أبو العطا: الله تعالى يحب العبد الذي يتقن عمله
سيد حسين القصاب
يستشهد الدكتور نظمي خليل أبو العطا في كتابة “مواقف تربوية من القرآن الكريم” بقصة المرأة التي نقضت غزلها بعد إحكامه، ليوصل رسالة مفادها أن الله عز وجل يمتدح إحكام العمل وإتقانه، ويذم تضييع الأوقات والأموال والأعمار.
وقص الله عز وجل علينا قصة المرأة التي نقضت غزلها من بعد إحكامه، حيث نراها جالسة وقد أعدت خامات غزلها وبدأت بجد واجتهاد تغزل خيوطها بإحكام، وظلت تجتهد طوال الوقت وأنتجت غزلاً قوياً لا عيب فيه، وفجأة تتوقف المرأة، تنظر إلى غزلها، ثم تنهال عليه نقضاً بعصبية زائدة فتعيد الخيوط سيرتها الأولى، ثم بدأت تنظر إلى الخامات من جديد، وبدأت تغزل الإنتاج من جديد، وفجأة تقف وتنظر إلى غزلها ثم تنهال عليه نقضاً، وهكذا، تصرف عجيب وسلوك غريب ومواقف عجيبة مضحكة مبكية، ليس هناك عاقل يحب أن يكون من هذه الصورة المزرية، لا عامل يرغب في إتقان عمله ثم ينقضه كالمرأة التي تغزل غزلاً وتحكمه ثم تنقضه، حيث قال الله عز وجل في محكم كتابة {وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَىٰ مِنْ أُمَّةٍ ۚ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ ۚ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} (النحل 92).
ويقول صاحب التفسير المنير حفظه الله في تفسير الآية: “ولا تكونوا في نقض العهود والمواثيق كالتي نقضت غزلها بعد إبرامه” وقال: “أوهو مثلٌ لمن نقض عهده (أو عمله) بعد توكيده كما قال مجاهد وغيره، فمن نقض العهد (والعمل) كان كمن نقض الغزل بعد فتله وإبرامه، فهو ليس فعل العقلاء”.
وبين د. أبو العطا أن الدرس المستفاد من الموقف هو التخطيط المقدم والمحكم للأعمال ودراستها قبل تنفيذها من جميع جوانبها وهو أمر مطلوب شرعاً، حتى لا نعود بعذ ذلك ونهدم ما شيدناه وبذلنا فيه الوقت والجهد والعمر والمال، بالإضافة إلى إحكام وإتقان الأعمال والواجب، فعلى المسلم أن يتقن عمله ويحكمه حتى لا يضطر إلى نقضه، حيث إن نقض الأعمال المحكمة يعد من الحماقة.
كما أن الله عز وجل ذم تضييع الأعمال والأوقات والأعمار ومدح المحافظة عليها، وإن في الأمثال تقريب للمجرد بالمحسوس، وهذا يُحدث تعلماً حقيقياً إيجابياً، وهذا هو المقصود من المواقف التعليمية التعلمية في الحياة.