يعمل بالذكاء الاصطناعي.. الصين تختبر محرك طائرات جديد
أنهى فريق من العلماء الصينيين اختبارات أرضية لمحرك نفاث فائق السرعة يمكن أن يعمل على تشغيل طائرة عسكرية عالية السرعة من طراز Blackbird.
وتشتهر طائرة SR-71 Blackbird المقاتلة الأسرع من الصوت بأنها أسرع طائرة عملياتية، إذ تبلغ سرعتها القصوى 3.2 ماخ، كما كانت أسرع طائرة استطلاع تعمل بمحركات نفاثة معروفة بقدرتها على التنقل في الأجواء المعادية بشكل لا مثيل له، وتم إيقاف تشغيلها عام 1999، بحسب موقع EurAsian Times.
ومقياس “ماخ” هو وحدة قياس سرعة الأجسام التي تسير بسرعات فائقة مثل الطائرات النفاثة، ويعادل 1062.17 كيلومتر.
مختبر رائد
وانتهى باحثون في مختبر تايهانج الوطني، أحد أفضل مرافق أبحاث محركات الطيران والفضاء في جنوب غرب الصين، من إجراء اختبارات أرضية لمحرك توربيني يستخدم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي المتطورة ليعمل بثبات وفعالية بسرعة تصل إلى 4 ماخ.
ويعد المختبر رائداً في تحقيق الإنجازات في مجال تكنولوجيا الفضاء الجوي في الصين، ويشتهر بعمله المبتكر على محركات سلسلة تايهانج التي تعمل على تشغيل الطائرات المقاتلة المتطورة مثل J-20 والطائرات المقاتلة الصينية من الجيل التالي.
وقال فريق المشروع، برئاسة الباحث جي تشون شنج، في تقرير نُشر منتصف يناير، إن المحرك يلبي معيار الجيش لتوطين سلسلة التوريد بنسبة 100%.
وفي حين أفادت تقارير بأن الصين تعمل على طائرات ركاب تجارية قادرة على الوصول إلى سرعات تفوق سرعة الصوت وفرط صوتية، فإن هذا هو أول تأكيد على تطوير طائرة عسكرية عالية السرعة في الصين.
وإذا كانت التقارير صحيحة، فإن العلماء الصينيين يكونوا حققوا بالفعل قفزات هائلة في تطوير طائرات فرط صوتية مأهولة.
وطورت الولايات المتحدة طائرة Blackbird للتسلل إلى أراضي العدو سراً في عصر سبق الأقمار الصناعية والطائرات دون طيار.
وكانت الطائرة السريعة قادرة على التحليق بالقرب من حافة الفضاء، بسرعة تصل إلى 3 ماخ ما جعلها تتفوق على صواريخ أرض-جو، والتدابير المضادة الإلكترونية.
وتطمح الصين إلى تطوير طائرة عالية السرعة تكون أسرع وأرخص وأكثر قابلية للتشغيل.
ويهدف المشروع الصيني إلى بناء طائرة أسرع وأكثر تقدماً من الطائرة الأميركية الأسطورية SR-71 Blackbird.
وكانت طائرة الاستطلاع Blackbird قادرة على الوصول إلى سرعات تصل إلى 3.2 ماخ، ولكنها خرجت من الخدمة بسبب تكاليف تشغيلها المرتفعة.
ويتمحور تطوير الطائرة عالية السرعة والمتطورة حول المحرك التوربيني المروحي الذي يشغلها.
محرك نفاث عالي السرعة
ويشبه التصميم ثنائي الوضع للمحرك التوربيني النفاث عالي السرعة في الصين تصميم محرك J-58 الخاص بطائرة Blackbird، وهو محرك توربيني نفاث مزود بحارق لاحق يوفر قوة دفع متزايدة عند السرعات العالية.
وتضغط هذه المحركات الهواء باستخدام التوربينات لتحقيق احتراق فعال عند السرعات المنخفضة، وأثناء التحليق بسرعات عالية، تفتح مدخل هواء إضافي للسماح للهواء بالدخول إلى غرفة الاحتراق مباشرة للحصول على قوة دفع أعلى.
وكان أحد التحديات الرئيسية التي واجهت مصممي المحرك هو اشتراط الجيش الصيني أن يكون أداء الطائرات الصينية الجديدة أفضل من أداء طائرات Blackbird من حيث السرعة وتكلفة التشغيل.
وكشف الفريق الصيني أن بيئة التشغيل الصعبة للمحرك تفرض حداً كبيراً على تردد وأداء وحدات المعالجة المركزية العسكرية المصنعة محلياً.
وأوضح جي وزملاؤه في البحث، أن العلماء الصينيين ابتكروا “نموذجاً متكيفاً معززاً لسرعات ماخ العالية” لتحسين أداء المحرك وجعله يعمل “بذكاء” في أي موقف تشغيلي تقريباً، وتلبية “متطلبات التطبيق الهندسي” الصارمة للجيش.
ولاحظ الفريق الصيني أنهم واجهوا العديد من التحديات في عملية التطوير.
تفاوت في البيانات
وكانت إحدى المشكلات البارزة هي التفاوت بين تقدير الكمبيوتر الموجود على متن الطائرة لحالة المحرك والوضع الحقيقي، وهو ما قد يكون له تأثير كبير على التحكم في المحرك.
وقال الفريق الصيني إنه في التطبيقات العملية، هناك انحراف بين الناتج المقدر للنموذج الموجود على متن الطائرة في الوقت الفعلي والناتج الحقيقي.
ويرجع هذا في الغالب إلى أن عدم اليقين في التصنيع والتركيب يتسبب في انحراف أجزاء المحرك، ولو قليلاً، عن قيم التصميم، فضلاً عن احتمالية تدهور أداء المكونات أيضاً بمرور الوقت.
ومثالاً، كانت تسربات زيت المحرك الناتجة عن اتساع المسافات بين المكونات مشكلة شائعة في Blackbird، وهي مشكلات ربما تخدع الكمبيوتر.
وتحسنت دقة التصنيع ومراقبة الجودة بشكل كبير منذ عصر Blackbird. وأجرى فريق جي الصيني العديد من الدراسات لجمع بيانات الأخطاء واستخدامها لزيادة دقة النموذج.
وابتكر العلماء خوارزمية ذكاء اصطناعي فريدة من نوعها تسمح للمعالجات العسكرية بإجراء عمليات حسابية معقدة بسرعة.
وأثبتت الاختبارات الأرضية قدرة المحرك على العمل بثبات وفعالية لفترات طويلة.
وقال فريق جي، إنه يمكن للنموذج تتبع وتقدير خصائص المحرك ومعايير الصحة عبر الإنترنت في الوقت الفعلي بدقة عالية، ما يثبت قيمة التطبيق الهندسي العالية.
منافسة مع الغرب
وتعتبر الصين في كثير من الأحيان متأخرة عن الغرب في تكنولوجيا محركات الطائرات النفاثة، إذ لا توجد أي طائرة مدنية لديها محركات منتجة محلياً.
وحقق العلماء والمهندسون في الصين تقدماً كبيراً في العديد من التقنيات الحاسمة، بما في ذلك إدارة الحرارة، ومواد الشفرات الجديدة، وتصميم المحرك وتصنيعه بشكل عام.
وأدى قرار الحكومة الصينية بفرض ضوابط التصدير على تكنولوجيا مكونات محركات الطائرات ومعدات التصنيع، العام الماضي، إلى جانب رحلات الاختبار العامة الأخيرة لطائرتين مقاتلتين من الجيل السادس إلى تأجيج التكهنات بأن صناعة الطيران والفضاء في الصين على وشك القفز إلى “المركز الرائد”.
وكشفت شركة صينية، أخيراً، عن النموذج الأولي لطائرة نقل تجارية تفوق سرعة الصوت من الجيل التالي، والتي يمكنها السفر بسرعة 4 ماخ، أي ضعف سرعة طائرة Concorde.
ووفقاً لصحيفة Global Times الحكومية الصينية، فإن الطائرة تنطلق في رحلتها الأولى عام 2026.
وفي الوقت نفسه، تعمل الولايات المتحدة أيضاً على طائرة تجارية تفوق سرعة الصوت وهي X-59 والتي تشكل جزءاً من برنامج Quesst التابع لوكالة NASA، ويمكن أن تصبح أسرع من الصوت دون توليد دوي صوتي أو صوت قوي يشبه الرعد عندما تسافر بسرعة أكبر من سرعة الصوت.