شارك الباحث البحريني محمد ناصر لوري، نائب رئيس جمعية تاريخ وآثار البحرين ومدير تحرير مجلة دلمون، في فعاليات مؤتمر التراث الثاني الذي نظمه معهد الشارقة للتراث تحت شعار “التراث الشعبي بعيون الآخر”، بمشاركة نخبة من الأكاديميين والباحثين المتخصصين في مجالات التراث والتاريخ من مختلف دول المنطقة.
وقدم لوري خلال المؤتمر ورقة بحثية بعنوان “التراث العربي في كتابات الرحالة الغربيين بين دقة التوثيق والنزعة الاستشراقية”، استعرض فيها جانبًا من المدونات الغربية التي تناولت تاريخ وتراث المنطقة العربية والخليج، مسلطًا الضوء على التناقض الواضح بين الجهود التوثيقية لبعض تلك الكتابات، والانحيازات الفكرية والثقافية التي حملتها أخرى في سياق ما يُعرف بالنظرة الاستشراقية.
وخلال مداخلته، تناول لوري أربعة من أبرز الكتب التاريخية التي تُعد من المصادر الغربية المبكرة حول الجزيرة العربية ومنطقة الخليج، وهي كتب قام بترجمتها إلى العربية الباحث البحريني الدكتور عيسى أمين، بينما تولّى محمد لوري مهمة تحريرها والإشراف العلمي على إخراجها بشكل دقيق يراعي سلامة المضمون ويعزز المحتوى العربي الموثق في هذا المجال، مع تعليق في الهوامش على بعض الأخطاء و المغالطات التي أورتها الكتب.
وشملت الدراسة التي تم تقديمها خلال الجلسة الافتتاحية في المؤتمر كتب “رحلة العقيد لويس بيلي إلى الرياض”، و”تقرير القبائل والموانئ على سواحل الخليج”، و”مذكرات جورج فورستر سادلير”، و”مائة عام من الخدمات الطبية” للطبيب بول هاريسون، وجميعها تكشف أبعادًا مختلفة لتاريخ المنطقة من منظور الرحالة والدبلوماسيين والأطباء الغربيين الذين زاروها في فترات متفاوتة من التاريخ الحديث.
وأكد لوري في ورقته أن ترجمة هذه الأعمال إلى العربية هي جزء من مشروع وطني وأكاديمي يهدف إلى تمكين الباحث العربي من الاطلاع على هذه المصادر المهمة مع فهم نقدي واعٍ لطبيعتها، وقراءتها في سياقها الزمني والسياسي بعيدًا عن التوظيفات الاستشراقية التي قد تُحمّل النصوص أكثر مما تحتمل، كما نوّه إلى الدور الرائد الذي تضطلع به جمعية تاريخ وآثار البحرين في حفظ التراث البحريني والخليجي، وتوفير مصادر علمية دقيقة باللغة العربية تُسهم في صون الذاكرة الوطنية وتعزيز الدراسات التاريخية المعمّقة.
واختتم لوري مداخلته بالتأكيد على أهمية استمرار جهود الترجمة والتوثيق والمراجعة الأكاديمية للمصادر التاريخية الغربية حول منطقتنا، مشددًا على أن الوعي بتاريخنا وثقافتنا وهويتنا جزء لا يتجزأ من مشروعنا الحضاري في مواجهة التحديات الفكرية والثقافية المعاصرة.