أيمن شكل

أكد استشاري الطب النفسي وعلاج الإدمان بمستشفى سيرين، د. صابر حداد مهدي، أن الاستخدام المفرط لـ«ChatGPT» لم يُصنَّف حتى الآن كاضطراب نفسي، لكنه كشف في الوقت ذاته عن لجوء الأطباء إلى الذكاء الاصطناعي في مجالات متعددة، وذلك في وقت أصبح الذكاء الاصطناعي «ChatGPT» وسيلة تسلية وتقنية يعتمد عليها عدد كبير من الشباب اليوم، تتيح لهم التحاور على مدار الساعة دون حرج من الانتقاد.

وقال د. مهدي إن ChatGPT وغيره من تطبيقات الذكاء الاصطناعي شهدت انتشاراً واسعاً في الآونة الأخيرة، لا سيما أن لها استخدامات في مختلف المجالات. وأضاف أن كثيرين باتوا يفضلون التحدث مع «ChatGPT» بدلاً من التحدث أو التواصل مع أشخاص حقيقيين من حولهم، مرجعاً ذلك إلى أن التطبيق متاح في جميع الأوقات، ويمنح شعوراً بالقبول غير المشروط، دون أحكام أو انتقادات.

وأضاف: «في الحقيقة، قد يكون التطبيق مفيداً جداً، إلا أن المشكلة تظهر إذا أصبح بديلاً للتواصل الحقيقي، أو إذا طالت مدة استخدامه اليومية بشكل مفرط، مما قد يتحول إلى نوع من الإدمان. ومع ذلك، لم يتم تصنيفه كاضطراب نفسي مستقل، بل يندرج تحت ما يُعرف بـ«إدمان الإنترنت»، بشرط أن يتجاوز الاستخدام المعدلات الطبيعية، أو أن يحل محل التواصل الطبيعي، أو يؤثر على الوظائف الاجتماعية أو المهنية للفرد».

وفيما يتعلق بظهور حالات متأثرة بهذا التطور التقني، أشار د. مهدي إلى تلقي شكاوى من بعض الأهالي، تفيد بأن أبناءهم يفضلون التحدث إلى «ChatGPT» بدلاً من الحوار مع الأسرة، ما يثير خشيتهم من أن يتحول ذلك إلى مرض نفسي. ولفت إلى أن بعض المرضى قد يكونون ذهانيين أو موسوسين أو لديهم قابلية للإيحاء، مما يزيد احتمالية تعرضهم لأذى جراء الاستخدام المفرط لهذا التطبيق.

وأكد استشاري الطب النفسي في مستشفى سيرين وجود آثار إيجابية وأخرى سلبية لهذا الاستخدام، موضحاً: «بعض الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية قد يتضررون من استبدال التواصل الطبيعي بـ«ChatGPT»، ومن بينهم مرضى الرهاب الاجتماعي، وأصحاب الشخصية التجنبية، والشخصيات الحساسة، والشخصية شبه الفصامية أو المصابون برهاب الساحة، إذ يُعدّ التواصل الاجتماعي جزءاً أساسياً في خطط علاجهم، وبدونه قد تتفاقم حالاتهم».

وحول استخدام الأطباء للذكاء الاصطناعي في التشخيص والعلاج، أكد د. مهدي أن العديد من الأخصائيين النفسيين والأطباء النفسيين بدأوا فعلياً في الاستفادة من «ChatGPT» وغيره من التطبيقات في مجال العلاج النفسي. وقال: «أنا شخصياً أستخدمه، لكنه قد يتطلب التحقق من بعض المعلومات، إذ قد تكون إجاباته غير دقيقة أحياناً».

وأضاف: «الكثير من المعالجين النفسيين يستخدمونه في إعداد الخطط العلاجية للمرضى، والاطلاع على الأبحاث الحديثة في مجال العلاج النفسي، إلا أن تأثيره يظل أقل في مجال الطب النفسي الإكلينيكي، الذي يتطلب تقييماً وتشخيصاً دقيقاً ووصف أدوية من قِبل طبيب نفسي مختص».

وأشار إلى أن لتطبيق ChatGPT استخدامات مفيدة في العلاج النفسي، حيث يمكن أن يقدّم نصائح مفيدة للمرضى، لكنه لا يُغني عن التواصل مع المختصين في الطب أو العلاج النفسي. ولفت إلى وجود العديد من الأبحاث المنشورة التي تناولت استخدام ChatGPT وغيره من التطبيقات في هذا المجال.

وبشأن تأثير هذه التطبيقات على المهنة، اختتم د. مهدي بالقول: «نعم… أعتقد أنه سيكون لها تأثير كبير على مهنة العلاج النفسي، سواء من خلال استخدامها من قِبل المرضى كوسيلة للمساعدة الذاتية (selfhelp)، أو كأداة لإعطاء نصائح عامة».

شاركها.