حسن الستري
تحديد صلاحيات وزارة الداخلية وجهات الضبط الإداري لتطبيق القانون
التزام مرتادي الأماكن العامة بالقيم والعادات والتقاليد البحرينية
آليات العقوبات والغرامات ومضاعفتها عند تكرار المخالفة
أحال رئيس مجلس النواب أحمد المسلم إلى لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني اقتراحاً بقانون بشأن المحافظة على الذوق العام، ويتضمن غرامة 100 دينار لمن يخالف أحكامه.
ويسري القانون على كل من يرتاد الأماكن العامة، ويجب على كل من يكون في مكان عام احترام القيم والعادات والتقاليد والثقافة السائدة في المملكة، إذ لا يجوز الظهور في مكان عام بزي أو لباس غير محتشم أو ارتداء زي أو لباس يحمل صوراً أو أشكالاً أو علامات أو عبارات تسيء إلى الذوق العام، كما لا تجوز الكتابة أو الرسم أو ما في حكمهما على جدران مكان عام أو أي من مكوناته أو موجوداته أو أي من وسائل النقل؛ ما لم يكن مرخصاً بذلك من الجهة المعنية، ولا يُسمح في الأماكن العامة بأي قول أو فعل فيه إيذاء لمرتاديها، أو إضرار بهم، أو يؤدي إلى إخافتهم أو تعريضهم للخطر.
وطبقاً للقانون يحدد وزير الداخلية جهات الضبط الإداري المعنية بتطبيق أحكام هذا القانون، والآليات المناسبة لإيقاع العقوبات، وله تخويل صلاحية مباشرة أعمال الضبط الواردة في القانون أو بعضٍ منها إلى شركات الحراسات الأمنية الخاصة المرخصة، وفقاً لضوابط يصدرها.
ومع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد مقررة نظاماً؛ تُوقَّع غرامة مالية على كل من يخالف أياً من الأحكام الواردة في هذا القانون بما لا يتجاوز مائة دينار، وفقاً لجدول تصنيف المخالفات المنصوص عليه في المادة (التاسعة) من هذا القانون، ويُضاعف مقدار الغرامة في حال تكرار المخالفة نفسها خلال سنة من تاريخ ارتكابها للمرة الأولى. ويجوز لمن صدر في حقه قرار بغرامة مالية الطعن على القرار أمام المحكمة المختصة.
وتتولى وزارة الداخلية تصنيف المخالفات وتحديد الغرامات المالية المقابلة لكل منها، وفق جدول تُعده لهذا الغرض ويصدر بقرار من وزير الداخلية.
ويُعرّف القانون الذوقَ العام بأنه مجموعة السلوكيات والآداب التي تعبر عن قيم المجتمع ومبادئه وهويته، بحسب الأسس والمقومات المنصوص عليها في النظام الأساسي للحكم. أما الأماكن العامة فهي المواقع المتاح ارتيادها للعموم مجاناً أو بمقابل، من الأسواق، والمجمعات التجارية، والفنادق، والمطاعم، والمقاهي، والمتاحف، والمسارح، ودور السينما، والملاعب، ودور العرض، والمنشآت الطبية والتعليمية، والحدائق، والمتنزهات، والأندية، والطرق، والممرات، والشواطئ، ووسائل النقل المختلفة، والمعارض، ونحو ذلك.
وطبقاً للمذكرة الإيضاحية، يأتي هذا المقترح المقدم من النائب حنان فردان استجابة لحاجة ملحة لتنظيم السلوكيات في الأماكن العامة بما يتوافق مع قيم ومبادئ المجتمع البحريني، ويعزز من بيئة آمنة ومحترمة للجميع، حيث إن إصدار قانون المحافظة على الذوق العام يخدم جملة من المصالح العامة الحيوية للمجتمع البحريني، والتي يمكن إيجازها في النقاط التالية:
1. الحفاظ على الهوية الثقافية والقيم المجتمعية:
إن المقترح يهدف بشكل أساسي إلى حماية الهوية الثقافية والقيم الأصيلة للمجتمع البحريني. فالمادة الأولى تُعرّف الذوق العام بأنه «مجموعة السلوكيات والآداب التي تعبر عن قيم المجتمع ومبادئه وهويته، بحسب الأسس والمقومات المنصوص عليها في النظام الأساسي للحكم». هذا التعريف يؤكد أن القانون ليس مجرد تنظيم شكلي، بل هو تعبير عن التزام الدولة بصون الموروث الثقافي والاجتماعي الذي يميز البحرين. المواد الثالثة والرابعة تفرض احترام العادات والتقاليد وتمنع الظهور بملابس غير محتشمة أو تحمل رسومات مسيئة، وهو ما يضمن عدم المساس بالنسيج الاجتماعي والقيمي.
2. تعزيز النظام العام والسكينة:
يعمل المقترح على تعزيز النظام العام والسكينة في الأماكن العامة. فالمادة السادسة تحظر أي قول أو فعل فيه إيذاء لمرتادي الأماكن العامة أو إضرار بهم أو يؤدي إلى إخافتهم أو تعريضهم للخطر. هذا الحكم ضروري لضمان شعور الأفراد بالأمان والراحة عند استخدام المرافق العامة، ويقلل من السلوكيات التي قد تسبب الإزعاج أو الفوضى. كما أن المادة الخامسة، التي تمنع الكتابة أو الرسم غير المرخص به على الجدران، تسهم في الحفاظ على جمالية الأماكن العامة ونظافتها، مما يعزز المظهر الحضاري للمملكة.
3. حماية الممتلكات العامة والخاصة:
من خلال تجريم الكتابة أو الرسم على جدران الأماكن العامة ومكوناتها دون ترخيص (المادة الخامسة)، يساهم المقترح في حماية الممتلكات العامة والخاصة من التخريب والتشويه، حيث إن هذه السلوكيات لا تشوه المظهر العام فحسب، بل تكلف الدولة والمؤسسات الخاصة أموالاً طائلة لإزالتها وإصلاحها. وبالتالي، فإن القانون يحد من هذه الأفعال ويساهم في الحفاظ على الأملاك العامة والخاصة.
4. توفير بيئة جاذبة للسياحة والاستثمار:
إن وجود إطار قانوني واضح يحدد السلوكيات المقبولة في الأماكن العامة يساهم في توفير بيئة جاذبة للسياحة والاستثمار. فالسياح والمستثمرون يبحثون عن وجهات تتمتع بالاستقرار والأمان واحترام القيم، وعندما يدرك الزوار أن هناك قوانين تضمن بيئة محترمة ومنظمة، فإن ذلك يعزز من سمعة البحرين كوجهة سياحية واستثمارية آمنة ومتحضرة.
5. إرساء مبادئ العدالة والإنصاف:
يتضمن المقترح آليات لضمان العدالة والإنصاف في تطبيقه. فالمادة الثامنة تحدد الغرامات المالية كعقوبة للمخالفات، مع مضاعفتها في حال تكرار المخالفة، مما يوفر رادعاً مناسباً. والأهم من ذلك أن الفقرة (2) من المادة الثامنة تمنح الحق للمتضرر بالتظلم أمام المحكمة الإدارية المختصة، مما يضمن وجود رقابة قضائية على قرارات تطبيق القانون ويحمي حقوق الأفراد من أي تعسف محتمل.
6. مواكبة التطورات التشريعية العالمية:
تتجه العديد من الدول في العالم، سواء ذات الخلفية الثقافية المماثلة أو المختلفة، إلى سن قوانين مماثلة لتنظيم السلوك في الأماكن العامة، بهدف الحفاظ على النظام، وتعزيز القيم المجتمعية، وتوفير بيئة آمنة ومحترمة لمواطنيها وزوارها. وهذا المقترح سيضع مملكة البحرين في مصاف الدول التي تواكب التطورات التشريعية العالمية في مجال تنظيم الذوق العام.
بناءً على ما تقدم، فإن هذا المقترح يعد ضرورة ملحة للمصلحة العامة في مملكة البحرين، فهو يسهم في حماية الهوية الثقافية، وتعزيز النظام العام، وحماية الممتلكات، وجذب الاستثمار والسياحة، كل ذلك ضمن إطار قانوني يضمن العدالة والإنصاف.