وليد صبري
عام 2015 نقطة تحول باندماج “المعلومات” و”الحكومة الإلكترونية”
18 عاماً من المشاريع الرقمية أبرزها البوابة الوطنية bahrain.bh
أكثر من 800 خدمة رقمية متاحة عبر القنوات الوطنية
إطلاق مختبر الابتكار بالشراكة مع AWS لتطبيق الذكاء الاصطناعي في الخدمات الحكومية
إطلاق أكثر من 20 نظاماً وطنياً من بينها “بنايات” و”تخطيط” و”تواصل” و”سجلات”
نسبة التحول الرقمي للخدمات الحكومية 87% خلال النصف الأول من 2025
التحول الرقمي يقلّص وقت إنجاز المعاملات بنسبة 70% ويقلّل المستندات المطلوبة بنسبة 96%
لجنة الحوكمة التقنية تراجع 55 مشروعاً بقيمة 13 مليون دينار في النصف الأول من 2025
“في ظل توجيهات الحكومة الموقرة وبالتزامن مع بدء مسيرة التحول الرقمي في 2007، ودمج هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية في 2015، أدركنا أن المستقبل يبدأ من هنا، واليوم، وبعد أكثر من 18 عاماً من العمل المتواصل، تكللت جهود الهيئة بتحقيق إنجازات استراتيجية ملموسة، جسدت مسيرة التطوير الرقمي التي عملت عليها البحرين لتعزيز الكفاءة التشغيلية وتطوير الخدمات الحكومية “، هكذا اختصر الرئيس التنفيذي لهيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية محمد القائد نحو عقدين من العمل تكللت أخيراً:” في النصف الأول من 2025 وحده، برفع نسبة التحول الرقمي للخدمات الحكومية إلى 87%، وخفض التكاليف التشغيلية للإجراءات الحكومية بنسبة 93%، واختصار 70% من وقت إنجاز المعاملات، وتقليل المستندات المطلوبة بنسبة 96%، بجانب إطلاق أكثر من 30 خدمة جديدة، ليتجاوز الإجمالي أكثر من 800 خدمة رقمية متاحة عبر القنوات الوطنية أنجزت عبرها أكثر مليوني معاملة إلكترونية بقيمة 396 مليون دينار، فيما تجاوزت عدد تحميلات التطبيقات الحكومية 1.7 مليون تحميل وذلك خلال النصف الأول من 2025″.
وفي حوار مع “الوطن” أسهب القائد في سرد الكثير من التفاصيل، وعلى رأسها أن “الإنجاز الأبرز يكمن في دخولنا عصر الذكاء الاصطناعي بقوة وفاعلية، من خلال جملة من الأنظمة التي يجري تطويرها بالاعتماد على هذه التقنية كمنظومة “تواصل”، إلى نظام “سجلات”، وصولاً إلى “المساعد الافتراضي”.. هذه ليست مجرد مشاريع تقنية فقط، بل تمثل نقلة نوعية تعكس التزامنا بأن تكون البحرين مركزاً إقليمياً للابتكار والذكاء الاصطناعي. والبحرين لا تكتفي بمواكبة التطورات العالمية، بل تصنع مستقبلها بأيدٍ بحرينية وكوادر وطنية مؤهلة”. وإلى نص الحوار الذي أجرته “الوطن” مع الرئيس التنفيذي لهيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية محمد القائد:
بداية، ما أبرز ملامح مسيرة تقدم التحول الرقمي في مملكة البحرين؟ وما أبرز المستجدات المتعلقة بوضع وتنفيذ استراتيجيات التحول للخدمات الحكومية، وما نسبة الإنجاز المحققة حتى الآن؟
في إطار الرؤية الملكية السامية لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المعظم، وتوجيهات صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، تواصل مملكة البحرين ترسيخ ريادتها الاستراتيجية في مجال التحول والحكومة الرقمية.
ومثلت الجهود التحضيرية وبناء البنية التحتية الرقمية والخطط الاستراتيجية الركيزة الأساسية لانطلاق مسيرة التحول الرقمي في عام 2007، مع إطلاق استراتيجية برنامج الحكومة الإلكترونية وتأسيس هيئة الحكومة الإلكترونية، وصولاً إلى صدور قرار دمج الهيئة والجهاز المركزي للمعلومات تحت مسمى “هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية” في العام 2015، حيث مضت الهيئة قدماً نحو تبني التحول الرقمي الشامل، وإعادة هندسة إجراءات الخدمات الحكومية، وإدارة التغيير في المجتمع والمؤسسات، وتطوير المؤسسات الحكومية، وإطلاق وتطوير الأنظمة الرقمية الوطنية.
وعلى مدار أكثر من 18 عاماً، تم تدشين مجموعة من المشاريع الرقمية الرائدة التي ساهمت في ترسيخ ريادة المملكة على إقليمياً وعالمياً في المجال الرقمي والحكومة الإلكترونية، ومن أبرزها إطلاق البوابة الوطنية لمملكة البحرين “bahrain.bh” وتطبيقات الهواتف والأجهزة الذكية.
وفي هذا الصدد، تم تدشين أكثر من 20 نظاماً وطنياً وحكومياً متكاملاً، من بينها أنظمة بنايات، وتخطيط، وتواصل، وسجلات، وغيرها، والتي ساهمت في تعزيز التكامل الإلكتروني وربط العمليات الحكومية بشكل متسق وفعال.
وعلى الصعيد العالمي، تم تعزيز الشراكات الاستراتيجية مع كبرى الشركات التقنية، حيث تم في عام 2017، وبالشراكة مع شركة أمازون ويب سيرفيسز (AWS)، تبني الحوسبة السحابية وإطلاق “سياسة الحوسبة أولاً” في القطاع الحكومي، لتصبح مملكة البحرين بذلك من أوائل دول المنطقة في تبني هذه التقنية الناشئة، مؤكدة ريادتها في الابتكار الرقمي.
كيف انعكست تلك المنجزات على تصنيف البحرين عالمياً؟
لقد انعكست هذه المنجزات النوعية بشكل مباشر على تعزيز المكانة العالمية لمملكة البحرين في مجال الحكومة الإلكترونية والتحول الرقمي، حيث جاءت نتائج تقارير الأمم المتحدة المتعاقبة لتؤكد هذا التقدم المستمر، فمنذ عام 2010، حافظت مملكة البحرين على موقعها ضمن فئة الدول ذات المؤشر العالي جداً في تقرير الأمم المتحدة حول مؤشر تطور الحكومة الإلكترونية (EGDI)، ما يعكس نضج تجربة مملكة البحرين وريادتها الإقليمية والعالمية في هذا المجال.
وفي التقرير الأخير الصادر عام 2024، واصلت البحرين تعزيز حضورها الدولي من خلال ما أحرزته من تطور لافت في مختلف مؤشرات الأداء، لاسيما في مجالات البنية التحتية الرقمية، وتكامل الأنظمة الحكومية، وتوسيع نطاق الخدمات الذكية التي تضع المواطن والمقيم في محور الاهتمام.
وقد حصدت هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية خلال السنوات الماضية عدداً من الجوائز الإقليمية والدولية المرموقة، تأكيداً لما وصلت إليه من مستويات متقدمة في مجالات الابتكار التقني وإدارة البيانات والخدمات الرقمية، ما جعل التجربة البحرينية نموذجاً يحتذى به في المنطقة.
وما تحقق من منجزات ما هو إلا نتاج رؤية وطنية واضحة المعالم ودعم مستمر من الحكومة الموقرة حفظها الله لمواصلة بناء حكومة رقمية متقدمة تواكب التحولات العالمية، وتلبي تطلعات المواطنين نحو خدمات أكثر كفاءة وسلاسة وجودة، لتواصل مملكة البحرين تعزيز موقعها كأحد النماذج الرائدة في مجال الحكومة الرقمية، وواحدة من الدول التي تواكب المستقبل بثقة واقتدار.
ما أبرز القطاعات الحيوية التي ركزت عليها مملكة البحرين ضمن مسار التحول الرقمي، وكيف انعكست جهود الهيئة في تطويرها على تقدم الأداء الحكومي والخدمات المقدمة للمواطنين؟
في إطار تنفيذ خطة التعافي الاقتصادي، تم التركيز على عدد من القطاعات الحيوية ذات الأثر المباشر على النمو والتنمية المستدامة، وعلى رأسها قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والاقتصاد الرقمي، الذي يُعد ركيزة أساسية للتحول نحو اقتصاد رقمي متكامل، وقد باشرت هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية تنفيذ المبادرات الة بهذا القطاع ضمن استراتيجية الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والاقتصاد الرقمي (2022 2026)، حيث تم بحمد الله إنجاز معظم هذه المبادرات حتى الآن بنجاح، بما يعكس تقدماً ملموساً في مسيرة التحول الرقمي بالمملكة.
كما يجري العمل حالياً على تنفيذ مبادرات الاستراتيجية الوطنية للاقتصاد الرقمي، التي أقرها مجلس الوزراء في عام 2023، باعتبارها الاستراتيجية الرقمية الأولى من نوعها في مملكة البحرين، وتشمل مبادرات مشتركة بين القطاعين العام والخاص، بما يسهم في تعزيز مكانة المملكة كمركز رقمي عالمي، وقد تم حتى الآن، وبالتعاون مع عدد من الجهات، استكمال تنفيذ ست مبادرات وطنية ضمن المرحلة الأولى من التنفيذ.
وبمتابعة مباشرة من الفريق أول معالي الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، وزير الداخلية ورئيس اللجنة الوزارية لتقنية المعلومات والاتصالات، حققت الهيئة خلال النصف الأول من عام 2025 جملة من الإنجازات النوعية من أبرزها:
إطلاق أكثر من 30 خدمة إلكترونية جديدة بما أسهم في رفع نسبة التحول الرقمي للخدمات والأنظمة الحكومية إلى 87%، ما يعزز الكفاءة التشغيلية وتيسير وصول المواطنين والمقيمين للخدمات الحكومية والخاصة.
خفض التكاليف التشغيلية للإجراءات الحكومية بنسبة 93% خلال النصف الأول 2025، بما يضمن تحقيق أفضل الممارسات الحكومية.
تقليص وقت إنجاز المعاملات بنسبة 70% وتقليل المستندات المطلوبة بنسبة 96%، من خلال تدشين وتطوير الخدمات الحكومية الرقمية وفق معايير دقيقة تشمل الأولوية الوطنية، ومدى استخدام الأفراد لهذه الخدمات، وجاهزية الجهات لعملية التحول الرقمي.
وفي جانب تحليل البيانات الضخمة وصنع القرار المبني على البيانات، تم تطوير منصات متقدمة لتحليل البيانات الضخمة، من بينها منصة “عقاري” بالتعاون مع مؤسسة التنظيم العقاري، ومنصة “مهارات التوظيف” بالشراكة مع صندوق العمل “تمكين” بغية تعزيز عملية اتخاذ القرار ودعم السياسات الاقتصادية والتنموية المبني على البيانات الدقيقة.
وعلى صعيد الخدمات الإلكترونية المقدمة للجمهور، فقد وفرت الهيئة أكثر من 800 خدمة رقمية متاحة عبر القنوات الوطنية، حيث تم تسجيل ما يزيد عن مليوني معاملة إلكترونية بقيمة تجاوزت 396 مليون دينار بحريني، فيما تجاوزت عدد مرات تحميل التطبيقات الحكومية 1.7 مليون تحميل خلال النصف الأول من العام 2025، أبرزها: المرور، حكومتي، صحتي، ما يعكس نجاح الهيئة في تعزيز الوعي في تقديم الخدمات الرقمية المتكاملة للمواطنين والمقيمين وتوسيع نطاق الاستفادة من الخدمات الحكومية المتكاملة.
وعلى صعيد الأنظمة الوطنية، تم تدشين 53 خدمة جديدة ضمن خطة “سجلات 3.0″، مع العمل المستمر على تطوير نظام سجلات 4.0، وإطلاق الحساب المصرفي الموحد للسجلات التجارية، وتطوير وتحديث نظام بطاقة الهوية وتوسيع خدمات التوصيل خارج المملكة، فضلاً عن تفعيل 88 خدمة حكومية عبر منظومة الاستمارات الإلكترونية وتدشين مركز الخدمة الذاتية.
وفيما يتعلق بتسريع وتيرة التحول الرقمي، تم إتاحة خيارات الدفع المتعدد عبر القنوات الرقمية، بما في ذلك بطاقات الصراف الآلي، والائتمان، ومحافظ أبل باي، وبنفت، وإتاحة ميزة الدفع الموحد للخدمات الحكومية، وهو ما يسهم في تعزيز سهولة الوصول وتحسين تجربة المستخدمين وجودة الخدمات.
كيف أسهم كلٌّ من تطبيق المفتاح الإلكتروني المطوَّر وتطبيق حكومتي في تسهيل وصول المواطنين والمقيمين إلى الخدمات الرقمية، وما انعكاس ذلك على تعزيز تجربة المستخدم ورفع كفاءة الخدمات الحكومية؟
في إطار التوجه الحكومي لدمج التطبيقات الحكومية في ثلاثة تطبيقات رئيسية، وبهدف تقديم تجربة أفضل للمستخدمين، أطلقت الهيئة في فبراير 2025 مشاريعها الرقمية والتي تضمنت تطبيق “حكومتي” الموحد للأفراد، والمفتاح الإلكتروني المطور ekey 2.0، وذلك من خلال تفضل معالي وزير الداخلية بتدشين التطبيقين رسمياً، ليتيح للمستخدمين الوصل إلى أكثر من 89 خدمة وميزة بكفاءة وسهولة عالية، والدخول على الخدمات الحكومية والخاصة بكل سهولة عبر المصادقة البيومترية (بصمة الوجه) ودون الحاجة لاستخدام كلمة مرور (passwordless). كما يمنح الفرد حرية التحكم الكامل في مشاركة بياناته الخاصة مع مقدمي الخدمات، بجانب توفير التطبيق مستقبلاً لخدمات أخرى كخاصية التوقيع الإلكتروني، وخدمة التخويل الإلكتروني، التي تساهم في تسهيل عملية تخويل إنجاز المعاملات نيابة عن أطراف أخرى بأعلى مستوى الأمان وحماية البيانات مع الحفاظ على خصوصية وحقوق المستخدمين وممتلكاتهم.
وعليه، فقد ساهم إطلاق التطبيقين في تعزيز كفاءة الخدمات المقدمة الحكومية والخاصة، وتسهيل إنجاز المعاملات، وتعزيز مستويات الأمان والخصوصية، وإتاحة مجموعة متكاملة من المميزات والخدمات الرقمية المتماشية مع احتياجات المستخدمين، مع الإشارة إلى أنه من المتوقع أن يتم خلال الفترة القادمة إضافة ميزة خيارات الدفع الموحد عبر تطبيق “حكومتي”، بما يسهم بتعزيز سهولة الوصول للخدمات الرقمية، في مؤشر واضح على نجاح إطلاق التطبيقات ومساهمة الهيئة في إثراء المحتوى الرقمي، حصد تطبيق (حكومتي) على جائزة التميز في فئة (أفضل تطبيق حكومي شامل) ضمن جائزة الحكومة الرقمية لدول مجلس التعاون التي أقيمت مؤخراً في دولة الكويت.
كما أن الأرقام تتحدث عن نفسها فقد بلغ عدد مرات تحميل تطبيق حكومتي منذ تدشينه في فبراير أكثر من 550 ألف تحميل، في حين بلغ عدد المستخدمين المسجلين في المفتاح الإلكتروني حتى اليوم أكثر من 323,377 مستخدمًا. وقد تجاوز إجمالي عدد المعاملات الإلكترونية 3 ملايين معاملة، كما بلغت مرات تحميل المفتاح الإلكتروني وحده أكثر من 500 ألف تحميل.
ما أبرز الجهود التي تبذلها الهيئة في مجال تطوير القدرات الرقمية في مملكة البحرين؟
تولي هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية أهمية قصوى لتأهيل الكوادر الوطنية، باعتبار القدرات الرقمية ركيزة أساسية لنجاح التحول الرقمي في مملكة البحرين، وتعتمد الهيئة نهجاً متكاملاً منذ انطلاقة برنامج الحكومة الإلكترونية في عام 2007، عبر مبادرات نوعية تستهدف بناء الكفاءات وتعزيز المهارات، أبرزها:
إطلاق برنامج “قدرات” الذي استهدف تدريب أكثر من 40 ألف مواطن بالتعاون مع المنظمات الأهلية وشركة مايكروسوفت لمحو الأمية الرقمية.
وضمن هذا التوجه، أطلقت الهيئة عدة برامج تدريبية بالتعاون مع شركاء محليين ودوليين، أبرزها: برنامج “فرصتي” بالشراكة مع مايكروسوفت وThinkSmart، الذي ساهم في تطوير المهارات التقنية لـ 480 موظفاً حكومياً، وفي إطار الشراكة الاستراتيجية بين هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية وشركة مايكروسوفت، واصلت الهيئة جهودها في تمكين الكوادر الحكومية وتطوير القدرات الرقمية عبر تنفيذ برامج تدريبية متخصصة في مجالات التحول الرقمي والحوسبة السحابية، حيث تم تدريب أكثر من 1000 موظف حكومي على استخدام تطبيقات Microsoft 365 وتقنيات Azure ضمن سياسة «السحابة أولاً»، بما يعزز كفاءة الأداء الحكومي ويرسخ استخدام الحلول الرقمية الحديثة في بيئة العمل.
وتأتي هذه الجهود امتداداً لتجديد الاتفاقية المؤسسية بين الهيئة ومايكروسوفت، والتي تهدف إلى تمكين الجهات الحكومية من تبنّي أحدث التقنيات الداعمة للإنتاجية والابتكار، إلى جانب دعم مبادرات الذكاء الاصطناعي وأتمتة العمليات الحكومية، بما ينسجم مع أهداف الاستراتيجية الوطنية لتقنية المعلومات والاتصالات والاقتصاد الرقمي (20222026)، ويسهم في تعزيز مكانة مملكة البحرين كمركز إقليمي رائد في مجال التحول الرقمي والابتكار الحكومي، وتحرص الهيئة باستمرار على استثمار الكوادر وتنميتها في المجال التقني، بما يضمن استدامة هذه المهارات عبر التدريب الاحترافي وتأهيل الكوادر الوطنية.
وفي هذا السياق، جاء برنامج تنمية الكوادر التقنية استكمالاً للجهود التي تبذلها الهيئة من أجل صقل وتطوير الكفاءات الوطنية، كونه يُعدّ ضمن أحد أبرز المبادرات الوطنية، بالشراكة مع وزارة العمل، حيث يتم تدريب الخريجين على رأس العمل داخل الإدارات التقنية للهيئة، إلى جانب تأهيلهم أكاديميًا بالشراكة مع معهد BIBF. حتى الآن، بلغ عدد المشاركين بالبرنامج 159، تخرّج منهم (93%)، وحصل 101 مشارك على وظيفة في المجال التقني. بينما تم توظيف 44 مشاركاً ضمن الدفعة الثانية، مع توظيف 50% منهم قبل استكمال البرنامج.
ما يُميز البرنامج هو إتاحة الفرصة للمشاركين للعمل على مشاريع حكومية رقمية واقعية، مثل تطوير المفتاح الإلكتروني 2.0، تطبيق “حكومتي”، مما يسهم في صقل المهارات ورفع كفاءة الأداء، وبما يسهم بتعزيز جاهزية الكوادر الوطنية لمواكبة التحول الرقمي وتحديات المستقبل. وفي إطار دعم الابتكار وتعزيز مهارات المستقبل، أطلقت الهيئة مؤخراً برنامج “مواهب الذكاء الاصطناعي” ضمن مختبر الابتكار، ويستهدف تدريب طلبة الجامعات المتميزين والمقبلين على التخرّج لتمكينهم من تنفيذ مشاريعهم من خلال إشراكهم في مشاريع عملية قائمة على تقنيات الذكاء الاصطناعي داخل الهيئة.
وبهذا النهج، تراهن الهيئة على تطوير القدرات الرقمية الوطنية باعتبارها استثماراً استراتيجياً يعزز من تنافسية المملكة، ويُمكّنها من مواكبة التحولات الرقمية العالمية، بما يتوافق مع رؤية البحرين الاقتصادية 2030 وتوجيهات اللجنة الوزارية لتقنية المعلومات والاتصالات.
ما الجديد بشأن حوكمة المشتريات التقنية؟ وما آخر التطورات في مجال تعزيز الحوكمة الإلكترونية، باعتبارها أحد المحاور الرئيسة لاستراتيجية قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والاقتصاد الرقمي؟
تحرص لجنة حوكمة تقنية المعلومات والاتصالات على وضع المعايير الأمثل لضمان الاستخدام الرشيد لتقنية المعلومات في المشاريع والمشتريات الحكومية بما يلبي احتياجات ومتطلبات الأعمال بمختلف الجهات الحكومية ويعزز من جودة الخدمات المقدمة للمواطن والمقيم على حد سواء. وتبذل اللجنة جهوداً مستمرة من أجل تحقيق أعلى مستويات الكفاءة، وخفض المصروفات، وترشيد الإنفاق، مع ابتكار وإيجاد فرص جديدة عبر إبرام اتفاقيات استراتيجية وعقود مؤسسية لتلبية الاحتياجات المتكررة للجهات الحكومية، كما تعمل اللجنة على مراجعة كافة الجوانب الفنية للمشاريع الحكومية، بما يشمل الأمور التقنية والأمنية وغيرها. وخلال النصف الأول من العام 2025، قامت اللجنة بدراسة 55 مشروعاً بقيمة 13 مليون دينار، وتمرير أكثر من 400 طلب شراء بقيمة تفوق 10 ملايين دينار لأكثر من 50 جهة حكومية. كما قامت اللجنة بمراجعة 4 مبادرات لتطوير السياسات والمعايير في مجال الذكاء الاصطناعي والبيانات المفتوحة، ما يعكس التزامها بتحقيق الابتكار والريادة الرقمية، في ظل سعيها المستمر لتعزيز حكومة القطاع الرقمي وبما يواكب التحولات الرقمية العالمية.
حدثونا عن التوسّع في استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي لإيجاد طرق مُبتكرة في تقديم الخدمات الحكومية، إلى جانب تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص في تطوير أداء الخدمات الحكومية؟
في ظل الرؤية الطموحة للمملكة لتعزيز التحول الرقمي والارتقاء بجودة الخدمات الحكومية، تخطو المملكة بخطى واثقة نحو ترسيخ مكانتها كمركز إقليمي للابتكار الرقمي والذكاء الاصطناعي. ومن هذا المنطلق تم استحداث إدارة الابتكار والتقنيات المتطورة، بموجب المرسوم الملكي رقم (84) لسنة 2023، لتكون خطوة استراتيجية تعكس التزام الدولة بتبني أحدث التقنيات وقيادة جهود التطوير المؤسسي عبر أدوات المستقبل. وتعكس مبادرات المملكة الالتزام بالأطر الأخلاقية والقانونية، في استخدام التقنيات الحديثة من خلال وضع الميثاق الأخلاقي للذكاء الاصطناعي، الذي اعتمد خليجياً، وإطلاق السياسة الوطنية للذكاء الاصطناعي، لتضمن استخداماً مسؤولاً وفعّالاً لهذه التقنية في القطاع الحكومي.
وفي إطار تعزيز الابتكار وتطبيق الذكاء الاصطناعي عملياً، أطلقت الهيئة مختبر الابتكار بالشراكة مع شركة أمازون ويب سيرفيسز (AWS)، كمنصة متكاملة لتعزيز ثقافة الابتكار في القطاع الحكومي، واستكشاف الفرص التقنية الجديدة، وتطبيق حلول الذكاء الاصطناعي في تطوير الخدمات العامة، بما يحقق نتائج ملموسة للمواطن والمقيم. واليوم، تشهد البحرين تطبيقات حقيقية ومباشرة للذكاء الاصطناعي في عدد من المشاريع الرائدة، مثل: منظومة “تواصل”، ونظام التحقق الآلي في “سجلات”، والمساعد الافتراضي القائم على الذكاء الاصطناعي التوليدي، والتي تعزز تجربة المستخدم، وتسهم في تسريع الإجراءات الحكومية ورفع كفاءتها.
كما نواصل الاستثمار في الكوادر الوطنية باعتبارها محور التطوير والابتكار، من خلال برامج نوعية مثل: برنامج “مواهب الذكاء الاصطناعي”، الذي يستهدف تأهيل الجيل القادم من المبتكرين البحرينيين بالتدريب العملي والتوجيه المتخصص، استعداداً لوظائف المستقبل، بما يعزز القدرة الوطنية على قيادة التحولات الرقمية وابتكار الحلول المستجابة، وفي سياق الحوكمة، تعمل الهيئة على إعداد مسودة الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي كإطار شامل وخارطة طريق لتبني التطبيقات المسؤولة والفعالة لهذه التقنية، بما يعزز التنافسية الرقمية للمملكة، ويعزز حضورها كمركز إقليمي موثوق لتقنيات الذكاء الاصطناعي.
إن ما تحققه البحرين اليوم ليس مجرد مواكبة للتطورات العالمية، بل هو تحقيق رؤية طموحة، تجسدت في توفير بنية تحتية رقمية متقدمة، وشراكات دولية استراتيجية، وسياسات وطنية ذكية، تؤكد قدرة المملكة على قيادة المستقبل الرقمي بثقة.
نحن نؤمن أن الذكاء الاصطناعي يُعدّ ضمن دعائم التنمية في المرحلة المقبلة، ومملكة البحرين ماضية بخطى واثقة نحو الريادة في هذا التحول، من خلال منهجية مدروسة، وكوادر وطنية مؤهلة، ورؤية استراتيجية واضحة، لتضل نموذجاً يحتذى به في الابتكار الرقمي والذكاء الاصطناعي على مستوى المنطقة.