فاطمة الصديقي
مسرحٍ حيّ يجمع بين عبق الماضي وأناقة الحاضر، عندما تتحدث عن إيطاليا ما عليك إلا أن تحلم بعينين مفتوحتين لترى شوارعها المرصوفة بالأحجار، ثم تنتقل إلى معارضها التي تحفظ أعظم أعمال دافينشي ومايكل أنجلو، وتطير من الأرياف الحالمة إلى المدن النابضة بالحياة، إذ تقدّم إيطاليا رحلةً تأسر كل الحواس، وتترك في الذاكرة صوراً لا تُنسى، ولربما كل هذا حلم قابل للتحقيق بخطوة أولى عبر رحلة مباشرة من المنامة إلى ميلان حيث بداية الأناقة.
المغامرة تبدأ برحلة مريحة مع طيران الخليج من المنامة إلى عاصمة الموضة والفن ميلان، حيث لا بد من تجهيز تأشيرة الشنغن قبل الانطلاق، لتفتح أبواب أوروبا الساحرة أمامك.
وفي الشمال الإيطالي يكمن السرّ الحقيقي لجمال الطبيعة، من جبال الألب الشاهقة وبحيرة كومو الفيروزية إلى بلدات بللاجيو الحالمة ومدينة كومو التي تأسر الروح بسحرها، لتعيش مغامرة ثقافية وسط كنوز التاريخ والفن.
ولمن يريد جمع الماضي المجيد والحاضر العصري؛ ما له إلا ميلان، حيث في ساحة الدومو تقف الكاتدرائية شامخةً تروي قصص قرون من الفن القوطي والروماني، بينما تفتح جاليريا فيتوريو إيمانويل الثاني أبوابها لتمنحك تجربة تسوّق مترفة وسط قباب زجاجية وأرضيات الفسيفساء الملونة.
وبين أزقة البندقية الرومانسية وجندولاتها الحالمة، وجسر ريالتو وساحة سان ماركو، تنتقل إلى مدينة فيرونا حيث يهمس لك شرفة جوليت بحكاية روميو الأبدية. مدن تروي أساطير الحب، وتدعو الزائر ليكون جزءاً من قصصها.
وفي كل زاوية، سترافقك روائح المطبخ الإيطالي الغني بنكهات البيتزا والمعكرونة والريزوتو وأكواب القهوة التي تُقدّم كطقس مقدّس، لتكتمل الرحلة بنكهاتٍ لا تنسى وتجارب تحفر أثرها في الذاكرة.
كل هذا وأكثر، يمكن قوله عند الحديث عن إيطاليا التي تُعد واحدة من أكثر الوجهات السياحية سحراً في العالم، تتجسد وكأنها لوحة فنية متكاملة، تتميز بتوازن رائع بين الماضي والحاضر بإرث ثقافي ممتد لقرون، بشوارعها المرصوفة بالأحجار، ومتاحفها ومعارضها وكنائسها وبيوتها العتيقة، فخلال عصر النهضة احتضنت هذه البلاد عمالقة الفن مثل ليوناردو دافينشي ومايكل أنجلو ورفائيل وبرنيني، الذين ساهموا في تشكيل الهوية الثقافية والفنية للعالم.السفر إلى إيطاليا لا يُعد مجرد زيارة لبلد، بل تجربة غامرة تأخذك في رحلة عبر الزمن، حيث يمكنك استكشاف الفنون المعمارية الرائعة، والاستمتاع بالمأكولات الشهية، والتفاعل مع أهل البلاد الذين يفخرون بتراثهم، بطبيعة غنّاء من الجبال الشاهقة إلى الشواطئ الساحرة، ومن المدن التاريخية إلى الأرياف الخلابة، تقدّم إيطاليا تجربة فريدة لكل زائر، ما يجعلها وجهة لا تُنسى.
شمال إيطاليا
كل من يسافر إلى إيطاليا مرة يعشقها دوماً لأن السفر إلى إيطاليا رحلة استثنائية، بل يتهافت عليها ليعود إليها مراراً وتكراراً، خاصة الشمال الإيطالي الذي يتميز بطبيعة تحبس الأنفاس حيث جبال الألب والبحيرات الزرقاء الساحرة والأشجار والسهول والمدن التاريخية العريقة وفن العمارة والنحت والتحف الفنية لروائع الفنانين الذين عرفتهم البشرية، والكنائس التاريخية والمتاحف المتنوعة كنزاً ثقافياً يستحق الاستكشاف، يجعل من مناطق الشمال الإيطالي مركزاً هاماً في السياحة الأوروبية، فهي نقطة تحوّل للسياحة الثقافية النادرة، حيث يمكن للزوار الغوص في عمق التاريخ والفن والاستمتاع بتجارب فريدة.
طيران مباشر
عندما يستقر المسافر في مقعده على متن الطائرة، يشعر بالراحة النفسية استعداداً لتجربة فريدة تأخذه على أجنحة الضيافة البحرينية على طيران الخليج، من المنامة إلى ميلان عاصمة الأناقة والفن، تستغرق الرحلة حوالي ست ساعات، طيران مباشر، ولا بد من الإشارة إلى أهمية الحصول على تأشيرة «الشنغن» مسبقاً لزيارة الدول الأوروبية.
كاتدرائية ميلانو وساحة الدومو
تجمع ميلان بين العصرية والتراث ما يجعل منها وجهة مثالية لعشاق الفن والثقافة، كاتدرائية ميلانو (Duomo di Milano) تُعد من أجمل الإنجازات المعمارية في العالم في ساحة «الدومو»، استمر بناء الكاتدرائية لعدة قرون بدأت أعمال البناء عام 1386، وانتهت عام 1965، جمعت بين العمارة القوطية والرومانية وتتميز بالتماثيل المنحوتة والواجهات المزخرفة.
تتميز ساحة الدومو كونها مركزاً حيوياً ونقطة تجمع الزوار والسياح صباحاً لزيارة كاتدرائية ميلان، وفرصة لالتقاط الصور مع الطيور التي توطنت ساحة الدومو، وأصبحت أصدقاء السائح في تجربة جميلة لإطعامهم، أما في المساء، فتعج الساحة بالحياة والنشاط مع الموسيقى وتجربة الأطعمة المتميزة من البائعين المحليين والتسوق، واغتنام التصوير الليلي للكاتدرائية التي تتميز بالإضاءة الساحرة ليلًا، حياة أخرى في ساحة دومو وأجواء سياحية جميلة حيث المقاهي والمتاجر والغناء والأضواء المتلألئة.
إيمانويل الثاني
هو مجمع تجاري يقع بالقرب من ساحة دومو وهو من أقدم المجمعات التجارية، تم إنشاؤه في القرن التاسع عشر، مجمع في غاية الجمال والإبداع الفني والمعماري يشعرك بأنك على أعتاب أحد المتاحف جمالاً، يتميز المجمع بقبة زجاجية تسمح بدخول أشعة الشمس لتخلق بيئة جميلة لإضاءة طبيعية تضفي لمسة جمالية للمبنى بتصميم جذاب، كما يتميز المجمع بأرضية مزينة بالفسيفساء ليضم المجمع أشهر دور الأزياء العالمية الفاخرة بجانب المطاعم والمقاهي المتميزة بالديكورات الفاخرة وأشهى الأطعمة، هو مكان مثالي للتسوق والاسترخاء.
كما يضم المجمع على أرضيته صورة ثور مرصع بالفسيفساء زاهية الألوان، ويمثل الثور أسطورة لجلب الحظ حيث يعتقد بعض الزوار بأن الدوران حول الثور بالقدم اليمنى يمكن أن يجلب الحظ لصاحبه، ما يجعل السياح ينتظرون في طوابير حتى يتسنى لهم الدوران كنقطة جاذبة للزوار الذين يحرصون على التقاط الصور والفيديوهات وهم في سعادة تامة وتجربة فريدة، صديقتي في هذه الزيارة حرصت أن تحمل أمنياتها مع هذا الثور والدوران حوله، وعندما سألتها هل تحققت أمنيتك ردّت: «ليس بعد».
نافيلي «Navigli»
تشتهر منطقة نافيلي في مدينة ميلانو بالقنوات المائية التي تعود إلى العصور الوسطى حيث كانت في السابق من أهم القنوات لتسهيل النقل والتجارة وأصبحت اليوم من أهم المناطق الحيوية الجاذبة للزوار، حيث أصبحت هذه القنوات محط اهتمام السائح للاستمتاع بجولات القوارب والمرور على جسور جميلة ومناظر خلابة، كما تتوزع على ضفاف القنوات المائية العديد من المقاهي والمطاعم والأطباق الإيطالية التقليدية الشهيرة، بجانب المحلات التجارية، كما تتميز نافيلي بجسر الأقفال المعروف باسم جسر الحب حيث يحرص المقيمون والزوار على تعليق الأقفال الملوّنة على الجسر في صورة معبّرة عن الحب الأبدي لصاحبها، حيث تحمل هذه الأقفال بعض الأسماء أو الجمل الرومانسية وبعض الحروف، ويعد هذا المكان من أجمل المواقع للتصوير الفوتوغرافي خاصة عند الغروب.
منطقة نافيلي ممتازة لمحبي السير لمسافات حيث الجولات التي يستكشف فيها الزائر المنطقة بعبق تاريخها وثقافتها، والأجمل عندما تبدأها مع بوظة محلية تجوب بها المنطقة.
بللاجيو «Bellagio»
بللاجيو وجهة في غاية الجمال والروعة تقع في شمال إيطاليا على ضفاف بحيرة كومو، وهي وجهة مثالية لمحبي الطبيعة والمعالم التاريخية، تتميز بالأشجار والنباتات والكنائس القديمة التاريخية والمتاحف والأزقة الضيقة المرصوفة بالأحجار، فتلك الأزقة بالفعل ساحرة وجميلة ذات طابع جمالي فريد، يمكن للزائر الاستمتاع بالمناظر الخلابة للبحيرة والتجول في الأزقة الضيقة والجلوس في المقاهي المطلة على البحيرة والاستمتاع بتذوق أشهر العصائر المنعشة، ولا تخلو بللاجيو من المحلات التجارية فالتسوق في هذه المنطقة متعة أخرى، يمكن للسائح أيضاً القيام برحلات بحرية، لكن من المهم جداً أن يلبس الزائر أحذية مريحة بسبب أرضية الأزقة والسبب الآخر المشي لمسافات طويلة لاستكشاف المنطقة القديمة.
«كومو».. حين تلتقي الحواس
مدينة كومو تقع على ضفاف بحيرة كومو، ما يميزها الطبيعة الساحرة والمناظر الخلابة لجبال الألب الشاهقة والبحيرة الزرقاء والبيوت الجميلة الراقية، يمكن للزائر أن يستمتع بالمشي على الواجهة البحرية أو بجولات بالقارب للأماكن القريبة منها منطقة بللاجيو أو ركوب التلفريك، تتميز كومو أيضًا بكثرة المقاهي والمطاعم التي تقدم أشهى الأطباق الإيطالية، حيث تلعب حاسة البصر والتذوق دوراً أساسياً في تشكيل تجربة الاستكشاف في منطقة كومو حيث المناظر الطبيعية الخلابة والشواطئ الجميلة والزهور المتفتحة والأشجار الباسقة، وكذلك بالنسبة إلى تناول الأطباق الإيطالية اللذيذة فالسفر هو مزيج من التذوق والاستمتاع بالمناظر الخلابة حيث تتلاقى الحواس لتخلق تجربة فريدة وجميلة مليئة بالذكريات التي تبقى في الذاكرة.
فينيسيا «Venice»
فينيسيا أو البندقية، تأسست في القرن الخامس الميلادي، وتشتهر بقنواتها المائية وجسورها ومعالمها التاريخية، وسيلة التنقل فيها عبر القنوات المائية التي تعد شوارع أساسية للوصول إلى الوجهة المفضلة، فالجندول والقوارب الصغيرة أحد أهم وسائل التجوال في فينيسيا، أما ساحة سان ماركو «Piazza San Marco» فتضم الكثير من المعالم التاريخية حيث كاتدرائية سان ماركو وجسر ريالتو الذي يعتبر معلماً سياحياً هاماً يحرص السائح على التقاط الصور التذكارية لأهم معلم سياحي في البندقية، مدينة مشوّقة تاريخية تعشق تفاصيلها من أزقة وطرقات مرصوفة بالأحجار وأبنية تعود لأزمنة بعيدة، فهي بلا شك مدينة رومانسية يعشقها الكثيرون تحتوي على العديد من المتاجر والمقاهي والمطاعم، وتتميز بأنها من أفضل الأماكن لتصوير روائع أفلام هوليوود حيث تم تصوير فيلم «السائح» للممثل جوني ديب والممثلة أنجلينا جولي بالإضافة إلى فيلم «إنفرنو» للممثل الرائع توم هانكس والعديد من أفلام المغامرات والإثارة.
فيرونا «Verona».. منزل جوليت
تأتي شهرة مدينة فيرونا بارتباطها بقصة روميو وجوليت لكاتبها وليم شكسبير، فهي من الوجهات الأكثر شهرة في العالم حيث يمكن للزوار مشاهدة منزل جوليت كمعلم سياحي وتجسيد مشهد الشرفة التي أصبحت أسطورة الحب في فيرونا، كما يوجد في فناء المنزل تماثيل لجوليت، ومكان مخصص لبريد جوليت حيث يمكن للزائر مراسلة جوليت والإفصاح عما يجول في خاطره، هذا المكان يزوره الكثير من السياح من مختلف الدول فهو محطة جميلة للبرنامج السياحي، وقد تم تمثيل الفيلم الأمريكي «رسائل إلى جوليت» في هذه المنطقة، فيرونا مدينة خلابة بتراثها الثقافي الغني ومعالمها التاريخية بشوارعها الضيقة ومنازلها القديمة فهي بالتأكيد وجهة مثالية لمحبي الأدب والتاريخ.
المطبخ الإيطالي.. وشرب القهوة
إلى جانب الفنون والثقافة والتاريخ، يُعد المطبخ الإيطالي رمزًا للضيافة والأطباق الشهية، فهو من أكثر المطابخ شعبية لتنوع نكهات أطباقه التي غالبًا ما تحتوي على الزيتون والأعشاب والأجبان والطماطم لأطباق شهيرة جدًا مثل المعكرونة والبيتزا والريزوتو، وبحسب جوائز «TasteAtlas» التي تُمنح لأفضل الأطباق والمطاعم في مختلف دول العالم، فإن إيطاليا حازت على المراكز الأولى في نابولي وميلان وبولونيا لسنة 2024/2025.
كل مدينة في إيطاليا تمتلك طبقاً مميزاً يعكس تراثها بنكهات تميزها عن الأخرى، ما يجعل تجربة الطعام في إيطاليا رحلة غنية بثقافتها، فمدينة بارما تشتهر بجبنة البارميزان وهي من أشهر أنواع الجبن الإيطالية، أما مدينة نابولي فتشتهر بالبيتزا، من أشهرها بيتزا المارغريتا والبيتزا النابولية، أما مدينة البندقية فتشتهر بالمأكولات البحرية، ومدينة «بولونيا» تُعتبر واحدة من أشهر المدن الإيطالية في صناعة الباستا والمعكرونة.
كما أن المطاعم الإيطالية معروفة باتباع العادات والتقاليد منها عدم تقديم القهوة بالحليب مثل الكابتشينو بعد الساعة 11 صباحاً، هذه من العادات الثقافية في إيطاليا يلتزمون بها في كل المقاهي الإيطالية، فهذه العادة تعكس احترام الإيطاليين لتقاليدهم والممارسات الثقافية، ومنها تناول القهوة كأبسط مثال.