أمل أحمد البستكي

لم تعد التكنولوجيا مجرد رفاهية في حياة الإنسان، بل أصبحت عنصراً أساسياً في منظومة الرعاية الصحية، خصوصاً لدى كبار السن المصابين بمرض السكري. هذا التقدم التقني غيّر الطريقة التي يُدار بها المرض المزمن، وجعل المتابعة أكثر دقة وراحة، ووفّر للمرضى استقلالية لم تكن ممكنة في السابق.

فالأجهزة الحديثة لمراقبة مستوى السكر في الدم أصبحت اليوم أكثر تطوراً وسهولة في الاستخدام، إذ يمكنها قياس الجلوكوز بشكل مستمر دون الحاجة إلى الوخز المتكرر، وترسل بيانات دقيقة إلى الهاتف أو الساعة الذكية، مع تنبيهات فورية عند أي ارتفاع أو انخفاض مفاجئ. هذه الابتكارات تمنح كبير السن شعوراً بالأمان وتساعده على تجنّب المضاعفات قبل حدوثها.

كما أدخلت الساعات الذكية والتطبيقات الصحية أسلوبًا جديدًا في العناية الذاتية، فهي لا تكتفي بعرض المؤشرات الحيوية، بل تتابع النشاط البدني، وعدد الخطوات، وجودة النوم، وتذكّر المستخدم بمواعيد الدواء أو وجبات الطعام. ومن خلال هذه التطبيقات يمكن للمسن تسجيل يومه الصحي بالكامل في ملف رقمي واحد، يسهل عليه وعلى أسرته فهم حالته ومتابعتها باستمرار.

ويُعد الذكاء الاصطناعي من أبرز التحولات في هذا المجال، إذ بات قادرًا على تحليل البيانات الصحية المتراكمة والتنبؤ بالمضاعفات قبل وقوعها. فعندما يلاحظ النظام مثلاً ارتفاعاً متكرراً في مستوى السكر بعد وجبات معينة، أو انخفاضاً أثناء النوم، فإنه يقدم توصيات مخصصة تساعد على تحسين السلوك الغذائي والدوائي. هذا النوع من الرعاية الاستباقية يختصر الكثير من الوقت والجهد، ويحد من الحالات الطارئة التي قد تهدد حياة كبار السن.

لقد منحت التكنولوجيا مريض السكري المسن قدرة أكبر على التحكم في حالته، وحررته من الاعتماد الدائم على الزيارات المتكررة للمراكز الصحية. كما عززت التواصل مع الأسرة التي أصبحت قادرة على متابعة المؤشرات الصحية لحظة بلحظة، مما يقلل من القلق ويزيد من الشعور بالطمأنينة.

إن التكنولوجيا أصبحت حليفاً حقيقياً لكبار السن المصابين بالسكري، فهي لا تُقدّم حلولاً طبية فحسب، بل تبني جسوراً من الأمان والاستقلالية، وتفتح آفاقاً جديدة لمفهوم “الرعاية الذكية” التي تجمع بين الدقة والرحمة في آنٍ واحد.

* عضو مجلس إدارة جمعية أصدقاء الصحة

شاركها.