إنجازات عُمان تضعها بصدارة مؤشرات عالمية – الوطن
حمدي عبدالعزيز
رؤية طموحة لمستقبل البلاد بعهد السلطان هيثم حتى 2040
لا تتوقف مسيرة الإنجازات التي تشهدها سلطنة عُمان منذ تولي صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق آل سعيد، مقاليد الحكم، حيث أظهر رؤية واضحة لمستقبل عمان، مع التركيز على تعزيز الاقتصاد الوطني وتطوير المجتمع، محققاً قفزات تنموية وحضارية وإصلاحية غير مسبوقة في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للبلاد، ما جعل السلطنة تتصدر في العديد من المؤشرات العالمية.
ويعد السلطان هيثم بن طارق أحد الشخصيات البارزة في تاريخ سلطنة عمان الحديث، وقد ولد في 11 أكتوبر 1955 بمدينة مسقط، وينتمي إلى سلالة آل سعيد الحاكمة في سلطنة عمان، وتلقى تعليمه في جامعة أكسفورد البريطانية حيث درس في برنامج الخدمة الخارجية، مما أعده لتولي المناصب السياسية والدبلوماسية في المستقبل، وقبل أن يصبح سلطاناً، شغل عدة مناصب حكومية بارزة، منها وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية، حيث ساهم في تعزيز العلاقات الدولية لعمان.
وجاء تولي السلطان هيثم بن طارق الحكم يوم 11 يناير 2020 فبدأ بتحقيق الموازنة بين التحديث والتنمية، وبين التراث الثقافي والتاريخي للسلطنة.
وأظهر السلطان التزاماً بتطوير عمان بما يعكس رؤيته لمستقبلها، فأطلقت السلطنة بعد أقل من عام من تولي جلالته الحكم مشروع رؤية «عُمان 2040»، تمهيداً لتنفيذها على مدى 4 خطط تنموية متتالية استهلتها بخطّة التنمية الخمسيّة العاشرة 2021 2025.
وكان لافتاً حرص السلطان هيثم بن طارق منذ توليه الحكم على الالتقاء بالمواطنين مباشرة ليطلع على احتياجاتهم ومتطلباته، وأطلق جلالته مبادرات تهدف إلى تعزيز المشاركة المجتمعية، كما أحدث في غضون فترة وجيزة قفزة نوعية في مسيرة العمل النيابي والتشريعي والبلدي، فجرى في أكتوبر 2023، انتخابات مجلس الشورى للفترة العاشرة التي تنافس فيها 843 مرشحاً من بينهم 32 امرأة لاختيار 90 عضواً، وبنسبة مشاركة وصلت إلى نحو 66% من إجمالي عدد الناخبين، وجرى التصويت في هذه الانتخابات عبر التطبيق الرقمي على الهواتف الذكية «انتخب».
وكان من أبرز التشريعات إصدار قانون الحماية الاجتماعية، وبموجبه يتم تقديم منافع الحماية الاجتماعية التي يستفيد منها مليون و467 ألف مواطن، منهم 167 ألف مواطن ضمن فئة منفعة كبار السن، فيما يبلغ عدد المستفيدين من منفعة الطفولة مليوناً و300 ألف طفل، كما يوفر برنامج الحماية الاجتماعية دعماً مالياً شهرياً للأشخاص ذوي الإعاقة في السلطنة ممن تتطلب حالاتهم الرعاية والدعم بقيمة 130 ريالاً عمانياً شهرياً، سواء كانت أسباب الإعاقة منذ الولادة أو نتيجة لعارض.
وعلى صعيد ملف الإسكان، عملت حكومة عمان على تسهيل الحصول على السكن الملائم للمواطنين وذلك من خلال عدد من المبادرات أبرزها إطلاق برنامج «إسكان» عبر توفير محفظة إقراضية بقيمة 1.9 مليار ريال عُماني على مدى خمسة أعوام، بهدف الإسراع في توفير التمويلات لمقدِّمي الطلبات المُدرَجين في قائمة الانتظار بالبنك ووزارة الإسكان والتخطيط العمراني ويسعى في مرحلته الأولى إلى تمويل أكثر من 60 ألف أسرة خلال السنوات الخمس القادمة.
وقد أطلق جلالة السلطان في بداية خطة التوازن المالي متوسطة المدى 2020 2024، وتهدف إلى تحقيق الاستدامة المالية والتوازن المالي بين الإيرادات والنفقات العامة مع نهاية عام 2024، وتهيئة الظروف المالية الداعمة لانطلاق الرؤية الوطنية «عُمان 2040»، وبعدها البرنامج الوطني للاستدامة المالية وتطوير القطاع المالي «استدامة» مطلع 2023 بما يضمن الاستمرارية لكافة البرامج التنموية.
ودشنت خطة التنمية الخمسية العاشرة 2021 2025 العديد من المشاريع الاقتصادية المهمة ومن بينها تشغيل ميناء الدقم بطاقته الكاملة وتشغيل مجمع لوى للصناعات البلاستيكية بولاية صحار وبدء الاستثمار في منطقة الصناعات السمكية والغذائية في ميناء الصيد البحري بالدقم وبدء الإنتاج من حقل «غزير» الذي سيسهم في توفير طاقة إضافية للصناعات المحلية.
وأسهمت الإجراءات والسياسات المالية كضبط الإنفاق العام وتحسين الإيرادات غير النفطية في تحسن إيجابي للأداء المالي للدولة خلال السنوات الثلاث الأولى من خطة التنمية الخمسية العاشرة 2021 2025 ورفع التصنيف الائتماني والنظرة المستقبلية لسلطنة عُمان من قِبل الوكالات الدولية للتصنيف الائتماني واستقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.
وأشارت النتائج الأولية للأداء المالي لسلطنة عُمان لعام 2023 إلى تحقيق فائض مالي بنحو 931 مليون ريال مقارنة بالعجز المقدّر في الميزانية العامة للدّولة بنحو مليار و300 مليون ريال، كما ارتفعت الإيراداتُ العامّة للدولة في نفس العام إلى 12 مليارًا و213 مليون ريال أي بزيادة بلغت نحو مليارين و163 مليون ريال مقارنة بما هو معتمد في ميزانية العام ذاته، فيما سجل الإنفاق العام 11 ملياراً و282 مليون ريال عُماني.
وقدَّرت الميزانية العامة للدولة للسنة المالية 2023، تحصيل إيرادات متوقعة بنحو 10.05 مليارات ريال عُماني «26.1 مليار دولار»، وإنفاق متوقع يبلغ 11.35 مليار ريال «29.5 مليار دولار.
وخصصت 900 مليون ريال عُماني «2.3 مليار دولار» لمشاريع التنمية، واستحدثت السلطنة بند «مشاريع ذات أثر تنموي» بتخصيص 200 مليون ريال عُماني «520 مليون»، وبند دعم منظومة الحماية الاجتماعية بتخصيص نحو 384 مليون ريال عُماني «998 مليون دولار».
وقد حققت ميزانية عُمان فائضاً قدره 936 مليون ريال في 2023 جرى توجيهه لتعزيز الإنفاق الاجتماعي وتحفيز النمو وخفض الدين العام. وأشارت التقارير إن الأداء الفعلي للميزانية العامة لسنة 2023 يشير إلى ارتفاع الإيرادات 25% إلى 12.54 مليار ريال مقارنة مع تقديرات الميزانية المعتمدة البالغة 10.05 مليار ريال، وزاد الإنفاق العام الفعلي 2% إلى نحو 11.6 مليار ريال مقابل 11.35 مليار ريال معتمدة بالميزانية، ويعود سبب ارتفاع الإنفاق عن المخطط له إلى زيادة الإنفاق الاجتماعي ودعم تحفيز النشاط الاقتصادي.
وجاء جهاز الاستثمار العُماني، الذي تأسس عام 2020، ضمن أكبر 10 صناديق ثروة سيادية من حيث حجم الأصول في الشرق الأوسط، بينما حل في المركز الـ28 ضمن أكبر 100 صندوق سيادي في العالم، وتتسم محفظته بالتنوع الجغرافي، إذ تتوزع استثماراته في أكثر من 50 دولة حول العالم، وتغطي قطاعات متنوعة منها قطاعات الغذاء، والطاقة، والخدمات اللوجستية، والاتصالات وتقنية المعلومات، والصناعة، والطيران.
وارتفع إجمالي أصول الجهاز إلى 19.240 مليار ريال عماني «49.98 مليار دولار» في 2023، مقابل 18 مليار ريال «46.8 مليار دولار» نهاية 2022.
وسجل الميزان التجاري لسلطنة عمان فائضاً بـ 3 مليارات و658 مليون ريال عماني بنهاية يونيو 2024 مقارنة بفائض بلغ 3 مليارات و704 ملايين ريال عماني خلال نفس الفترة من عام 2023. وتظهر الإحصاءات أن حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في عُمان سجل حتى نهاية الربع الرابع لعام 2023 ما قيمته 25 ملياراً و50 مليون ريال عُماني بارتفاع نسبته 21.6 بالمائة مقارنة بالفترة نفسها من عام 2022 الذي بلغ 20 ملياراً و590 مليون ريال عُماني.
وتقدمت سلطنة عمان 10 مراتب بحسب تقرير مؤشر الابتكار العالمي لعام 2023 الذي أصدرته المنظمة العالمية للملكية الفكرية، لتحصد المرتبة الـ 69 عالمياً من بين 132 دولة التي قُيِّمت وفق 7 ركائز، حيث حققت سلطنة عُمان أعلى أداء لها في ركيزتي الرأسمال البشري والبحوث وركيزة البنية الأساسية.
وحلّت السلطنة في المرتبة الـ 5 على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وفي المرتبة الـ 50 دولياً في مؤشر جاهزية الحكومات للذكاء الاصطناعي، متقدمة مرتبتين عن تصنيفها السابق؛ وفقاً لتقرير مؤسسة «أكسفورد إنسايتس» لعام 2023. وسجلت نمواً بمعدل 2.3% خلال 2023، وتوقع صندوق النقد الدولي أن يحقق الاقتصاد العُماني مزيداً من النمو في العام 2024، حيث رجحت التقديرات أن يسجل اقتصاد السلطنة نمواً بمعدل 2.4% وفيما يتعلق بالعلاقات الخارجية، فقد أظهر جلالته، منذ توليه الحكم، التزاماً قوياً بتعزيز العلاقات الدولية لعمان، حيث أكد على أهمية الدبلوماسية كأداة رئيسية لتحقيق الاستقرار والتنمية، وقد أشار في خطابه الأول إلى أن عمان ستواصل دورها كعضو فاعل في منظمة الأمم المتحدة، مما يعكس التزامه بالعمل مع الدول الأعضاء لحل النزاعات الدولية بطرق سلمية.
وأجرى السلطان، في 11 يوليو 2021، الزيارة الأولى له منذ توليه مقاليد الحكم، متجهاً إلى السعودية، وتُوّجت بتأسيس المجلس التنسيقي السعودي العُماني، وشهدت الزيارة النجاح في الاتفاق مع الجانب السعودي على استثمارات بقيمة 4.5 مليار ريال عُماني، تتوزع على مجموعة من المشاريع مثل المرحلة الثانية من مشروع المدينة المستدامة يتي، وصندوق ركيزة، بالإضافة على بعض الاستثمارات مع الجانب الإماراتي شركة عُمان والاتحاد للقطارات وزيادة رأسمال الصندوق العُماني للتكنولوجيا.
وواصل السلطان زياراته لتشمل مصر وقطر والمملكة المتحدة وألمانيا، والكويت والبحرين والإمارات والهند، إلى جانب سنغافورة التي شهدت توقيع أكبر عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في تاريخ العلاقات بين البلدين. كما استقبلت السلطنة عدداً من قادة الدول الخليجية والعربية والأجنبية، وعقدت خلالها شراكات ووقعت مذكرات تفاهم في مجالات متنوعة أبرزها التبادل التجاري والاستثماري.
وترأست عُمان في العام الرابع من حكم جلالة السلطان الدورة الـ43 للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية على مدار عام 2023، وقامت بجهود بارزة لتعزيز التضامن الخليجي. وتتسم سياسة السلطان هيثم بن طارق في تعزيز العلاقات الدولية بالمرونة والقدرة على التكيف مع المتغيرات العالمية، فهو يسعى إلى الحفاظ على سياسة عمان التقليدية التي تركز على الحياد، وتعزيز التعاون الدولي، مما يسهم في تعزيز مكانة عمان على الساحة الدولية ويعكس رؤية شاملة لمستقبل البلاد.
وشهدت سلطنة عمان منذ اليوم الأول لتولي السلطان هيثم بن طارق مقاليد الحكم، إنجازات واعدة تؤسس لنهضة عمانية متجددة، تتجسد في رؤية «عُمان 2040»، حيث تركز على دعم النمو الاقتصادي، وتنويع مصادر الدخل، وتحقيق الاستدامة المالية مصحوبة ببرامج الحماية الاجتماعية، مع ترشيد ورفع كفاءة الإنفاق، وإرساء نظام تعليمي وصحي بجودة عالية، ضمانا لتواصل البناء والعمران لمصلحة الأجيال المتعاقبة.
ويتم تنفيذ الرؤية على مدى 4 خطط تنموية متتالية تهدف في مجملها إلى تنويع وتعزيز الاقتصاد الوطني، وتحقيق نمو اقتصادي مستدام بمعدل5% سنوياً، مع زيادة متوسط دخل الفرد بنسبة تصل إلى 90%، وأطلقت شارة البدء لتنفيذ هذه الرؤية المستقبلية بانطلاق خطة التنمية الخمسية العاشرة 2021 2025 التي تهدف إلى تحفيز النشاط الاقتصادي، وتطوير بيئة الاقتصاد الكلي، ورفع كفاءة إدارة المالية العامة، وتطوير البنية الأساسية اللازمة لتحفيز الاستثمار الخاص، وتسريع وتيرة تنفيذ المشروعات الاستراتيجية الكبرى ومشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص.