لم يعد الإعلام الرياضي مجرد مساحة لعرض النتائج أو متابعة المباريات، بل أصبح ركيزة أساسية في صناعة الرياضة الحديثة، وشريكاً مباشراً في تطويرها وتعزيز حضورها جماهيرياً. فالإعلام اليوم يلعب دوراً محورياً في صناعة النجوم، ودعم المواهب الصاعدة، وصياغة حالة من الوعي والانتماء لدى الجمهور، وهي أدوار تتطلب عمقاً ومسؤولية تتجاوز حدود التغطية التقليدية.
الإعلام القوي قادر على تسليط الضوء على لاعب ناشئ قد لا يعرفه أحد، وتحويله إلى اسم متداول بفضل محتوى مؤثر أو تقرير مهني يبرز موهبته. ولطالما كانت بداية كثير من النجوم عبارة عن مقابلة صغيرة، أو لقطة تفاعل معها الجمهور، ليصبح الإعلام بعد ذلك منصة تدفع بالمتميزين إلى الأمام، وتمنحهم الدعم المطلوب في رحلة النجاح.
ومع التطور السريع في أدوات الإعلام الرقمي، تغيّرت أيضاً طريقة متابعة الجمهور للأحداث الرياضية. فالسوشيال ميديا جعلت المشاهد شريكاً مباشراً في المحتوى، يعلّق، يناقش، ويعيد تشكيل الرأي العام. لم يعد الانتظار لنشرة الأخبار ضرورياً، فالمعلومة تصل في ثانية، والتحليل ينتشر خلال دقائق، والمشهد الرياضي بأكمله أصبح أكثر حيوية وتفاعلاً من أي وقت مضى.
لكن هذه القوة الكبيرة تضع الإعلامي أمام مسؤوليات أكبر أيضاً؛ مسؤولية تقديم محتوى دقيق، متوازن، خالٍ من المبالغة، ويحترم عقل الجمهور. فالإثارة وحدها لا تبني رياضة، ولكن المهنية تفعل ذلك. كما يتحمّل الإعلام دوراً مهماً في مواجهة الشائعات، وتقديم المعلومات من مصادر موثوقة، وتعزيز الثقافة الرياضية وقيم الروح التنافسية والانضباط بين الشباب.
إن الإعلام الرياضي اليوم ليس ناقلاً للحدث فقط، بل صانعاً له، ومؤثراً في مساره، وداعماً لمسيرة المنتخبات والرياضيين البحرينيين. ومع الطموح المتصاعد لدى الشباب، تبقى مسؤولية الإعلام أن يكون منصة ترتقي بالمواهب، وتبني وعياً يليق باسم البحرين ودورها الرياضي المتقدّم.
وكإعلامي رياضي عايَش الملاعب والبطولات، أؤمن أن الكلمة قد تصنع بطلاً قبل أن يلمس خط النهاية، وأن الرسالة الصادقة تستطيع أن تغيّر مسيرة رياضي بأكملها.
