في زمن تتغيّر فيه معادلات القوة، لم يعد النفط وحده هو ما يصنع مستقبل الدول، ولم تعد الموارد الطبيعية ضمانة دائمة للنمو. اليوم أصبح الاستثمار الحقيقي هو الاستثمار في الإنسان، في عقله، في علمه، وفي قدرته على الإبداع. وهنا تظهر رؤية البحرين الاقتصادية 2030 بوضوح، رؤية وضعت الإنسان في مقدمة الأولويات، باعتباره الثروة التي لا تنضب.
هذه الرؤية لم تبقِ حبراً على ورق، بل تحولت إلى واقع يلمسه كل بحريني. فالدولة لم تكتفِ بإنشاء بنية تحتية وتقنية، بل ركزت على التعليم الحديث، الابتكار، دعم رواد الأعمال، وتمكين الشباب. أصبحت الجامعات حاضنة للأبحاث، والمدارس تتحول تدريجيًا من التلقين إلى التفكير، بينما تبدأ الشركات والمؤسسات في البحث عن الموهبة قبل الشهادة، وعن الشغف قبل الخبرة.
قصص النجاح في البحرين كثيرة، وتثبت أن الاستثمار في الإنسان لا يفشل. طلاب بحرينيون ابتكروا في الذكاء الاصطناعي، وحققوا مراكز عالمية. رياضيون رفعوا علم المملكة في منصات دولية، واسماً أصبح ًا بالتميز والانضباط. شبابٌ أطلقوا مشاريع صغيرة تحولت إلى علامات تجارية تنافس في السوق، وآخرون قدّموا حلولاً تكنولوجية في الطاقة والبيئة والطب.
هذه النماذج تؤكد أن ثروة البحرين الحقيقية ليست تحت الأرض… بل فوقها. في عقل الطبيب، وإصرار الرياضي، وإبداع المخترع، وشغف الموهوب. في الطفل الذي يحلم، وفي الشاب الذي يجتهد، وفي المعلم الذي يبني، وفي الإعلام الذي يوجه. هذه هي الثروة التي لا تنتهي، ولا ترتبط بسعر عالمي، ولا تتأثر بظروف اقتصادية.
إن الاستثمار في الإنسان ليس خيارًا، بل واجبًا وضرورة. فالدول التي تصنع مستقبلها هي التي تبني العقول قبل أن تبني الأبراج. واليوم، ومع استمرار رؤية 2030، نحن أمام مرحلة جديدة، يكون فيها البحريني شريكاً في الإنجاز، صانعاً للتغيير، وبوابة نحو مستقبل أكثر قوة وازدهاراً.
