فاطمة الصديقي
«إسبانيا.. حيث يهمس التاريخ للفن وتتناغم الطبيعة مع ألحان الفلامنكو»..أليست هي من وصفها الشاعر ابن الخطيب حين قال: «جادك الغيث إذا الغيث همى يا زمان الوصل بالأندلس».هنا، بين شواطئ البحر الأبيض المتوسط وظلال جبال سييرا نيفادا، تمتد أرضٌ عانقت الحضارات وتزينت بفنون العمارة الإسلامية والكاتدرائيات الشاهقة وميادين كرة القدم الصاخبة.من حكايات قصر الحمراء وسحر حي البيازين في غرناطة، إلى شرفات قرطبة العابقة برائحة أشجار البرتقال، مروراً بشوارع إشبيلية المبللة بصوت العود ونقرات الكعب الفلامنكو، وصولاً إلى سواحل ماربيا الفاخرة وكهوف نيرخا الساحرة.. في إسبانيا، كل زاوية تختزن قصة، وكل مدينة تهمس بسرّ لا ينسى.نعم، إسبانيا حلم الكثيرين، بلد الشمس والبحر، بلد الرومانسية والجمال، أرض تنسجم فيها نغمات الفلامنكو في رقصة تهمس للرياح، وتحلق في الفضاء، تعكس الحزن والفرح معاً في جزء لا يتجزأ من الهوية الإسبانية في الغناء والرقص.فمع سحر وجمال مدينة غرناطة وقرطبة وقصر إشبيلية وقصر الحمراء، تحكي لنا قصص العصور القديمة عندما يلتقي التاريخ والحضارة والثقافة معًا وتحتضنها الطبيعة بشواطئ رملية جميلة من البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي وجبالها الشاهقة كجبال سييرا نيفادا.هذه إسبانيا بالتنوع الثقافي وبالمعمار الفريد لكاتدرائيات ومساجد تاريخية ومواقع أثرية ومناظر طبيعية خلابة، فهي مركز للفن والأدب وتاريخ عريق لرياضة كرة القدم، فهذه الرياضة ثقافة إسبانية قديمة لأشهر الأندية التي عرفها العالم مثل برشلونة وريال مدريد.معاً يمكننا أن نطلق رحلة من هنا حيث «الحلم الأندلسي» لم يعد قصيدة قديمة، بل وجهة تنبض بالحياة والفن والمذاقات، فاستعد لرحلة تأخذك إلى قلب أوروبا الدافئ… حيث تمتزج الشمس بالتاريخ، وتُروى القصص على إيقاع الرومانسية والذكريات.كن مستعداً للسفركن مستعداً لتحمل ذكريات جميلة عن إسبانيا وحضارتها العظيمة، فكل مدينة تروي قصصاً لا تُنسى، استعد لتخوض تجربة ستتكرر حتماً مراراً ليحملك الشوق إليها كل مرة، كن مستعداً فإسبانيا ليست مجرد وجهة وإنما رحلة في عمق الروح لأجواء تنبض بالحياة.غرناطة وحي البيازينوما أدراك ما غرناطة! هي مدينة تاريخية في جنوب إسبانيا، واسم غرناطة مشتق من كلمة (Granada) الإسبانية وتعني الرمان. تشتهر غرناطة بأشهر المعالم التاريخية «قصر الحمراء» تحفة معمارية لفن العمارة الإسلامية، لمدينة تأسست في العصور الإسلامية، وكانت مركزاً للثقافة الإسلامية في الأندلس، كما تضم المدينة القديمة التي تتميز بالمباني التاريخية العريقة وشوارعها الضيقة مثل حي «البيازين»، ويشتهر الحي بمبانيه التقليدية وشوارعه المتعرجة المرصوفة بالحجارة حيث الدكاكين الصغيرة والحرف اليدوية والمقاهي التي تحملك إلى حلم جميل على مناظر بانورامية تحبس الأنفاس من الحي وتهيض المشاعر، بإطلالة على قصر الحمراء والجبال المحيطة والمساجد التاريخية والبيوت ذات الطابع الإسلامي القديم بنقوش جميلة توصف روعة الفن المعماري وفن النقش والنحت في إسبانيا حيث نبض الحياة والرومانسية الأندلسية، موقع مثالي للتصوير والاستمتاع بجمال الطبيعة.قصر الحمراء وجمال الأندلسقصر الحمراء ليس مجرد قصر عادي وإنما تحفة معمارية لن تتكرر ومجمع حصون، وهذا القصر من أهم معالم الجذب السياحي في إسبانيا، من الصعب جدًا وصف هذا القصر، فالعين وحدها قادرة على التمعن في العمارة الإسلامية التقليدية والفن الإسلامي وجمال هذا المكان الذي لا يتشابه جميع أركانه، فكل غرفة لها حكاية ولها تاريخ يتخيله الزائر وهو يجوب المكان وكأنه يعيش في تلك الحقبة بتفاصيل جميلة، حيث النقوش والنوافير والرخام والبلاط المزخرف بألوان زاهية وجدران تود أن تبوح بالأسرار. موقع قصر الحمراء استراتيجي يقع على هضبة يطل منها على جميع أنحاء المدينة من أودية وأشجار وحدائق غناء مليئة بالنوافير والأزهار والأشجار الطويلة.قرطبة.. وأشجار البرتقالمدينة تاريخية غنية بالتراث، تأسست في العصور الرومانية وكانت تعرف باسم «كوردوبا» وهي عاصمة الخلافة الأموية في العصر الإسلامي، تتميز بمعالم سياحية عديدة منها المسجد الكبير، فن معماري رائع ذو قباب في غاية الروعة والجمال والأعمدة المتعددة والمساحة التي كانت تستوعب ما يقارب في ذلك الوقت حوالي 40 ألف مصلٍّ، أو يزيد، ويعرف أيضاً باسم «الكاتدرائية المسجد» بعد تحويله إلى كاتدرائية. يتميز المسجد الكبير بساحات خارجية تزينها أشجار البرتقال في ركن. عاصرت قرطبة العديد من الحضارات الرومانية والإسلامية والمسيحية، ولا زالت بقايا هذه الحضارات حاضرة في قلب قرطبة الجميلة، كما تشتهر قرطبة بـ«قنطرة قرطبة» وهو جسر يقع على نهر وادي الكبير وهو جزء أساسي من نظام توزيع المياه في المدينة للمنازل والحدائق، وهذا يدل على الحياة المدنية الراقية التي كان يعيشها سكانها، كما يعد هذا الجسر أيضاً ملتقى للأدباء والشعراء في تلك الفترة.إشبيلية.. تمازج الثقافةالإسلامية والمسيحيةمعلم من معالم السياحة والثقافة يضم العراقة العربية والمسيحية، وتزدهر بالقصور والمتاحف والكنائس، منها القصر الملكي (Real Alcázar) وهو عبارة عن مجمع من القصور، تحفة معمارية وأيقونة فنية لزخارف ومنحوتات رائعة والخشب المزخرف والفسيفساء، يضم قاعة الاستقبال وقاعة العرش وحدائق ونوافير. ويوجد بالقرب من القصر كاتدرائية إشبيلية وبرج الجيرالدا وهو نصب فني يعكس التمازج الثقافي الإسلامي والمسيحي ومنظر طبيعي يحبس الأنفاس، كما يمكن للسائح زيارة ساحة إسبانيا وحديقة ماريا لويسا، وتتميز بتصميمها النصف دائري الذي يحيط به قناة مائية، أما المقاعد على الحائط فهي مصنوعة من الفسيفساء تمثل مقاطعات إسبانيا، وتتميز أيضًا إشبيلية بأشجار البرتقال التي تنتشر في الشوارع وحدائقها وهي هوية بصرية لإشبيلية ورمز للزراعة المستدامة.ملقا وسحر البحر الأبيضيلتقي سحر البحر الأبيض المتوسط مع تاريخ عريق وثقافة غنية، تمتزج رائحة البحر بالمأكولات التقليدية البحرية، حيث تتراقص أمواج البحر مع أنغام الفلامنكو على الرمال الذهبية، لتكشف لنا أجمل الأماكن السياحية في ملقا، مثل قلعة القصبة أي الحصن وتقع على منحدر جبل الفارو بإطلالة جميلة على مدينة ملقا والبحر، ويمكن للسائح زيارة متحف بيكاسو للفنان العالمي بابلو بيكاسو وكاتدرائية ملقا «لا مانكيتا» التي تعكس التراث المعماري للمدينة الجميلة.رُندة.. وبقايا محرابرُندة مدينة الأحلام المعلقة حيث تتعانق الطبيعة مع التاريخ المزدهر، هي مدينة تقع في جبال الأندلس وهي وجهة فريدة بسبب الجسر المعلق الذي يربط بين ضفتي الوادي العميق بجماله ذي الإطلالة الخلابة على المناظر الطبيعية الرائعة من وديان خضراء وجبال، وبها بقايا محراب يمكن أن يشاهده الزائر بإطلالة خيالية، كما تضم رُندة حلبة مصارعة الثيران وهي من أقدمها، يمكن للزائر أن يمضي أجمل الأوقات في هذه المدينة الساحرة بإطلالتها الفريدة حيث تضم المقاهي والمطاعم وفرصة للتسوق والاستمتاع بالطرقات المليئة بالزهور وعبق التاريخ.ماربيا.. عالم من الفخامة والرفاهيةتعد ماربيا من أروع الوجهات في الساحل الإسباني، عالماً جميلاً من الفخامة والرفاهية، تحتضن شواطئ خلابة ومراسي لأفخم اليخوت العالمية، تلتقي المدينة بروعة البحر وسحر الجبال والمنازل البيضاء والساحات الساحرة التي تعكس الثقافة والتاريخ معاً، حيث الاسترخاء تحت أشعة الشمس والمغامرة مع الأنشطة البحرية. هي جديرة باكتشاف عالم من الجمال والترف الذي تشتهر به المطاعم الفاخرة ذات نجوم ميشلان ودور الأزياء العالمية. يمكن للسائح زيارة المدينة القديمة التي تشتهر بأبنيتها وشرفاتها المليئة بالزهور والأزقة ذات البلاط الأحمر، والتقاط الصور في كل ركن من هذه المدينة واجب لسحرها الذي لا مثيل له ولما تخبئه من أسرار وذكريات جميلة خاصة مع مشاهد غروب الشمس.قمة نيفادا.. والرياضات الشتويةتشتهر قمة نيفادا بالثلوج على سفوحها لتكون ملاذًا لهواة التزحلق على الجليد في فصل الشتاء، وتعد قمة نيفادا من أعلى القمم في جبال سييرا نيفادا في جنوب إسبانيا، تصل قمتها إلى أكثر من ثلاثة آلاف متر، فهي رمز للطبيعة ومكان للتنوع البيئي وملاذ لعشاق المغامرة وتسلق الجبال والرياضات الشتوية. يمكن استخدام التلفريك للوصول إلى أعلى الجبل.قرية نيرخا.. وكهوف مذهلةتعتبر نيرخا وجهة مثالية لمحبي الطبيعة والهدوء حيث المناظر الجبلية والتضاريس الخضراء والشوارع المرصوفة بالحجارة وكهوفها الضخمة الشهيرة كمغارات مذهلة التي تتسم بالرسومات القديمة والأنفاق. وتشتهر أيضاً بالكنائس التي تعود إلى القرن السادس عشر، وتضم أيضًا أجمل الفنادق والمطاعم والمقاهي والأسواق الكثيرة. منطقة جميلة ومثالية لمن يبحثون عن استكشاف الجمال الإسباني.الفلامنكو والمطبخ الإسبانيرقصة الفلامنكو تعبر عن الهوية والثقافة الإسبانية، صنفت كتراث ثقافي غير مادي، وهي من أبرز الفنون التقليدية التي تتسم بالحركة التي تتطلب السرعة ودقة حركة الأقدام والإيقاع الحيوي والتعبير العاطفي من الغناء الذي يعبر عن الحب، والفراق، والمعاناة، والألم.خيارات الطعام الحلال والنباتي عديدة في إسبانيا، ولكنها تشتهر بالأطباق اللذيذة التي تمتع البصر والتذوق والرائحة الزكية، ومن أشهر الأطباق التقليدية في إسبانيا طبق الباييلا بالمأكولات البحرية أو الدجاج والخضروات والزعفران، كما تشتهر بالتورتيلا الإسبانية وهي مصنوعة من البيض والبطاطس، بجانب المشاوي البحرية العديدة.الطقس واللغة والعملةإسبانيا تجذب الزوار على مدار السنة، فهي جميلة لعشاق البحر في فصل الصيف، ومعتدلة في فصل الشتاء لمحبي المغامرات والاسترخاء.اللغة الرسمية هي اللغة الإسبانية وهي واحدة من أكثر اللغات تحدثاً في العالم، مثل دول أمريكا اللاتينية، أما العملة المتداولة فهي اليورو.