مع استمرار المواجهة بين إسرائيل وإيران والتي دخلت يومها السابع، واتساع رقعة الضربات المتبادلة، قدمت وحدة الاستخبارات الاقتصادية (EIU) ثلاثة سيناريوهات محتملة لتطوّر النزاع بين طهران وتل أبيب، تتأرجح بين احتواء النظام الإيراني دون إسقاطه، أو إسقاطه كلياً، أو استمراره بشكل أقوى مع تعزيز نفوذ الحرس الثوري.
ومنذ بدء الضربات الإسرائيلية على طهران، قبل نحو الأسبوع، أطلقت إيران 400 صاروخ باليستي، ومئات الطائرات المسيرة على إسرائيل.
وبدأ الجيش الإسرائيلي هجومه على إيران، بهدف معلن هو القضاء على برنامجها النووي وبرامج الصواريخ الباليستية. وردت إيران، التي تصر على أن برنامجها النووي مخصص لأغراض سلمية، بهجمات صاروخية على إسرائيل.
احتواء النظام الإيراني دون إسقاطه
أول السيناريوهات؛ هو احتواء النظام الإيراني دون إسقاطه، وهو توقع تصل نسبته إلى 50%، بحسب تقرير وحدة الاستخبارات الاقتصادية، وهي مجموعة بحثية تابعة لمجلة “الإيكونوميست”، مع تجميد برنامج إيران النووي تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وتشير الوحدة، إلى أن الأهداف الإسرائيلية قد تتحقق جزئياً، وقد يتراجع التهديد دون أن يزول، فيما سيظل النظام الإيراني قائماً، لكنه سيضعف داخلياً.
وبشأن الدور الأميركي خلال هذه المرحلة، تشير الوحدة الاستخباراتية، إلى أنه سيتركز بالأساس على قيادة الوساطة الدبلوماسية مع تنفيذ العقوبات، متوقعة أن تشهد أسواق النفط بعض الاضطرابات مع ارتفاع مؤقت في الأسعار، ثم استقرار سريع، فيما سيظل مضيق هرمز مفتوحاً وآمناً تحت المراقبة العسكرية.
وعلى المستوى الداخلي في إيران، تشير وحدة الاستخبارات الاقتصادية التابعة لمجلة “الإيكونوميست”، إلى أن طهران ستشهد اضطرابات مدنية وضغوط على النظام لتقديم إصلاحات، فيما ستستمر التهديدات عبر الوكلاء “حزب الله” في لبنان، و”الحوثيين” في اليمن، ولكن تلك التهديدات ستكون “تحت السيطرة”، وفق تقييم الوحدة، كما أن مخاطر الانتشار النووي ستظل تحت السيطرة عبر دور فاعل لوكالة الطاقة الذرية.
إسقاط النظام الإيراني كلياً
أما السيناريو الثاني، فيتثمل في سقوط النظام الإيراني بالكامل، وهو توقع تصل نسبته إلى 40%، حيث سيتم تفكيك كامل البنية التحتية النووية، مع انهيار السلطة وحدوث فراغ سياسي، ما يعني تحقيق الأهداف الإسرائيلية، حيث تصير إيران بدون نظام سياسي ولا سلاح نووي ولا وكلاء، بحسب تقرير (EIU).
وخلال هذه المرحلة ستقود الولايات المتحدة، وفق الوحدة، استراتيجية لمرحلة ما بعد سقوط النظام الإيراني، في ظل اضطراب حاد في أسواق النفط يليه استقرار تدريجي، مع تعرض مضيق هرمز لعطل قصير قبل أن يعود للخدمة بإشراف دولي.
وعلى المستوى الداخلي في إيران، تشير وحدة الاستخبارات الاقتصادية، إلى أن طهران ستشهد خلال هذه المرحلة، اضطرابات سياسية وفوضى وتحولات حكومية انتقالية، مع تلاشي التهديدات عبر الوكلاء، وهو ما سيمثل نصراً استراتيجياً وتحولاً في النظام الاقليمي، لكن مع استمرار حالة عدم اليقين بسبب احتمالات التفكك الداخلي.
استمرار النظام الإيراني
وفي ما يخص السيناريو الثالث، الذي يتمثل في استمرار النظام الإيراني وتقويته مع تعزيز نفوذ الحرس الثوري، فإن ذلك يعني فشل إسرائيل في تحقيق أهدافها الاستراتيجية وتزايد التهديدات الوجودية. وستحاول الولايات المتحدة خلال هذه المرحلة احتواء هذه التهديدات، بحسب التقييم.
ومع انتهاء الحرب وفشل إسقاط النظام الإيراني، ستشهد أسواق النفط اضطرابات خطيرة، مع ارتفاع حاد ومستدام؛ حيث ستتجاوز الأسعار 120–150 دولاراً للبرميل، مع إغلاق مضيق هرمز أو تعطيله بالكامل.
وتشير وحدة الاستخبارات الاقتصادية التابعة لمجلة “الإيكونوميست”، إلى أن مخاطر الانتشار النووي ستظل خلال هذه المرحلة، مرتفعة؛ مع احتمالية دخول السعودية وتركيا في السباق النووي، بحسب التقييم، فيما ستحاول إيران ترسيخ النزعة القومية وتشديد قبضة الحرس الثوري.
وبشأن التهديدات عبر الوكلاء، فستظل نشطة للغاية، ما سيمثل خطراً على النظام الدولي، مع استمرار حالة عدم اليقين مرتفعة بسبب مخاطر التسلح النووي والتصعيد العسكري، بحسب تقديرات وحدة (EIU).
ويرجّح التقرير أن يكون السيناريو الأول، (احتواء النظام الإيراني دون إسقاطه) هو المسار الأكثر واقعية، حيث يحقق توازناً نسبياً بين الردع الدبلوماسي والاستقرار الإقليمي، دون إحداث فراغ سياسي أو تصعيد كارثي.
أما السيناريو الثاني فيمنح انتصاراً استراتيجياً واضحاً لإسرائيل والغرب، لكنه محفوف بمخاطر الفوضى وانعدام طويل الأمد للاستقرار.
في المقابل، يشكل السيناريو الثالث، في حال وقوعه، أكبر التهديدات الممكنة للأمن الإقليمي والدولي، مع دخول منطقة الشرق الأوسط مرحلة سباق تسلح نووي غير مسبوقة، بحسب التقييم.