مرّ أسبوع على الهدنة بين إسرائيل وإيران التي أعلنتها الولايات المتحدة، وأنهت حرباً استمرت 12 يوماً، وأثارت توتراً شديداً في الشرق الأوسط والعالم.
ولا يزال السلام الذي توسطت فيه واشنطن بعد يوم واحد فقط من قصفها 3 مواقع نووية رئيسية في إيران بقنابل خارقة للتحصينات تزن 30 ألف رطل (نحو 13.6 ألف طن)، صامداً، لكن الكثير من القضايا لا تزال غير محسومة، بحسب “أسوشيتد برس”.
ولا يزال من غير الواضح مدى الضرر الذي لحق ببرنامج إيران النووي، وسط تأكيدات أميركية بتدميره، مقابل تشكيك إيراني، كما أن آفاق استئناف محادثات السلام بين واشنطن وطهران تبدو غامضة.
وقالت الوكالة: “يبقى السؤال مطروحاً بشأن ما إذا كان الرئيس الأميركي دونالد ترمب سيتمكن من استثمار هذا الوضع لدفع حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وحركة “حماس” نحو اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، ما قد يمهد لإنهاء الحرب المستمرة في غزة منذ 20 شهراً.
وفي ما يلي أبرز الأسئلة التي لا تزال دون إجابة:
1 – إلى أي مدى تضرر البرنامج النووي الإيراني؟
يقول ترمب إن الأهداف الثلاثة التي استهدفتها الضربات الأميركية “دُمّرت تماماً”، بينما أعلن وزير دفاعه أنها “أُبيدت”.
لكن تقريراً أولياً صادراً عن وكالة الاستخبارات الدفاعية الأميركية، أفاد بأن الضربات ألحقت أضراراً كبيرة بمنشآت “فوردو” و”نطنز” و”أصفهان”، لكنها لم تدمر المنشآت بالكامل.
وقال مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل جروسي، في مقابلة مع برنامج Face the Nation على شبكة CBS، الأحد، إن المواقع الإيرانية الثلاثة التي تضم قدرات لمعالجة وتحويل وتخصيب اليورانيوم “تضررت بشكل كبير”، لكنه استدرك أن “بعض هذه المنشآت لا يزال قائما”، محذراً من أن إيران “إذا أرادت، فبإمكانها استئناف نشاطها مجدداً”.
وأوضح أن تحديد حجم الضرر الكامل يعتمد على سماح إيران للمفتشين بالدخول إلى المواقع.
2 – كيف ستبدو العلاقات المستقبلية بين الولايات المتحدة وإيران؟
بعد التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار، تحدث ترمب عن إمكانية تخفيف العقوبات القاسية التي فُرضت على طهران لعقود، وتوقع أن تتحول إيران إلى “دولة تجارية عظيمة” إذا تخلت بشكل نهائي عن برنامجها النووي.
لكن أجواء التصالح لم تدم طويلاً، إذ أعلن المرشد الإيراني علي خامنئي، في أول ظهور علني بعد الهدنة، أن طهران وجّهت “صفعة على وجه أميركا”، فرد عليه ترمب قائلاً إن على “خامنئي الاعتراف بأن إيران تلقت ضربات مدمرة”، وأعلن أنه قرر التراجع عن أي مراجعة فورية لتخفيف العقوبات بسبب تصريحات خامنئي التي وصفها بأنها تصعيدية.
وبحسب مسؤولين في البيت الأبيض، بدأت بالفعل محادثات أولية بين الولايات المتحدة وإيران بشأن استئناف المفاوضات التي توقفت مع بدء الضربات الإسرائيلية، لكن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قال إنه “لا يوجد أي اتفاق حتى الآن لاستئناف المحادثات”.
ولا تزال هناك شكوك بشأن ما إذا كانت القيادة الإيرانية مستعدة للجلوس إلى طاولة التفاوض بعد فترة قصيرة من انتهاء القتال، خصوصاً في ظل إصرار ترمب على أن تتخلى إيران عن تخصيب اليورانيوم حتى لأغراض مدنية.
وبدت تصريحات ترمب متضاربة بشأن مدى التزامه بالمفاوضات، إذ قال خلال مؤتمر صحافي في قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، الأربعاء: “ربما نوقع اتفاقاً، لكني لا أعتقد أن الأمر ضروري جداً”.
3 – ما الدور الذي سيلعبه المرشد الإيراني؟
تزايدت التساؤلات بشأن مدى انخراط خامنئي في إدارة العلاقات مع الولايات المتحدة، وفي كيفية رد إيران على الضربات الأميركية والإسرائيلية، خاصة مع تقدمه في السن وظهوره بمظهر متعب مؤخراً.
لكن رغم أنه قضى الأسابيع الماضية في مخبأ تحت الأرض مع تصاعد التهديدات ضد حياته، لا توجد مؤشرات على أن خامنئي لا يزال يمسك بزمام السلطة الكاملة على المؤسسة العسكرية والحكومية الإيرانية.
خامنئي، الذي يحكم منذ أكثر من 3 عقود، بزيادة 3 مرات أكثر من فترة حكم سلفه روح الله الخميني، لعب دوراً محورياً في تشكيل حياة أكثر من 90 مليون إيراني.
وعزز نظام حكم رجال الدين (الملالي) الشيعة، ما رسخ مكانته لدى التيار المحافظ والمتشدد كسلطة لا تُعلى عليها، وفي الوقت نفسه، عمل على تحويل الحرس الثوري إلى القوة العسكرية والسياسية المهيمنة داخل إيران.
4 – كيف يمكن أن ترد إيران؟
الهجمات الصاروخية التي شنتها إيران على قاعدة أميركية في قطر، رداً على القصف الأميركي، قللت منها واشنطن ووصفتها بأنها مجرد محاولة لحفظ ماء الوجه، إذ كانت القوات الأميركية على علم مسبق بها، وتصدت لها بسهولة.
مع ذلك، تبقى إيران مصدر تهديد مستمر، خاصة عبر الهجمات السيبرانية، فالقراصنة المدعومون من طهران سبق أن استهدفوا مصارف أميركية، وشركات دفاع، وشركات عاملة في قطاع الطاقة، لكنهم حتى الآن لم يتسببوا باضطرابات واسعة في البنية التحتية الحيوية أو الاقتصاد.
وأصدرت وزارة الأمن الداخلي الأميركية، الأسبوع الماضي، نشرة تحذيرية عامة بشأن تصاعد التهديدات السيبرانية الإيرانية، كما حثت وكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية الأميركية، الشركات التي تدير منشآت حيوية مثل شبكات المياه وخطوط الأنابيب ومحطات الطاقة، على رفع مستوى اليقظة.
5 – هل ستصمد الهدنة بين إيران وإسرائيل؟
لا يزال السلام هشاً للغاية، وفور انتهاء الضربات الأميركية، اتصل ترمب برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وأبلغه بشكل واضح ألا يتوقع أي عمل عسكري أميركي إضافي، بحسب مسؤول كبير في البيت الأبيض رفض الكشف عن اسمه نظراً لحساسية المحادثات الدبلوماسية.
لكن نتنياهو، رغم موافقته على الصفقة، أوضح أن إسرائيل ستعاود الضرب “إذا حاول أي طرف في إيران إعادة إحياء هذا المشروع”، في إشارة إلى البرنامج النووي.
وجاء اتفاق وقف إطلاق النار دون أي التزام من طهران بتفكيك برنامجها النووي، بل إن خامنئي قال إن الضربات “لم تحقق شيئاً ذا قيمة” في ما يتعلق بمنشآت إيران النووية.
مع ذلك، أعرب ترمب عن ثقته بأن إيران لا تفكر، في الوقت الراهن، في استئناف برنامجها النووي، وقال: “آخر ما يشغلهم الآن هو تخصيب اليورانيوم”.
لكن ترمب توقع من إيران أن تسمح للمفتشين الدوليين بالوصول للتحقق من أنها لا تستأنف برنامجها النووي، سواء عبر الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة أو أي جهة أخرى “نحترمها، بما في ذلك أنفسنا”، على حد تعبيره.
6 – هل سيتمكن ترمب الآن من الضغط على نتنياهو بشأن غزة؟
اتخذ الرئيس الأميركي مخاطرة كبيرة عندما قرر توجيه ضربات إلى المنشآت النووية الإيرانية، فهو وعد، عندما كان مرشحاً في الانتخابات الرئاسية، بإنهاء سريع للحرب الروسية في أوكرانيا، وللنزاع بين إسرائيل و”حماس” في غزة، لكنه حتى الآن فشل في تحقيق حل لأي منهما، كما تعهد أيضاً بإبقاء القوات الأميركية بعيداً عن الصراعات الخارجية.
لكن بعد أن قدم دعماً عسكرياً مباشراً لإسرائيل من خلال ضرب إيران، أصبح ترمب، في محادثاته الأخيرة مع نتنياهو وعدد من قادة العالم، واضحاً في أنه يريد إبرام اتفاق بشأن غزة في أقرب وقت، بحسب “أسوشيتد برس” عن مصدرين مطلعين على المحادثات الخاصة، رفضا الكشف عن هويتهما نظراً لحساسية الموضوع.
وقال ترمب للصحافيين، الجمعة: “نعتقد أنه خلال الأسبوع المقبل، سنتوصل إلى وقف لإطلاق النار”.
ولم يقدم الرئيس أي تفاصيل إضافية تفسر هذا التفاؤل، لكن المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، أوضحت أن وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، وصل واشنطن لإجراء محادثات مع كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية بشأن وقف إطلاق النار في غزة، والملف الإيراني، وقضايا أخرى.