أظهرت بيانات حكومية نشرت في الجريدة الرسمية تسجيل 97 شركة جديدة في سوريا خلال مدة تقارب شهرين عقب سقوط النظام السابق.
وفق تحليل بياني نشره موقع “شركة كرم شعار الاستشارية”، لم تسجل أي شركات جديدة في سوريا في الفترة مابين 8 كانون الأول 2024 و2 شباط الماضي، لأسباب غير واضحة إلا أنها تتعلق بالاضطرابات واسعة النطاق التي شهدتها مؤسسات الدولة في تلك الفترة عقب سقوط النظام المخلوع.
استؤنفت عمليات تسجيل الشركات في شباط الماضي، إذ تم تأسيس 50 شركة في ذلك الشهر، و47 شركة أخرى في الفترة الواقعة بين الأول و26 من آذار الماضي.
تظهر الأرقام ارتفاعًا طفيفًا في أعداد الشركات المسجلة في السنوات السابقة، إذ جرى تسجيل 88 شركة فقط في نفس الفترة (خلال شهري شباط وآذار) من عام 2024 الماضي.
وفق تحليل الموقع للشركات الجديدة المسجلة في سوريا، يلاحظ هيمنة شركات التجارة والاستيراد والتصدير على المشهد، إذ تُدرج حوالي 80% منها الاستيراد والتصدير ضمن أنشطتها التجارية، بينما تمثل قطاعات مثل التنظيف والتصنيع والبناء وتكنولوجيا المعلومات تمثيلًا أقل بكثير.
يشير غياب الشركات الصناعية والزراعية شبه التام إلى أن الاقتصاد السوري الجديد مدفوع، في الوقت الحالي، بمشاريع تجارية منخفضة رأس المال وسريعة الدوران، بدلًا من الإنتاج المحلي الكبير.
معظم الشركات المسجلة برأس مال قانوني أدنى قدره 50 مليون ليرة سورية (نحو خمسة آلاف دولار أمريكي) ولم تتجاوز هذا الحد سوى أربع شركات. ومع ذلك، غالبًا ما يعكس رأس المال المُعلن المتطلبات القانونية بدلًا من الموارد الفعلية، مما يعني أن بعض الشركات قد تكون أفضل تمويلًا مما تشير إليه الملفات.
55 شركة في دمشق
جغرافيًا، لا تزال دمشق وريفها المحيط بها مركزًا رئيسيًا لتسجيل الأعمال التجارية، إذ من بين 97 شركة، يوجد 55 شركة في دمشق، و21 في ريف دمشق، و9 منها منتشرة في حلب، و7 في درعا، و3 في حمص، وشركة واحدة في كل من اللاذقية وإدلب.
يعكس هذا التوزيع إلى حد كبير اتجاهات عام 2024، عندما شكلت دمشق وريف دمشق 83.1% من جميع التسجيلات الجديدة، ومع ذلك، تظهر تحولات ملحوظة، تتمثل بأن طرطوس واللاذقية (موطن 6.4% من الشركات الجديدة في عام 2024) غائبتان الآن، بينما درعا، التي شهدت تسجيل شركة واحدة فقط العام الماضي، سجلت سبع شركات في شهرين.
في حين أنه من السابق لأوانه استخلاص استنتاجات قاطعة، فإن الانخفاض قد يعكس أن الأوضاع الأمنية في طرطوس واللاذقية، التي كانت من بين أكثر المناطق أمانًا قبل 8 من كانون الأول 2024، لم تعد مواتية لتسجيل الأعمال التجارية.
تشير البيانات الأولية إلى أن معظم الشركات حديثة التأسيس مملوكة لمواطنين سوريين، ويعكس هذا على الأرجح مزيجًا من عدة عوامل تتمثل بما يلي، عدم وضوح حقوق الملكية، وتأثير العقوبات الدولية المستمرة على تدفق رأس المال عبر الحدود، وانهيار القطاع المصرفي، والتضخم، والتقلبات العامة التي شهدتها فترة ما بعد الأسد، وهي ظروف غير مواتية للمستثمرين الأجانب.
90% لسوريين
منذ 8 كانون الأول 2024، أصبحت حوالي 90% من الشركات المسجلة حديثًا مملوكة بالكامل للسوريين، بينما تضم حوالي 10% منها مساهمًا أجنبيًا واحدًا على الأقل، والجدير بالذكر أن ست شركات مملوكة بالكامل للأجانب، وإن كانت كيانات سورية قانونية.
وبالمقارنة، كانت الملكية الأجنبية أعلى بكثير في فترة ما قبل الصراع، ففي عام 2010، كانت حوالي 18% من الشركات مملوكة للأجانب، في المقابل، كانت الملكية الأجنبية أقل من 1% من الشركات في عام 2024.
وبينما لا تزال المشاركة الأجنبية محدودة، فإن هذا يشير إلى إعادة فتح محدودة للشركات الأجنبية بعد سقوط الأسد.
المشاركة الأجنبية، وإن كانت لا تزال محدودة، آخذة في الازدياد، فمن بين 220 مساهمًا في 97 شركة، هناك 22 مواطنًا أجنبيًا، المستثمرون الأكثر شيوعًا هم الكنديون والأردنيون (خمسة لكل منهما)، يليهم الإماراتيون والأتراك (ثلاثة لكل منهما).
وبالمقارنة، شارك 16 مواطنًا أجنبيًا فقط في تأسيس الشركات خلال نفس الفترة من العام الماضي، بما في ذلك ثلاثة إيرانيين ومواطنان صينيان.
يشير هذا التحول إلى إعادة تشكيل أوسع للنفوذ في سوريا، تعود الجهات الفاعلة التركية إلى المجال السوري بعد سقوط الأسد، وخاصة في المناطق التي كان يسيطر عليها النظام سابقًا.
بالإضافة إلى الشركات السورية المسجلة البالغ عددها 97 شركة، تم تأسيس شركة أجنبية واحدة هي شركة “آجل للتجارة الدولية”، وهي شركة تركية.
وفقًا لمراجعة البيانات التي توفرها الجريدة الرسمية، سجلت بين عامي 2020 و2024، 28 شركة أجنبية فقط في سوريا، منها عشر شركات روسية وثلاث شركات إيرانية وثلاث شركات إماراتية.
ويتناقض هذا بشكل حاد مع فترة ما قبل الثورة (2006-2010)، حين تأسست 133 شركة أجنبية.
ورغم أن المشاركة الأجنبية ضرورية لتعافي البلاد، إلا أن المؤشرات المبكرة تبشر بالخير، لكنها لا تزال غير كافية لإحداث تأثير ملموس على النشاط الاقتصادي، وفق ما ذكر التقرير.
مرتبط
المصدر: عنب بلدي