البحراني يروي مسيرته لـ”الوطن”: فتحت «برادة» وأنا طالب في المرحلة الإعدادية
حسن الستري، تصوير ثامر طيفور
استثمر الأرباح في تجارة السيارات
قناعتي حول تقسيم الأراضي تغيرت بعد دخول «النواب»
انطلاقتي من أرض «المالكية» التي اشتريتها قبل الجامعة
«كورونا» تسببت بعراقيل لتحقيق تطلعات المواطنين
نشأ في أسرة بسيطة، إلا أن والده شجعه على دخول العمل التجاري منذ صباه، ففتح “برادة”، ومن أرباحها عمل في بيع وشراء السيارات، وهو ما زال بالمرحلتين الإعدادية والثانوية.
تلك هي بداية مسيرة النائب السابق محمود البحراني، الذي أكد في حديثه لـ”الوطن” أن عمله التجاري في طفولته أثر في تحصيله العلمي، بيد أن والده وجهه للدراسة بالهند، وهناك اكتشف نفسه وتخرج بمرتبة الشرف الأولى، وعاد لينطلق من أرض اشتراها بالمالكية، ليصبح تاجراً في أكثر من مجال، ثم نائباً.
ويقول البحراني: “كان والدي مسؤولاً في جمعية إسكان عالي الخيرية، وكان لدى الجمعية مشروع تطويري لعقارات الجمعية، فأخذت منهم 3 (شترات) وفتحت البرادة، كما طلبت جامعة البحرين فتح برادة فيها وانتقلت من عالي إلى الجامعة.
وعن بدايات عمله، أكد أنه التحق بالمحافظة الشمالية، وكان في الوقت ذاته يعمل مع والده بالعقارات، وبقي لديهم 4 سنوات، إلى أن أحس بأن العمل الحكومي يشكل عائقاً أمام تطور تجارته، فاستقال وتفرغ للتجارة. وفيما يأتي اللقاء:
حدثنا عن بدايتك؟
نشأت في أسرة بسيطة في منطقة عالي، ورغم أن اسم عائلتنا البحراني، فإننا كنا نعرف بقرية عالي بـ”أولاد الشيخ”، نسبة إلى جدنا لأمنا الشيخ إبراهيم المبارك، فأكثر أصحابي كانوا أبناء خالتي وأهلي، وكانت تربطني علاقة قوية بالمجتمع، مع أنني كنت أقطن إسكان عالي، ولكن علاقتي كانت كلها بالقرية.
وماذا عن دراستك؟
درست الثانوية العامة بمدرسة مدينة عيسى الثانوية، في تخصص العلمي، ولم يكن مجموعي يؤهلني للدراسة بجامعة البحرين، لذلك اتجهت إلى الدراسة في الهند، وتخرجت بمرتبة الشرف الأولى تخصص العلوم التجارية، وكان يفترض أن أكمل الماجستير هناك، ولكني تعرضت لوعكة صحية أجبرتني على الرجوع إلى البحرين.
لماذا اخترت العلوم التجارية؟
والدي كان يعمل في التجارة، لذلك شجعني على هذا التخصص، ولم يكن لدي وعي كاف بباقي التخصصات، كما أنه كانت لدي ميول تجارية.
هل أفهم من كلامك أنك كنت تمارس التجارة وأنت على مقاعد الدراسة النظامية؟
هذا صحيح، فوالدي لم يكن يريد أن نعتمد عليه من جهة، ومن جهة أخرى كان يريد أن يشغل وقت فراغنا بالعمل بدلاً من إضاعة الوقت باللعب بالشارع، لذلك شجعني ومولني لأفتح “برادة” وعمري 14 سنة، أي أنني ما زلت بالمرحلة الإعدادية، ومن أرباح هذه البرادة كنت أبيع وأشتري السيارات.
وكيف كان ذلك؟
الوالد كان مسؤولاً في جمعية إسكان عالي الخيرية، وكان لديهم مشروع تطويري لعقارات الجمعية، فأخذت منهم 3 “شترات” وفتحت البرادة، ثم حصل أن طلبت جامعة البحرين فتح برادة فيها، وانتقلت من عالي إلى الجامعة، ووفقني الله.
وكان أبناء خالتي يذهبون إلى الإمارات والكويت ويأتون بسيارات ويبيعونها بالبحرين، فكنت أذهب معهم بالبداية مرافقاً، وهناك تشجعت وبدأت أشتري السيارات من أرباح البرادة، وأبيعها بالبحرين، كنا نربح بالسيارة الواحدة 400 دينار، وكان مبلغاً كبيراً في ذلك الوقت، كما أن المتعة كانت في الحركة.
وكيف وفقت بين الدراسة والتجارة؟
كان استيعابي قوياً، لذلك لم أكن أذاكر، وتخرجت في المرحلة الثانوية بمعدل 65%، وهو معدل لا يسمح لي بدخول جامعة البحرين آنذاك، وهنا تدخل الوالد وأصر على أن أترك التجارة وأذهب للدراسة بالهند إذا أنا متضايق من معدلي، وقد بعت السيارات وذهبت إلى الهند من مال التجارة الذي جمعته، أما “البرادة” فبعتها واشتريت بدلاً منها أرضاً بالمالكية، وكان يومها الأراضي بسعر 4000 دينار.
وكيف كانت الدراسة بالهند؟
قبل السفر إلى الهند كان تفكيري منصباً على التجارة، “أجمع فلوساً وأكبر تجارتي”، لم أكن أحس بقيمة التعليم، ولكنني حين تفرغت للدراسة بالهند، وجدت نفسي واكتشفت موهبتي، ورأيت أن لدي قدرة على التميز والنجاح، وهذه الغربة التي كسرت الحاجز.
بدأت مشوار الدراسة بالهند، الغربة كانت صعبة، أول مرة أعيش خارج بلدي، والدراسة بجامعة “بونا” كانت بالنظام التقليدي، 100 درجة على الامتحان النهائي، وإذا ترسب بمادة فإنك تعيد السنة بأكملها.
وبسبب خوفي من الرسوب، كنت أدرس 6 أو 7 ساعات في اليوم، بالسنة الأولى حصلت على تقدير جيد جداً، وبالسنة الثانية حصلت على امتياز، وفي آخر سنة تخرجت بامتياز مع مرتبة الشرف الأولى، وبسبب هذا المعدل المرتفع تم منحي منحة لدراسة الماجستير بنصف السعر، وبالفعل درست سنة واحدة، ولكني تعرضت لوعكة صحية، أجبرتني على العودة إلى البحرين.
وماذا فعلت بعد العودة من الدراسة من الهند؟
بالبداية التحقت بالمحافظة الشمالية، وكنت في الوقت ذاته أعمل مع والدي بالعقارات، وبقيت لديهم 4 سنوات، إلى أن أحسست أن العمل الحكومي يشكل عائقاً أمام تطور تجارتي، فاستقلت وتفرغت للتجارة.
وهل كان عملك التجاري مقتصراً على عملك مع والدك؟
لا، فأنا بدأت من الأرض التي كانت لدي بالمالكية، وصل سعرها إلى 18 ألف دينار، بعتها وبدأت أبيع واشتري بالعقارات لحسابي الخاص.
ولكن أسعار العقارات كلها ارتفعت مرة واحدة، فكيف كنت تربح يومها؟
بحكم أنني موجود بالسوق، كنت أحصل على “فلتات”، بمعنى أنني كنت أشتري الأرض بـ70% من سعرها الحقيقي، كما أن اسم والدي كان يساعدني، كنت أبيع وأشتري العقارات بـ”الهاتف”، لذلك أرى أنه من الإجحاف أن أصف نفسي بالعصامي، فقد كان أمامي جبل ارتقى عليه بعملي.
وبعد البيع والشراء زاد رأس مالي، وبعدها قمت أشتري مخططات وأقسمها وأبيعها، ثم دخلنا في قسم التطوير العقاري، نبني بيوتاً ونبيعها على الناس، وارتفع رأس مالي بسرعة من 120 ألف دينار إلى مليون دينار خلال عامين، صحيح أنني استفدت كثيراً ولكن رأيي تغير بعد دخولي المجلس النيابي.
وكيف كانت عملية تقسيم الأراضي؟
كانت صعبة، إذ إن الأرض تأخذ عاماً حتى يتم تقسيمها، وستة أشهر حتى تباع، ما يعني أن رأس المال يظل محجوزاً لمدة سنة ونصف، ولكن الأرباح كانت تصل إلى 40%، ولم أكن أضع مالي كله في سلة واحدة.
وماذا فعلت بعدها؟
ذهبت إلى إثيوبيا، وعملت في بيع اللحوم، كنا نشتري الأغنام ونصدرها إلى السعودية، وجاءت صفقة لبيع الأغنام بالبحرين، ولكن الشحنة كانت قليلة ولم يكن من المجدي تسيير قافلة إلى البحرين، بقيت أصدر الأغنام إلى السعودية سبعة أشهر، ولأن القوانين والأنظمة في إثيوبيا لم تكن ثابتة، وأصبحت هناك منافسة على البواخر وأصبحت المخاطر عالية، تركت العمل في إثيوبيا وذهبت للعمل في تركيا، كوسيط لبيع الحلويات.
وبعد أشهر عدت إلى البحرين، وأخذت وكالة من أمريكا لصبغ جلود السيارات، والحمد لله أصبح المشروع ناجحاً حتى اليوم، كما أنني أكملت دراسة الماجستير في الجامعة الأهلية في الإدارة.
لنتحدث عن مرحلة مجلس النواب، كيف ترشحت لمجلس النواب؟
بتشجيع من الأقرباء والأصدقاء وأهالي القرية، فأنا لدي أهل بالمالكية وعالي وصدد، والوالد أساساً من قرية المالكية، ولكن لأنه حصل على بيت إسكان بقرية عالي، ولأن زوجته من عالي انتقل إليها، وكان طيلة هذه الفترة يراوده الحنين للعودة إلى المالكية، إلى أن جاءت الفرصة وعاد إليها.
كيف شجعك أهالي القرية وأنت أصلاً عشت طفولتك بقرية عالي وطيلة عمرك كنت متفرغاً للدراسة؟
كنت آتي إلى المالكية خلال عطلة نهاية الأسبوع، كما أن بعض أرباح شركاتنا كانت تخدم قرية المالكية كما تخدم قرية عالي، وكان لي حضور في النادي، ووالدي كانت تربطه علاقات مع وجهاء المالكية، لذلك وقفوا معي بفترة الانتخابات، وحققت أصواتاً كثيرة، وهو عدد ألقى علي بعض الالتزامات للنهوض بالمسؤولية الوطنية، الأمر الذي أتعبني كثيراً.
هل تعرضت لانتقادات بسبب قرار الترشح لمجلس النواب؟
هذا بديهي، ولكن كان لدي وجهة نظر مختلفة، لست من النوع الذي يأتي من وراء الجدار ويصرخ، أنا إذا عندي كلمة أقولها بكل صراحة، “اللي في قلبي على لساني”، اخترت اللجنة المالية كوني تاجراً، أتعامل مع الأرقام، فلماذا أدخل لجنة أخرى وأضيع وقتي فيها؟
كيف تصف مجلس نواب 2018؟
كانت مرحلة صعبة، فقد كنا نواجه مرحلة التوازن المالي، وداهمتنا جائحة كورونا، الأمر الذي سبب لنا عراقيل في تحقيق تطلعات المواطنين الذين يريدون أشياء ملموسة، ونحن بالمقابل كنا مضطرين إلى الموافقة على قوانين لا ترضيهم بسبب الظروف، فنحن اللجنة المالية نؤدي واجبنا للمواطن بشكل مختلف عن اللجان الثانية، لم أكن لأحمل الأجيال القادمة مستوى معيشة المواطنين الحاليين، هذه تحديات لا يلمسها المواطن.
كان هناك دعم خليجي مشروط بقرارات صارمة لوقف الهدر في الميزانية، وهذه القرارات تؤثر في المواطن إما بطريقة مباشرة أو غير مباشرة كالضريبة ورفع الدعم عن الكهرباء ببعض القطاعات.
وكيف تصف رضا أهالي الدائرة عنك؟
لن أتكلم عنهم، فمن الطبيعي أن يكون هناك من لا يرضى عني، ولكن هناك من الأهالي من شجعني على خوض الانتخابات مرة أخرى.
لست راضياً عن أدائي بنسبة 100%، ولكن يكفيني أن أرى ما كنت أقدمه ينجز، ولو بعد مغادرتي المجلس النيابي.
ذكرت أن رأيك حول تقسيم مخططات الأراضي تغير بعد دخولك المجلس، كيف؟
حين كنت تاجراً، كنت أنظر إلى مصلحتي الشخصية، ولكن حين أصبحت نائباً تغير دوري، يجب أن أفكر بالمواطنين الذين أصبحوا غير قادرين على بناء بيوت إلا عن طريق الإسكان، هذا إن استطاعوا.
قدمت مقترحات لوقف المضاربات بالمناطق السكنية، ولكن للأسف تم رفضها، يجب على الحكومة أن تضع معياراً لتكلفة السكن على المواطن الذي يبلغ راتبه 1200 دينار، لا يعقل أن يدفع المواطن نصف راتبه لبناء بيت، هذا يحوله إلى مواطن فقير.
لماذا لم يحالفك الحظ في انتخابات 2022؟
هذه إرادة الله أولاً وأخيراً، كما أن بعض المواطنين ميالون للتغيير بطبيعتهم، وهناك آخرون يريدون نتائج مباشرة، ولا يتفهمون الظروف التي مر بها المجلس.
كيف تصف أداء النائب الحالي؟
لا أعتقد أنه من الإنصاف أن نحكم على أداء الأخت حنان فردان الآن، فهي لم تكمل حتى سنة واحدة بالمجلس.
كيف هي حياتك بعد الانتخابات؟
رجعت إلى تجارتي الخاصة.
مسيرة حافلة، ما هي النصيحة التي توجهها للشباب الواعد؟
التعليم ثم التعليم ثم التعليم. يجب أن يكون التعليم لخدمة الوطن ولخدمة الشاب المتعلم، أنا درست الماجستير لأطور تفكيري، وقد استفدت كثيراً منها في حل المشكلات التي أواجهها، على الشباب أن يستفيدوا من طاقتهم ما داموا شباباً.
أطريت كثيراً على والدك، لم لا تختم اللقاء بكلمة عن والدتك؟
هي ابنة الشيخ إبراهيم المبارك، وهي تاج رأسي، ربتنا تربية قاسية بطفولتنا ولكننا اليوم نراه نبع حنان.