع الأعراض وتحسين تناسق العضلات وتناغمها، بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يسمح تشخيص اضطراب التآزر الحركي بتحديد احتياجات الطفل وتوفير تعديلات على أسلوب أو أدوات التعليم يشكل موجه لضمان قدرته على الأداء الأكاديمي المناسب.

ما المقصود باضطراب التآزر البصري الحركي؟

اضطراب التآزر البصري الحركي أو “الديسبراكسيا”  (Dyspraxia)هو حالة عصبية تؤثر على قدرة الدماغ على تنسيق المعلومات البصرية مع الحركات الجسدية، مما يسبب صعوبات في مهام مثل الكتابة والرسم والجري والتقاط الأشياء، وقد يؤثر أيضًا على الذاكرة والإدراك ومعالجة المعلومات والقدرات المعرفية الأخرى.

غالبًا ما يتم التعرف على اضطراب التآزر البصري الحركي في مرحلة الطفولة المبكرة عندما يعاني الطفل من تأخر في تحقيق المعالم الحركية الطبيعية، مثل الجلوس والزحف والمشي، وقد تستمر الأعراض إلى سن المراهقة والبلوغ.

لا يؤثر هذا الاضطراب على الذكاء، ويمكن أن يحدث دون أن يكون مصاحبًا لمشكلات أخرى، إلا أنه غالبًا ما يتعايش مع اضطرابات أخرى مثل اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه واضطراب عُسر القراءة والتوحد.

يُعتقد أن اضطراب التآزر الحركي يؤثر في 6 إلى 10% من الأطفال تقريبًا، ويعاني 2% من مرحلة متقدمة من الاضطراب، وغالبًا ما يكون الذكور أكثر عرضة للإصابة بهذه الحالة من الإناث.

ما الأعراض؟

عادة ما تبدأ أعراض اضطراب التآزر الحركي بالظهور في وقت مبكر من الحياة.

لدى الرضع يمكن أن تظهر الأعراض التالية:

اضطراب مزاج: مزاج عصبي وصعوبة تهدئة الطفل منذ الولادة.

صعوبات في التغذية: مشكلات في الرضاعة، حساسية الحليب، مغص.

صعوبات النوم: مشكلات في تعويد الطفل على نظام يومي ويتطلب الطفل طمأنة مستمرة من الأهل.

تأخر التطور الحركي المبكر: صعوبة في الجلوس دون مساعدة والتدحرج من جانب إلى آخر ولا يمر الطفل عادة بمرحلة الزحف.

مستويات عالية من النشاط الحركي: تحريك الذراعين والساقين باستمرار.

في مرحلة الطفولة:

مشكلات التغذية: قد يستمر الطفل في مواجهة مشكلات بالتغذية العادية.

مشكلات اللغة: تأخر النطق والكلام والتعبير عن المشاعر لفظيًا.

تأخر في النمو: قد تظهر بعض التأخرات في النمو، مثل صعوبة التدريب على استخدام المرحاض أو تناول الطعام.

مشكلات في المهارات الحركية الدقيقة: مثل الكتابة، والتقاط الأشياء الصغيرة، والتعامل مع السحابات وربط الأزرار أو رباط الحذاء.

مشكلات في المهارات الحركية الكبيرة: مثل المشي، والجري (سقوط متكرر)، وركوب الدراجة، ورمي الكرة أو التقاطها.

صعوبات بالتنسيق: رفض اللعب بالألغاز أو الألعاب التي تتطلب البناء وقطع التركيب.

في مرحلة البلوع:

عادة ما تستمر مشكلات التنسيق الحركي والذاكرة والإدراك ومهارات الكلام واللغة والتوجيهات التالية والتحكم العاطفي في مرحلة البلوغ، مما يتسبب في صعوبات في التخطيط والتنظيم والتركيز والدقة، وغالبًا ما تكون النتيجة سلوكًا غير منتظم أو اندفاعي، أو ميلًا لتجنب المواقف الجديدة أو غير المتوقعة أو تلك التي تتطلب العمل الجماعي.

ويمكن أن تؤدي هذه المشكلات المستمرة إلى مجموعة متنوعة من المشكلات العاطفية والسلوكية، بما في ذلك الاكتئاب والقلق واضطرابات التوتر وتدني الثقة بالنفس والمخاوف والرهاب والإدمان.

ما الأسباب؟

السبب الدقيق لاضطراب التآزر البصري الحركي غير معروف، لكنه اضطراب عصبي نمائي يظهر في مرحلة الطفولة، ومن بين عوامل الخطر المُسببة لهذه الحالة:

الولادة المبكرة.

انخفاض الوزن عند الولادة.

التاريخ الصحي للعائلة.

تعاطي الكحول أو المخدرات في أثناء الحمل.

كيف يتم التشخيص؟

تعد استشارة الطبيب المختص هي الطريقة الفعالة والصحيحة للتشخيص الصحيح للمرض، والأطباء المختصون المعنيون بهذا المرض هم:

طبيب اختصاصي بأمراض النطق لعسر القراءة بالفم والكلام.

معالج فيزيائي لاضطرابات الحركة.

معالج وظيفي لعسر القراءة الفموي والحركة.

لماذا يحدث الخلط بين اضطراب التآزر الحركي والتوحد؟

لا يُعد اضطراب التآزر البصري الحركي شكلًا من أشكال التوحد، ولكن قد توجد بعض الأعراض المتشابهة بين الحالتين، بما في ذلك تأخر اللغة وعدم القدرة على التعبير عن المشاعر لفظيًا وصعوبة التواصل البصري وصعوبات المعالجة الحسية.

ولكن لن يُحرز الطفل المصاب باضطراب التآزر الحركي الذي تم تشخيصه بشكل خاطئ على أنه مصاب بالتوحد أدنى تقدم في علاجه، لذا يعد التقييم والتشخيص الدقيق أمرًا بالغ الأهمية، علمًا أنه يمكن أن يظهر اضطراب التآزر الحركي بالتزامن مع مرض التوحد أو لوحده.

كيف يمكن علاج هذا الاضطراب؟

لا يوجد علاج دوائي لهذا الاضطراب، ويتم اللجوء إلى العلاج الوظيفي الذي يساعد في تنمية المهارات البصرية الحركية، إضافة إلى استراتيجيات تعليمية محددة لدعم تعلم الطلاب الذين يعانون من هذا الاضطراب.

وقد تختفي أعراض اضطراب التآزر الحركي الخفيفة جدًا بمرور الوقت بالنسبة لبعض الأطفال، ولكن يستمر هذا الاضطراب في التأثير على بعض الأشخاص في سنوات المراهقة والبالغين في معظم الحالات.

وقد تخف الحالة عندما يتقدم الشخص في العمر ويتمتع بقدر أكبر من الاستقلالية والتحكم في حياته وتصبح أعراض اضطراب التآزر الحركي المستمرة أكثر قابلية للإدارة مع وجود خطة علاج فعالة.

في مرحلة الطفولة: يمكن للأهل تشجيع الأطفال على المشاركة في الأنشطة البدنية واللعب الحركي لتقوية العضلات وتحسين التنسيق البدني، وغالبًا ما تساعد الرياضات الفردية مثل السباحة وركوب الدراجات في الحفاظ على نشاط الطفل بدنيًا وتقليل خطر الإصابة بالسمنة.

كما يمكن تشجيع الأطفال على ممارسة نشاطات تساعد في تطوير المهارات الحركية مثل كرة السلة لتحسين التنسيق بين اليد والعين.

ويمكن أن تساعد التعديلات البسيطة مثل استخدام أقلام خاصة أو دروس الخط على علاج هذه الحالة.

في مرحلة المراهقة والبلوغ: قد يجد المراهقون والبالغون المصابون باضطراب التآزر الحركي العلاج الوظيفي مفيدًا لتعلم المهارات اليومية العملية، مثل قيادة السيارة أو الأعمال اليدوية، ويمكن أن يساعدهم العلاج السلوكي المعرفي على تعلم كيفية التخلص من التفكير السلبي الذي ينشأ غالبًا نتيجة التعامل مع الحالات المَرَضية.

المصدر: عنب بلدي

شاركها.