الخطاب السامي لجلالة الملك المعظم في افتتاح دور الانعقاد للمجلس الوطني .. رؤى ملكية تجسد إيمانًا مطلقًا بالنهج الديمقراطي وتلبي تطلعات وطموحات الوطن
جاء الخطاب السامي لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه في افتتاح دور الانعقاد الثاني للمجلس الوطني في فصله التشريعي السادس، لتجدد التأكيد على المرتكزات الراسخة للمسيرة الوطنية الرائدة في مملكة البحرين، وما تقوم عليه من أسس ديمقراطية نابعة من رؤية واعية وإرادة وطنية خالصة، والعزم على المضي قُدما نحو المزيد من التحسين والتطوير والازدهار الذي يحقق المصالح العليا للمملكة وشعبها.
كما عكس خطاب جلالته إيمانه المطلق بالنهج الديمقراطي ودوره البناء في تعزيز المكتسبات التنموية والحضارية التي حققتها مملكة البحرين، وحرص جلالته على مواصلة ذات النهج بما يعزز من دعائم مسيرة الإصلاح والتحديث لخدمة الأهداف الوطنية الطموحة في الرخاء والتنمية.
وأكد الخطاب السامي لجلالته أيده الله، على أهمية الوحدة الوطنية، والوعي المجتمعي في الحفاظ على المكتسبات الوطنية والبناء عليها، وثقة جلالته وإشادته بمستوى الوعي والتحضر الذي يتمتع به المجتمع البحريني، وإيمانه وتمسكه بقيم التعايش الإنساني التي تمثل درعا يحمي المجتمع ويجعله صفًا واحدًا كالبنيان المرصوص في وجه مختلف التحديات التي تهدد وحدته واستقراره.
كما حدد خطاب جلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه مسارات العمل الوطني خلال المرحلة المقبلة ووضع لها الأولويات التي تلبي التطلعات والطموحات من أجل مواصلة طريق الإنجازات في الحاضر والمستقبل، وهو ما يمكن رصده من خلال النقاط الآتية:
أولا: التأكيد على مواصلة مسيرة الإصلاح والتحديث التي يقودها جلالته، وترسيخ الأسس والمبادئ الديمقراطية التي قامت عليها، ودون وصاية من أحد، وفي مقدمتها تعزيز دور المؤسسات الدستورية، ومواصلة تحقيق الإنجازات الرائدة التي حققتها المملكة لاسيما على الصعيد الحقوقي، حيث خص جلالته بالذكر المؤسسة القضائية، المستقلة في قراراتها، والحريصة على أن تتواصل إصلاحاتها وإنجازاتها على الصعيدين القضائي والحقوقي. وهو الأمر الذي يعكس إيمان جلالته المطلق بالقيم الإنسانية والحضارية التي تحض على احترام وصون حقوق الإنسان باعتبارها ركنا أساسيا من أركان المسيرة التنموية والديمقراطية في المملكة.
ثانيا: التأكيد على أهمية الوحدة الوطنية كسياج يحمي تماسك المجتمع ويصون المكتسبات والإنجازات الحضارية، حيث عبر جلالته أيده الله في هذا الصدد عن ثقته التامة في قدرة البحرين وشعبها الوفي على تجاوز مختلف التحديات بفضل الصحوة الوطنية العالية، والعزيمة الصادقة والإرادة الصلبة، وما يتسم به المجتمع البحريني من وعي وتمسك بقيم التعايش والانفتاح.
ثالثا: جدد الخطاب السامي لجلالة الملك المعظم التأكيد على مدى الاعتزاز والتقدير للمؤسسة التشريعية، وما قدمته من إسهامات وطنية رائدة، بفضل جوهرها النابع من صميم الإرادة الشعبية، وما تتمتع به من خصوصية وإرادة مستقلة، حيث استطاعت المؤسسة التشريعية منذ انطلاق المسيرة الديمقراطية في المملكة أن تكون منبرًا وطنيًا قادرًا على التعبير عن التطلعات والطموحات والجهود الوطنية المشتركة لمواصلة النماء والتقدم على مختلف الأصعدة، وهو ما يمثل دافعا لبذل المزيد من الجهود لدعم المنجزات الديمقراطية والحضارية، في ظل المسيرة التنموية الشاملة التي تشهدها المملكة.
رابعا: الإشادة بجهود السلطة التنفيذية والمساعي الحكومية المخلصة، التي يقودها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، لترجمة التطلعات الوطنية بنهج تشاركي، عبر الحفاظ على أعلى مستويات التعاون مع السلطة التشريعية، والذي جسد نموذجا متميزا للتعاون المثمر بين السلطتين، ويضع في مقدمة أولوياته تحقيق مصلحة الوطن والمواطنين للمساهمة في الحفاظ على ريادة البحرين التنموية، وما حققته من مكانة رفيعة كمنبر للتقارب الفكري والحضاري بين الأديان والثقافات، وكوجهة تمتاز بتراثها وطابعها العمراني العريق لمدنها وضواحيها.
خامسا: ترسيخ الهوية التاريخية والثقافية في مملكة البحرين، والتعبير عن العرفان والتقدير لبناة نهضة الوطن الحديثة، وتأكيد أهمية الاحتفاء بذكراهم تكريمًا لعطائهم، وذلك عبر توجيهات جلالته أيده الله، لوضع خطة عمل تختص بالمحافظة على الهوية التاريخية والثقافية لمباني ومدن البحرين، والعمل على إحياء “قصر عيسى الكبير” ليكون أحد المقار الرئيسة لعمل جلالته، إضافة إلى التوجيهات السامية بتطوير الأحياء المعروفة بمدينة المحرق بما يسهم في عودة أهلها لها، تكريمًا لما تمثله هذه المدينة التاريخية العريقة من إرث حضاري وتاريخي يعكس الأمجاد الوطنية المشهودة للبحرين وأهلها.
سادسا: التأكيد على ثوابت السياسة الخارجية التي تنتهجها مملكة البحرين في ظل القيادة الحكيمة لجلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه، والتي تقوم على أسس الاحترام المتبادل وحسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير، والسعي إلى بناء علاقات صداقة وتعاون متوازنة مع مختلف دول العالم، إلى جانب مساعيها الرائدة لمد جسور التعاون الدولي وتعزيز الشراكات الاستراتيجية مع الدول الصديقة والحليفة من أجل الحفاظ على السلم والأمن والاستقرار، وتوفير البيئة الآمنة المزدهرة والمستدامة لخير شعوب العالم، و التي تأتي في مقدمتها توثيق علاقات التعاون والتقارب مع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وجامعة الدول العربية.
وقد أشار جلالته في هذه الصدد، إلى مواصلة المساعي من أجل توثيق علاقات التقارب والتكامل وتنسيق المواقف على قاعدة راسخة من الانسجام والتشاور والتعاون الأخوي، تحت مظلة مجلس التعاون لدول الخليج العربية وضمن رابطة الجامعة العربية، وذلك انطلاقا من حقيقة أن العالم اليوم لم يعد يستمع إلا لصوت التحالفات القوية والمؤثرة في مسيرة التقدم الحضاري.
سابعا: تأكيد موقف مملكة البحرين الراسخ من القضية الفلسطينية باعتبارها قضية العرب الأولى التي ستظل أولوية كبرى، مؤكدا جلالته أيده الله في هذا السياق أن موقف مملكة البحرين في دعم وتأييد جهود السلام الشاملة لإيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية، لهو موقف ثابت لا حياد عنه، وصولاً إلى حل الدولتين وفق مبادرة السلام العربية، وبما يضمن حق الشعب الفلسطيني الشقيق في إقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، وأن تكون المساعي السلمية والتهدئة هي الخيار الأوحد في وجه التصعيد القائم لنصل إلى الحل المنشود.
ثامنا: جدد الخطاب السامي لجلالة الملك المعظم أيده الله، على تقدير جلالته واعتزازه بالقوات المسلحة الباسلة بكافة أجهزتها وجميع كوادرها، ودورها في تأدية الواجب الوطني المقدس في الذود عن الوطن بكل جدارة وشجاعة لحفظ سيادته وعلو شأنه، مستذكرا جلالته كذلك بكل تقدير وعرفان التضحيات الجليلة لشهداء المملكة الأبرار في ميادين الشرف دفاعًا عن الحق ونصرة الأمة، والتي ستبقى خالدة على الدوام في الضمائر والوجدان.
لقد أكد الخطاب السامي لجلالته الملك المعظم حفظه الله ورعاه وما اشتملت عليه من مضامين سامية للرؤى جلالته الطموحة في مواصلة مسيرة البناء والتقدم بكل قوة وعزم وبروح وطنية لا تعرف إلا النصر والرفعة لوطن الجميع، من خلال تحديد الأولويات الوطنية للمرحلة المقبلة، ووضع الأسس الشاملة لتعزيز دعائم النهضة والتقدم في مملكة البحرين، وتحقيق الغايات والأهداف الطموحة التي تصب في مصلحة الوطن والمواطنين، وهو ما يضع مسئوليات مضاعفة على جميع السلطات من أجل ترجمة هذه الرؤى بما يسهم في ترسيخ المكتسبات الديمقراطية التي تحققت في المملكة ورفد المسيرة التنموية بالمزيد من الإنجازات التي تعزز من المكانة الرائدة التي وصلت إليها المملكة على مختلف الأصعدة.