12 شخصية ترسم مشهد الذكاء الاصطناعي العالمي في 2025
لا يمكن تجاهل حجم الاهتمام الذي حظي به الذكاء الاصطناعي خلال 2024، ومن أبرز نماذج السوق المجسدة لديناميكية القطاع سهم “إنفيديا” الذي ارتفع بنسبة 173.5%.
مع الاقتراب من دخول العام الجديد، تشير خريطة قطاع الذكاء الاصطناعي إلى عدد محدود من الشخصيات المؤثرة، خصوصاً أن تطويره والريادة فيه، يتطلبان استثمار مبالغ ضخمة، بموازاة التفوق التكنولوجي والإبداعي.
في ما يلي أبرز الأسماء التي ساهمت في تطوير هذا القطاع، والتحديات التي يمكن أن يواجهوها مع الدخول إلى 2025.
جنسن هوانج
لا يمكن بناء ذكاء اصطناعي من أي نوع كان من دون الرقائق، وهنا يأتي دور “إنفيديا” ومؤسسها جنسن هوانج، إذ باتت الشركة أكبر مصنعي الرقائق قيمة في العالم، وثالث أكبر شركة من حيث القيمة السوقية، بعد “أبل” و”مايكروسوفت”.
لكن مسيرة الشركة ليست وردية تماماً، إذ بات المستثمرون يركزون أكثر في العوائد المتوقعة من الاستثمارات الضخمة التي تضخها شركة التكنولوجيا المهيمنة على القطاع، خصوصاً وسط تداول أسهمها حالياً عند 32 ضعف أرباحها المتوقعة للاثني عشر شهراً المقبلة.
ظهر هذا التدقيق جلياً خلال إعلان الشركة لتوقعاتها للربع الرابع، والتي جاءت دون أعلى تقديرات المحللين، ما يشير إلى أن مسيرة النمو المذهلة المدعومة بالذكاء الاصطناعي لها حدود.
هذا الواقع يعني أن العام المقبل سيشهد زيادة في التدقيق بشأن العوائد والإيرادات، خصوصاً مع مواصلة الشركة بناء الشراكات والاستمرار في الإنفاق الاستثماري الضخم، بينما العائد على هذا الاستثمار ليس واضحاً بعد.
سام ألتمان
تماماً كشركة “إنفيديا”، حصدت شركة OpenAI اهتماماً ضخماً، خصوصاً بعد إطلاقها ChatGPT.
تعيد الشركة الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي النظر في وضعها كمؤسسة غير ربحية، مع سعيها لجمع تمويل بنحو 6.5 مليار دولار، ما قد يضاعف تقييمها إلى 150 مليار دولار، إضافة إلى مناقشة منح الرئيس التنفيذي سام ألتمان حصة من الأسهم.
لكن ألتمان سيدخل العام الجديد في ظل تحديات تعصف بشركته. أبرز هذه التحديات تتمثل في إقناع المستهلكين بدفع رسوم أعلى لقاء الخدمات التي تقدمها الشركة، بالتزامن مع زيادة حجم المنافسة من الشركات الأخرى التي لديها نماذج لغوية ضخمة، مثل “أنثروبيك”.
ولهذه الغاية، أطلقت الشركة مؤخراً العديد من المنتجات الجديدة التي تهدف إلى تنويع شبكة العملاء، في محاولة لاقتناص أكبر قدر من الحصة السوقية قبل التحول إلى شركة تسعى للربح.
إيلون ماسك
بات بالإمكان إقحام اسم إيلون ماسك في كل شيء تقريباً، فهو مؤسس عدة شركات ضخمة من بينها “تسلا” و”سبيس إكس” و”نيورالينك”، كما أنه اشترى مؤخراً “تويتر” وقام بتحويله إلى “إكس”.
ماسك الذي بات مستشاراً رئيسياً للرئيس المنتخب دونالد ترمب، يُعتبر أحد كبار اللاعبين في مجال الذكاء الاصطناعي منذ سنوات، فقد كان من أوائل المستثمرين في شركة “ديب مايند” (DeepMind) التابعة لـ”جوجل”، وشارك في تأسيس “أوبن إيه آي” (OpenAI)، ويدير حالياً شركة “إكس إيه آي” (xAI)، التي جمعت أكثر من 6 مليارات دولار لبناء نماذج قوية للذكاء الاصطناعي.
نما على عكس اللاعبين الآخرين في مجال الذكاء الاصطناعي، فإن ماسك يُعتبر الأكثر تشاؤماً. إذ شارك في تأسيس “أوبن إيه آي” في 2015 لأنه كان قلقاً من استحواذ “جوجل” على “ديب مايند”، ثم عاد واختلف مع OpenAI، ورفع دعوى قضائية ضد الشركة.
مسيرة ماسك في العام المقبل ستكون وعرة على عدة جوانب. أحد هذه الجوانب يتمثل في آفاق نمو شركته للذكاء الاصطناعي في ظل منافسين قطعوا شوطاً كبيراً في هذا المجال، بالإضافة إلى تموضعه السياسي الذي يمكن أن يحرمه من الكثير من الاستثمارات، تماماً كما حدث مع “تويتر” بعد الاستحواذ عليه، إذ أدت سياساته والتغييرات التي أجراها، إلى مقاطعة المعلنين للمنصة.
ساندر بيتشاي
الرئيس التنفيذي لشركة “جوجل” ساندر بيتشاي يُعتبر أحد الفاعلين الرئيسيين في مجال الذكاء الاصطناعي.
يحاول الرجل الذي تسلم مهامه في 2015، تطوير الشركة وأنظمتها لتواكب التحديات المقبلة التي يتوقع أن تشهدها.
ظهر هذا النهج بوضوح خلال الأشهر الماضية، إذ أعلنت الشركة عن حاسوب “ويلو” الجديد الذي اعتبرت أن بمقدوره حل “مسائل مستحيلة”، كما تنوي “ديب مايند” التي استحوذت عليها “جوجل” في 2014، إنفاق ما يصل إلى 100 مليار دولار على تطوير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي. الشركة أعلنت أيضاً عن شراكة مع “أنثروبيك”، رغم أن الصفقة تواجه خطر التعثر بسبب تحقيق حكومي في الصفقة.
يواجه بيتشاي حالياً تحديات أكثر خطورة من حجم الاستثمار والعائد عليه أو حتى من نتائج التحقيق، إذ يشهد نموذج الأعمال الأساسي للشركة، أي البحث، تهديداً من روبوتات الدردشة بالذكاء الاصطناعي.
جيف بيزوس
انضم مؤسس “أمازون” جيف بيزوس إلى فورة الذكاء الاصطناعي، إذ ضخت شركته أكثر من 8 مليارات دولار في شركة الذكاء الاصطناعي “أنثروبيك”. كما استغلت الشركة علاقتها الوثيقة مع “أنثروبيك” ونموذج الذكاء الاصطناعي الخاص بها “كلود”، ودمجته في بعض خدماتها.
في أغسطس الماضي، أعلنت الشركة أنها تخطط لمواصلة الإنفاق الكبير على الذكاء الاصطناعي، حتى على حساب الأرباح قصيرة الأجل، وهو ما محا 21 مليار دولار من ثروة بيزوس آنذاك.
هذا الواقع يترك بيزوس أمام تحدٍ رئيسي يتمثل في كيفية دمج أنظمة الذكاء الاصطناعي بأنظمة شركاته الخاصة، بدءاً من الخدمات السحابية، وصولاً إلى المبيعات في “أمازون ويب”، بالإضافة إلى ضرورة تبرير الاستثمارات الضخمة على هذه التكنولوجيا، والتي لم تحقق بعد العوائد المرجوة منها.
تيم كوك
دخلت شركة “أبل سباق الذكاء الاصطناعي متأخرة عن أقرانها، إذ أطلقت الشركة، بقيادة تيم كوك، مؤخراً “أبل إنتليجنس” (Apple Intelligence) الذي طال انتظاره. في سبتمبر الماضي، طرحت الشركة طرازها الجديد “أيفون 16″، إلا أنه لم يكن مزوداً بخاصية الذكاء الاصطناعي.
تدخل الشركة العام الجديد وسط تحدٍ يواجهه رئيسها التنفيذي تيم كوك يتمثل في إقناع المستهلكين بضرورة التغيير إلى أحد طرازاتها، بالإضافة إلى إقناعهم بأن خاصية الذكاء الاصطناعي لدى الشركة تتفوق على أقرانها.
ومع أن “أبل” تسوّق بقوة لهذه الميزات الجديدة، لكن بعض المستهلكين قد يترددون في شراء الهواتف الجديدة إذا لم يحصلوا منها على استفادة فورية. وفي الوقت نفسه، تقدم هواتف “أيفون” الجديدة تحسينات بسيطة مقارنةً بالإصدارات السابقة، حيث يتمثل أبرز التغييرات في زر تحكم حساس للمس يسهّل التقاط الصور ومقاطع الفيديو.
ديف زينسنر
لطالما كانت “إنتل” إحدى الشركات الكبرى في مجال صناعة الرقائق، لكن الشركة بدأت خلال الفترة الماضية بمواجهة مشكلات خطيرة أدت إلى إقالة الرئيس التنفيذي بات جيلسنجر، ليحل محله مؤقتاً المدير المالي ديف زينسنر.
الصعوبات التي تواجهها “إنتل” في مجاراة منافسيها، إلى جانب تدهور وضعها المالي، أثارت تكهنات بأن الرئيس التنفيذي القادم قد يجري تغييرات واسعة، منها فصل عمليات التصنيع عن تصميم المنتجات.
تعاني “إنتل” أيضاً في مجال مسرّعات الذكاء الاصطناعي، حيث تهيمن “إنفيديا” على الميدان. وأقرّت مسؤولة بالشركة، في ديسمبر، بأن رقائق “غاودي” التي تنتجها “إنتل” صعبة الاستخدام. منوّهةً بأن الشركة تعكف حالياً على تطوير رقائق رسومات عامة أوسع نطاقاً، ربما لن تكون الأفضل في البداية، لكن سيجري تحديثها سريعاً لتحسين أدائها وجعلها قادرة على المنافسة.
سي سي وي
تُعتبر شركة “تايوان سيميكونداكتور مانوفاكتشورينغ” (TSMC) من اللاعبين المؤثرين في هذا المجال أيضاً. هذه المكانة تضع رئيسها التنفيذي سي سي وي بمواجهة تحديات عدّة.
لا تُعتبر هذه التحديات مرتبطة بشكل كبير بالصناعة، لكنها أقرب لصعوبات جيوسياسية نظراً إلى وجود إحدى أكبر شركات تصنيع الرقائق في العالم في تايوان، التي تعتبرها الصين جزءاً لا يتجزأ من أرضها.
الصين واحتمال غزو تايوان ليس الخطر الوحيد الذي تواجهه الشركة، إذ تمثل عودة الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى سدة الرئاسة الأميركية تحدياً إضافياً، خصوصاً أنه يحاول إعادة صناعة الرقائق إلى الولايات المتحدة، وتخفيف عجز بلاده التجاري مع غالبية دول العالم.
وتُعدُّ “تايوان سيميكونداكتور مانوفاكتشورينغ” الشركة المصنعة المعتمدة من قبل “أبل” و”إنفيديا”، وتنتج حوالي 99% من معالجات الذكاء الاصطناعي عالمياً.
في محاولة للتخفيف من هذا التحدي، لجأت الشركة إلى بناء مصانع جديدة في أريزونا واليابان وألمانيا. وذكرت “بلومبرغ” أن الشركة حققت عوائد إنتاجية أولية في مصنعها الأول بولاية أريزونا الأميركية تتجاوز نظيراتها في مصانع تايوان.
مارك زوكربيرج
تعتمد شركة “ميتا” بشكل مكثف على الذكاء الاصطناعي، لكنها عكس غيرها من الشركات، تمكنت من الاستعانة بهذه التقنيات في نظام عملها الأساسي، ما حقق لها كفاءة أعلى من منافساتها التي تعمل على تطوير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.
في أكتوبر الماضي، توقعت شركة “ميتا” مبيعات ربع سنوية أقوى من المتوقع، قائلة إن الاستثمارات الكبيرة للشركة في الذكاء الاصطناعي ساعدت أيضاً في تحسين أعمالها الإعلانية الأساسية.
كما أعلنت الشركة أيضاً عن “موفي جن” وهو أداة توليد فيديو بالذكاء الاصطناعي، في خطوة تشكل تحدياً لكل من “جوجل” و”أوبن إيه آي”.
في السنوات الأخيرة، كانت “ميتا” تحاول الموازنة بين الاستثمارات الضخمة في تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي، ومن جانب آخر، الحرص على نمو أعمالها الأساسية في الإعلانات الرقمية.
التحدي الأكبر الذي قد يشهده زوكربيرج، يتمثل في الأزمة التي تشهدها في أوروبا نتيجة قانون الأسواق الرقمية الصادر مؤخراً، خصوصاً بعدما فرض الاتحاد الأوروبي في نوفمبر غرامة قدرها 798 مليون يورو (841 مليون دولار) على الشركة بسبب ربطها خدمة “فيسبوك ماركت بليس” (Facebook Marketplace) بمنصة التواصل الاجتماعي الشاملة التابعة لها، في ما يُعد أول عقوبة من نوعها لشركة التكنولوجيا الأميركية العملاقة لانتهاك قوانين مكافحة الاحتكار في الاتحاد الأوروبي.
يأتي هذا القرار بعد تحقيق حول استغلال “ميتا” لمليارات المستخدمين في “فيسبوك” لإقصاء المنافسين. أشارت هيئات الرقابة في الاتحاد الأوروبي إلى أن “ميتا” استخدمت أيضاً بيانات من منصات منافسة تعلن على “فيسبوك” لتعزيز خدمة “ماركت بليس” الخاصة بها.
ماسايوشي سون
لطالما كان ماسايوشي سون رئيس مجموعة “سوفت بنك” معجباً بالذكاء الاصطناعي، ففي أكتوبر الماضي توقع أن تحقق الشركات التي تستثمر بالذكاء الاصطناعي الفائق أرباحاً بنسبة 50% من استثماراتها في القطاع الجديد، مؤكداً سعي شركته للحصول على نصيب من تلك الأرباح مستقبلاً.
مجموعة “سوفت بنك”، التي تتخذ في طوكيو مقراً لها من أكبر مستثمري التكنولوجيا في العالم، وأكد سون أن شركة “آرم هولدينغز” المملوكة بحصة أغبية لمجموعته ستضطلع بدور محوري في تصنيع رقائق الذكاء الاصطناعي.
لكن سون سيدخل العام الجديد واضعاً “إنفيديا” نصب عينيه. ونقلت “بلومبرغ” عن أشخاص مطلعين أن سون يطمح لأن تطور شركته “آرم” شريحة خاصة بها، وبالتالي تحصل على جزء من عشرات المليارات التي يتم إنفاقها على أجهزة الذكاء الاصطناعي.
رن تشنج
الرئيس التنفيذي لشركة “هواوي” رن تشنج قد يعود مجدداً إلى الصورة، خصوصاً أن الشركة التي تستثمر بكثافة في الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات، عانت كثيراً منذ ولاية ترمب الأولى، ولكنها تمكنت من الوقوف مجدداً وتحقيق نتائج مبهرة، وهو ما قد يثير غضب ترمب العائد إلى البيت الأبيض.
كما تواجه طموحات “هواوي تكنولوجيز” لصناعة رقائق ذات إمكانيات أقوى للذكاء الاصطناعي والهواتف الذكية عقبات رئيسية نتيجة للعقوبات الأميركية الحالية. إذ إن تصميم “هواوي” لمعالجيها المقبلين من طراز “أسيند” (Ascend)، اللذين يمثلان رد الشركة على معالجات “إنفيديا” المهيمنة على السوق، يستند إلى نفس تكنولوجيا 7 نانومتر السائدة منذ سنوات، وذلك لأن العقوبات التي تقودها الولايات المتحدة تمنع شركاء هواوي في تصنيع الرقائق من شراء أحدث نظم الطباعة الحجرية بالأشعة فوق البنفسجية القصوى من شركة “إيه إس إم إل هولدينغ”.
هذا يعني أن رقائقها الرئيسية ستواصل الاعتماد على تكنولوجيا متقادمة حتى 2026 على الأقل.
روبن لي
في السنوات القليلة الماضية، عمل روبن لي والشركة التي يرأسها “بايدو” على المساهمة في بناء قطاع الذكاء الاصطناعي في الصين.
أصبحت الشركة التي تأسست عام 2000، أحد اللاعبين الرئيسيين في هذا المجال، إذ سبق وطورت مشاريع مرتبطة بالحوسبة السحابية وأخرى بالسيارات ذاتية القيادة، كما أن الشركة لديها برنامج لغوي ضخم شبيه بـ ChatGPT.
ولكن التحدي أمام روبن لي لا يختلف عما تواجهه الشركات الصينية العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي، والذي يتمثل في الموازنة بين تطوير المزيد من التقنيات والبرامج لريادة هذا القطاع عالمياً في ظل تباطؤ اقتصادي، بالتزامن مع عدم إثارة غضب ترمب، ما يدفعه لفرض عقوبات على هذه الشركات.
القطاع أمام امتحانين
القطاع بأكمله يدخل العام الجديد وهو أمام امتحانين، الأول إثبات أن الاستثمارات الضخمة التي تم ضخها في غالبية مفاصل القطاع مبررة، وستؤتي ثمارها ولو بعد حين، خصوصاً في ظل التقييمات المفرطة لأسهم أكبر الشركات العاملة في القطاع.
أما الامتحان الثاني، فيتمثل في مدى قدرة هذا القطاع على اجتياز الألغام الجيوسياسية في طريقه، خصوصاً مع وصول ترمب إلى سدة الرئاسة.