اخبار البحرين

ادراك الصورة الكاملة – الوطن

أ.د. جهان العمران

يعيش الإنسان في عالم مليء بالمواقف والمشكلات المعقدة التي تحتاج إلى تحليل دقيق وفهم عميق للوصول إلى الحل الصحيح. وكثيراً ما يقع في هاوية الضياع عندما يحاول أن يفهم الحقيقة من خلال ادراك جزء أو أجزاء من الموقف أو الصورة ، وليس الصورة بكاملها، مثل المدير الذي يغضب من موظف يتأخر صباحاً ولكنه يجهل ان هذا الموظف يجب ان يعتني بوالده المريض، او المعلم الذي ينعت الطالب بالكسل لأنه ضعيف في مادة الرياضيات، ولكنه يغفل عن كون الطالب موهوبا في الموسيقى أو الرياضة.

إن إدراك الصورة الكاملة للحقيقة ليست بالمهمة السهلة، ولكنها ضرورية لتفادي التحيز في الحكم، ومهمة في اتخاذ القرارات الصائبة حتى لا يصبح حالنا حال العميان الهنود الستة عندما اختلفوا في وصف الفيل الذي لم يروه بأعينهم من قبل فقاموا بلمسه لأول مرة في حياتهم للتعرف عليه، وعلى ماهيته، وبعد أن انتهوا من معاينته قام كل واحد منهم بوصفه، فقال الأول: إن الفيل أقرب ما يكون إلى الحبل عندما لمس الذيل، وقال الثاني بأنه مثل الحائط تماماً عندما لمس الجسم فقط، وقال الثالث بأنه خنجر أو رمح كبير لأنه لمس الناب، أما الرابع فوجده أنه مجرد ثعبان عندما لمس الخرطوم. وأما الخامس فقال إن الفيل عبارة عن مروحة عندما لمس إحدى الأذنين، ولما جاء دور السادس قال ما هو إلا جذع شجرة لأنه لمس القدم الضخمة للفيل. لقد أخطأوا جميعا في التعرف على الحقيقة؛ لأنهم قاموا ببناء اعتقادهم اعتماداً على جزء من الصورة أو الموقف فقط.

لذا يجب علينا أن نتعلم كيف نقرأ الموقف بشكل دقيق وشامل، ونحلل المعطيات بشكل كلي قبل اتخاذ أي قرار، أو الوصول إلى أي استنتاج، أي علينا أن ندرس جميع جوانب المشكلة المعروضة أمامنا قبل الوصول إلى الحل الصحيح. وكذلك يجب أن نتجنب اتخاذ القرارات المرتجلة والآراء المتهورة دون التمحيص في جميع أجزاء المشكلة لاتخاذ القرار الصائب. لذا يجدر بنا العمل على بناء علاقات سليمة مع الآخرين عن طريق احترام وجهات نظرهم المختلفة، وفهم جميع المعطيات المتعلقة بسلوك معين من شخص آخر قبل إصدار الحكم عليه، سواء كان هذا السلوك سلبيا ام ايجابيا. وكل هذا لا يمكن تحقيقه ما لم ندرك الصورة الكاملة للمشكلة أمامنا فهي مفتاح الحقيقة.

* أستاذة في علم النفس التربوي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *