مع اقتراب رحلة دراسية جديدة، نؤكد على أهمية دور الأسرة في التهيئة النفسية لأبنائهم لمواجهة هذه الفترة المفصلية من حياتهم، خلال العمل الوقائي الدؤوب لجعلها تجربة فريدة لتطور شخصي وأكاديمي. وبما أن الأسرة هي الحاضن الأول الذي يعزز المشاعر الصحية لدى الأبناء، وجب أن تكون البيئة المنزلية على أهبة الاستعداد لا بالانغماس في توفير المتطلبات المادية فقط، بل أيضاً تقديم الدعم النفسي والاحتواء اللازم.
حيث إن من البديهي أن هناك الكثير من المواقف التي ستصادف الأبناء خلال الساعات الطوال التي يقضونها في يومهم المدرسي، والذي سيكون كفيلاً بخلق الكثير من التفاعلات مع الكثير من المواقف بين أقرانهم ومعلميهم، كيف سيتم التعامل معها وكيف سيكون انعكاسها؟غالباً ما نقول إن سلوك الأبناء انعكاس لما يحدث من تفاعلات في البيئة الأولية متمثلة بالأسرة!
وهذا ما أكدته الدراسات التي أشارت بأن الدعم والتفاعل الإيجابي الذي يتلقاه الأبناء في الأسرة له آثار إيجابية على النمو الاجتماعي والعاطفي.
ويعتبر التواصل الفعّال والمفتوح بين الأهل وأبنائهم هو الأساس في بناء المنظومة النفسية المتزنة وفتح قنوات التواصل للتعبير بحرية عن المخاوف والتحديات عبر بيئة آمنة لكل ما يواجهه الأبناء في المدرسة، ويتطلب استماعاً واحتواء واعياً.
وبما أن لكل مرحلة عمرية ودراسية خصوصيتها واحتياجاتها؛ فمن الضروري تعليم الأبناء كيفية التعبير عن مشاعرهم بتنوعها من غضب أو فرح أو خوف أو قلق، بشكل تلقائي يقابله استماع بحب وتقبل، حيث إن للأسرة الدور الرئيسي الذي يساهم في بناء نضجهم العاطفي، خاصة عندما يتم تشجيعهم على فهم مشاعرهم وإدارتها بكفاءة وفاعلية.
كما لا نغفل أهمية غرس مهارات حل المشكلات أيضاً كجزء أساسي في رحلة الدعم النفسي والعاطفي؛ فعندما يواجه الأبناء تحديات مدرسية، مثل صعوبة في فهم بعض الدروس أو ضغط الواجبات، يجب على الأهل تشجيعهم على التفكير في حلول عملية لتلك المشكلات التي يواجهونها والمساهمة في اتخاذ القرارات حيالها، الأمر الذي سيساعدهم على بناء استراتيجيات للتعامل مع ضغوط الحياة.
كما يعتبر دور الأسرة ذا أهمية كبيرة في المواقف الصعبة، كفترة الامتحانات أو مشكلات العلاقات الاجتماعية المعقدة في المدرسة بين الأقران والمعلمين، فمن الضروري أن يُقدم لهم الأهل الدعم العاطفي الكامل. حيث إن التواجد العاطفي للأهل في هذه الأثناء يوفر شعوراً بالاطمئنان، ويساعد الأبناء على التعامل مع مواقف الحياة بشكل متوازن وإيجابي.
يعزز كل ما سبق بعض التقنيات الفعالة كتدريب الأبناء على تقنيات الاسترخاء وإدارة التوتر، كالتنفس العميق أو ممارسة بعض التمارين البسيطة التي تساعد على تقليل القلق والتوتر ال بالواجبات والاختبارات. وأخيراً، من المهم للأهل أن يوفروا روتيناً يومياً ثابتاً يعزز من شعور الأبناء بالاستقرار والطمأنينة، لمساعدتهم على التكيف بشكل أفضل مع التغييرات التي ترافق بداية العام الدراسي.
إن اتباع السلوكيات والإجراءات الفعالة لا يعني فقط المساهمة في تحضير الأبناء نفسياً وعاطفياً للعام الدراسي الجديد، بل يُعزز من نضجهم العاطفي بشكل عام، مما يعينهم على التعامل مع مختلف تحديات الحياة، الدراسية والاجتماعية، بثقة ومرونة.
* أخصائية تربوية