الأنصاري: للبحرين نموذج خاص لتحقيق التوازن بين الجنسين وتجارب ناجحة قابلة للاقتباس
في مقابلة لسعادة الأستاذة هالة الأنصاري الأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة خصت بها مجموعة أكسفورد للأعمال، أكدت سعادتها أن مملكة البحرين وفي سياق ما تنتهجه من سياسات متطورة لاستدامة تقدم المرأة في الشراكة التنموية، تواصل في اتخاذ التدابير اللازمة لدعم مشاركة المرأة في القطاعين العام والخاص عبر استحداث سياسات نوعية تساهم في تعزيز فرص التوازن بين الجنسين ضمن المسارات المهنية وعلى صعيد التوفيق بين التزامات العمل والواجبات الأسرية، وكان لها أكبر الأثر والفائدة خلال الفترة الحرجة التي مر بها العالم أثناء جائحة (كوفيد19).
كما أشارت الأمين العام إلى طبيعة التعاون بين المجلس الأعلى للمرأة كجهة مسؤولة عن متابعة تطبيق السياسة الوطنية العامة لإدماج احتياجات المرأة في التنمية وبين مؤسسات الدولة، وهو تعاون منظم وفق منهجيات وآليات عدة، وفي مقدمتها، النموذج الوطني لمتابعة عمليات إدماج السياسة العامة ومتابعة سبل تنفيذها وقياس أثر تطبيقها.
وفي هذا الشأن، ألقت الأمين العام الضوء على ما يتحقق من نمو وتطور على مؤشرات أداء المرأة البحرينية التي تعد حصيلة منطقية لتلك السياسات المدروسة المتسقة مع احتياجات وطموحات المرأة البحرينية، وجميع ذلك يتم وفق شراكات وطنية تجتهد في أن تكون مملكة البحرين مركزاً للخبرة النوعية في مجال وشؤون المرأة على مستوى المنطقة، وبتجارب ناجحة قابلة للاقتباس.
الدروس المستفادة من كوفيد ١٩
وحول مخرجات تلك الشراكات الفاعلة على المستوى الوطني خلال فترة الجائحة، أوضحت الأنصاري بأن المجلس قد كثف جهوده لتشجيع قطاعات العمل من أجل اعتماد سياسات العمل المرنة التي تلبي احتياجات الأمهات العاملات على اختلاف ظروفهن الصحية أو العائلية، والتنبيه كذلك لظروف الأسر اللاتي تعمل نساءها في الصفوف الأولى بضرورة منح الآباء ذات الامتيازات للبقاء مع أبناءهم ومتابعة شؤونهم خلال تلك الفترة الحرجة.
وبحسب نتائج الدراسات التقييمية لمثل تلك المبادرات، فقد تبين بأن هناك تفاعل إيجابي من قبل المستفيدين توضحه نسب الولاء الوظيفي والإنتاجية والتطور المهني بشكل عام. وأضافت، في ذات السياق، بأنه وفقاً لمسح مؤسسي أجراه مصرف البحرين المركزي، فإن ممارسات العمل عن بعد أسفرت عن العديد من النتائج الإيجابية للمؤسسات المالية، حيث أكدت 57% من هذه المؤسسات أن هناك انخفاضاً في معدل غياب الموظفين وارتفاع مستويات الإنتاجية للعاملين من المنزل، فيما أكد حوالي نصف المؤسسات المشاركة بأنها تخطط لمواصلة تنفيذ مثل هذه السياسات المرنة على المدى الطويل.
وحول سياسات التحول الإلكتروني في مجالات العمل التجاري والتي تفتح أمام المرأة مسارات وفرص عمل متجددة، أشارت الأنصاري إلى أن مملكة البحرين خطت خطوات مهمة في دعم المشاريع التجارية والشركات الناشئة وريادة الأعمال في المملكة، حيث أطلقت وزارة الصناعة والتجارة نظام السجلات التجارية الافتراضية “سجلي” لدعم أنشطة رواد الأعمال بشروط مرنة، وتتسم بتبسيط إجراءات تأسيس بعض المنشآت لأصحاب الأعمال الحرة دون الحاجة لتسجيل المنشأة على عنوان مكتب أو مقر.
تحديات تحقيق التوازن بين الجنسين
وفيما يتعلق بالتحديات التي تقف أمام تحقيق التوازن بين الجنسين، أكدت الأمين العام أن المجلس الأعلى للمرأة يعمل على متابعة تلك التحديات وتأثيراتها من خلال تحديث برامج الخطة الوطنية لنهوض المرأة البحرينية وبما يدعم تنفيذ الأولويات الخاصة بخطة التعافي الاقتصادي التي أطلقتها الحكومة الموقرة، لافتةً إلى أن المجلس حرص على موائمة الاستراتيجية التنفيذية للخطة الوطنية لنهوض المرأة البحرينية للفترة 20232026 مع توجهات وتطلعات برنامج العمل الحكومي، لضمان تحقيق ذلك.
وتطرقت الأنصاري خلال حديثها عن الأولويات الرئيسية للمجلس الأعلى للمرأة والمتمثلة في رفع مساهمات المرأة في سوق العمل وحصتها ضمن الناتج الوطني، بما في ذلك تشجيع المرأة على ريادة الأعمال الحرة التي تلبي احتياجات السوق، إلى جانب تعزيز التوازن بين الجنسين في المناصب العليا في قطاعات العمل الواعدة والة بعلوم المستقبل وفي مجالس إدارة الشركات الكبرى، بالإضافة إلى استثمار مميزات التطور التقني والتحول الرقمي لصالح المرأة العاملة للحفاظ على استقرارها الوظيفي ومجالات ترقيها وبالتالي استدامة حضورها كشريك فاعل في التنمية الوطنية.
ارتباط الخطة بأهداف التنمية المستدامة
وفي ردها على سؤال حول الأولويات الرئيسية لتحقيق التزام مملكة البحرين تجاه أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة 2030، أجابت الأنصاري أن الخطة الوطنية لنهوض المرأة البحرينية في تصميمها راعت في فترة مبكرة تلك الالتزامات الدولية، وقامت بدراسة مستفيضة للتأكد من مدى ترابط الخطة الوطنية مع التطلعات والغايات الدولية على الصعيد التنموي.
وبحسب نتائج هذا التدقيق، فإن مضمون الخطة يتفق مع 64% من مؤشرات أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالمرأة، وتشمل نقاط التوافق الوصول المتكافئ للرعاية الصحية وفرص العمل والتعليم للنساء والأطفال، والتمثيل السياسي للمرأة في عمليات صنع القرار، مؤكدةً أن هذا الربط العلمي بين الوثيقتين يعمل على تيسير عمليات الإيفاء بالالتزامات الدولية والتعريف بها، ويرفع من مستويات الخبرة الوطنية في مجال تمكين المرأة التي تعد عاملاً أساسياً في تعزيز النمو الاقتصادي وتحقيق العدالة الاجتماعية.
هذا وقد أفردت الدورية قسماً خاصاً للحديث عن التوجهات العالمية نحو أهمية تحقيق التوازن والمساواة بين الجنسين، التي تحظى باهتمام بالغ من قبل المفكرين والمختصين ودور النشر ومراكز الفكر، في سياق ما تهتم به دول العالم لتسريع تنفيذ السياسات الداعمة لتقدم وتمكين المرأة، ومنها على سبيل المثال، مشاركتها في مواقع صنع القرار وعلى وجه التحديد العمل البرلماني وتعزيز المهارات الرقمية للمرأة، وارتباط تقدمها بتحقيق التنمية المستدامة.
كما أشارت الدورية في عددها الأخير إلى بعض المؤشرات ذات العلاقة بالمرأة البحرينية في مجال المؤسسات الناشئة حيث أوضحت أن 18% من الشركات الناشئة المحلية تم تأسيسها من قبل نساء، مقارنة بـ 15 % في لندن و 16 % في وادي السيليكون وفقاً لتقرير صادر عام 2022 عن مجلس التنمية الاقتصادية في البحرين وشركة Business Intelligence Firm MEED، إلى جانب احراز البحرين المرتبة الأولى عالمياً في المؤشرات الفرعية الشاملة لمؤشر ميتا للإنترنت بفضل السياسات الوطنية لتمكين المرأة في مجال التكنلوجيا والتدريب على المهارات الرقمية للإناث.