التطور الكبير للعلاقات يرتكز على الأخوة الوثيقة بين الملك وجلالة السلطان
الزيارة الأخيرة للملك إلى سلطنة عمان شهدت حزمة شاملة من الاتفاقيات
الاتفاقيات ومسار تطور العلاقات يؤكدان نجاح توحيد الرؤى والعمل المشترك
السياسة الخارجية للبلدين متشابهة في مبادئ الحياد الإيجابي وحسن الجوار
العلاقات تسير في اتجاه تطمح كل دول العالم إلى تحقيقه مع الدول الأخرى
العلاقات بين مملكة البحرين وسلطنة عمان تتميز بتجذرها التاريخي الممتد لقرون وهي علاقة بين شعبي دلمون ومجان، وتشهد تطوراً اليوم بشكل ملحوظ مرتكزة على العلاقات الأخوية الوثيقة بين حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، وأخيه حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق، سلطان عمان ويأتي هذا التطور في كافة المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
وللأخيرة أهمية كبيرة تأتي عبر منابع التاريخ والجغرافيا والدين والعروبة، ويغلفها مجلس التعاون الخليجي بوحدة الرؤى والمواقف السياسية المعبرة عن تطلعات مجتمعات المنطقة.
وما يؤكد تطور العلاقات السياسية بين البلدين الشقيقين، ما يحدث على صعيد تعزيز التعاون الثنائي حيث تم توقيع اتفاقيات متنوعة شملت مجال التعاون الدبلوماسي والقنصلي، إضافة إلى الخدمات الجوية، وتم إنشاء لجنة مشتركة للتعاون بين حكومة مملكة البحرين ونظيرتها بسلطنة عمان منذ عام 2008، وقد استطاعت اللجنة البحرينية العُمانية المشتركة أن تكون نموذجاً يحتذى به في التكامل والشراكة بين مملكة البحرين وسلطنة عُمان على الصعيدين الإقليمي والدولي، في سبيل تعزيز التنسيق المشترك وتوحيد الرؤى الاستراتيجية والمواقف في العديد من المجالات.
ولم تكن الزيارات المتبادلة بين القيادتين إلا تعبيراً عن هذا التوجه، وتلك العلاقة الأخوية التاريخية الراسخة، ويعكس هذا التناغم في المشترك بين البلدين، ما يجري من مشاورات وتواصل المكثف بين القيادتين والمسؤولين في كلا البلدين لتنسيق المواقف تجاه التحديات التي تواجه العالم ومنطقة الخليج تحديداً، وذلك انطلاقاً من المصلحة المشتركة للشعبين، حيث تعد سلطنة عمان بوابة الخليج العربي الذي يمثل عماد التجارة البحرية الواردة إلى البحرين، وقد نفّذت سلطنة عمان سياسات بحرية تتكئ على القوانين والمعاهدات الدولية في تأمين هذا المسار البحري الهام الذي يمر من خلاله خمس إجمالي استهلاك العالم من النفط وبما يناهز 20 مليون برميل يومياً، ولعبت على مدار التاريخ دورها الإيجابي عبر أدواتها الأمنية والسياسية والدبلوماسية في تأمين مضيق هرمز وحماية مصالح دول الخليج، وفي القلب منها البحرين.
ولقد شهدت زيارة الدولة الأخيرة لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، إلى سلطنة عمان واللقاء الأخوي مع جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، حزمة من الاتفاقيات الرئيسة اشتملت على تعاون متنوع بين حكومة البحرين وعمان في المجالات الأمنية، والنقل البحري، وحرية الملاحة البحرية، وتطوير الموانئ، بالإضافة إلى التعاون بين مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة «دراسات» وجامعة السلطان قابوس في مجال الدراسات والبحوث.
وأيضا تم الاتفاق على تأسيس شركة عُمانية بحرينية قابضة في مجالات الاستثمار، ومنح سلطنة عُمان حق السيادة على معلومات المشتركين في الخدمات الإلكترونية المقدمة ومراكز الحوسبة السحابية في مملكة البحرين، فضلاً عن منح سلطنة عُمان صفة الشريك المعتمد للمركز العالمي لخدمات الشحن البحرية والجوية، بالإضافة إلى التوقيع على برنامج تنفيذي بين وزارتي الخارجية في البلدين للعامين 20232024.
وهذه الاتفاقيات تأتي في مجملها ضمن مسار تطور العلاقات السياسية بين البلدين، حيث يلاحظ من تلك الاتفاقيات والبرامج أنها تعمل على توحيد الرؤى والعمل المشترك، ليظهر هذا العمل تحت عنوان واحد لبلدين شقيقين، وتوافقاً متيناً في المبادئ الأساسية للسياسة الخارجية، فلم تختلف سلطنة عمان عن وجهة النظر البحرينية في استخدام الحياد الإيجابي وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، كموقف ثابت وراسخ، يؤكد في الوقت ذاته على مبدأ حسن الجوار.
ولقد كانت البحرين دوماً نموذجاً يحتذى به في تعزيز مبادئ التعايش والتسامح وتعزيز لغة الحوار السلمي وتكريس قيم السلام المستدام وحقوق الإنسان، وهي نفس المبادئ التي تعتمدها سلطنة عمان في سياساتها الخارجية، وهذا التشابه كان ثمرة التاريخ المشترك بين شعبي دلمون ومجان، والذي تواصل عبر الأجيال وخلق هذا النسيج المتشابه والمتشابك في الوقت ذاته.
واليوم يبدو مستقبل البحرين وسلطنة عمان متشابهاً في مسارات التفاهم وتعزيز التعاون الدولي، كما يبدو أن العلاقات بين البلدين تسير في الاتجاه الذي تطمح كل دول العالم إلى تحقيقه مع جيرانها أو الدول الأخرى، لكي ينعم العالم بسلام واستقرار يسهم في ازدهار ورفاهية الجميع.
