يقطع الحبل السري بين الأم والجنين عند الولادة لتبدأ حالة أخرى من الارتباط وهي الرضاعة الطبيعية، فالرضاعة الطبيعية ليست قطرات من الحليب، بل نبعاً من الحنان بين الأم وطفلها، ويوصي خبراء الرعاية الصحية بتناول الطفل للحليب من ثدي أمه مدة لا تقل عن الستة شهور من بدء الولادة، وكلما طالت إلى السنتين كان أفضل وأشد عوداً للطفل وصحة وجمالاً للأم. ويوصى بإرضاع الصغير 8 إلى 12 مرة في اليوم، إذ تساعد الرضاعة المتكررة على إدرار الحليب من الثدي بشكل أفضل خلال الأسابيع الأولى، فإهمال الرضاعة أو تقليلها يؤثر على وزن الطفل ومعدل نموه.

ويعتبر حليب الأم الغذاء المثالي والآمن للرضيع باحتوائه على جميع المغذيات من بروتينات ومعادن وفيتامينات وهو سهل الهضم، ويحتوي على الأجسام المضادة القادمة من الأم لحماية الرضيع من الأمراض والأوبئة، وقد أثبتت الدراسات الطبية أن الأطفال الذين يرضعون طبيعياً تقل عندهم الأمراض والسمنة وزيادة الوزن والسكري المبكر ويزداد ذكاؤهم مقارنة بنظرائهم الذين فقدوا الرضاعة الطبيعية. أما تأثير الرضاعة على الأم المرضع، فهي تمنع نزيف الرحم المفرط بعد الولادة، وتحافظ على المبيض، وتجنبها سرطان الثدي والرحم، وتعود الأم إلى رشاقتها قبل الحمل بشكل أسرع، وتتخلص من الوزن الزائد أثناء الحمل، وتحافظ على السكر والضغط بشكل طبيعي خلافاً لغير المرضعات.

ولكن للوصول إلى هذه النتائج المذهلة لصحة الأم والطفل يجب أن تتمتع الأم بغذاء صحي ومتكامل وآمن طوال فترة الحمل والإرضاع. فتناول اللحوم والأسماك ومنتجات الألبان والخضار والفواكه وشرب كميات من المياه والعصائر الطبيعية الغير محلاة يعد أمراً هاماً ومطلوباً لتغذية الأم ومساعدتها على إرضاع طفلها بصورة صحية “فهي تحتاج إلى 500 سعرة حرارية إضافية يومياً للإرضاع”، مع مراعاة تقليل الجهد على الأم وأبعادها عن التوتر العصبي.

أما الأغذية التي يجب على المرضع عدم الإفراط فيها فهي الأطعمة الحارة والمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة والأطعمة المسببة للغازات كالبقوليات والبروكلي والملفوف فجميعها تسبب انتفاخات وتقلصات معوية للطفل عند الإرضاع، كذلك عدم الإفراط في القهوة والشاي والكافيين، فهو يؤثر على نوم الطفل، ويشار هنا إلى أن النعناع والبقدونس يقلل إدرار الحليب أما المرمرية تؤدي لخفض سكر الدم والدوخة “نقلاً عن medical news today”.

ولأهمية الرضاعة الطبيعية أفرد لها العالم أسبوعاً باسمها من 1 إلى 8 أغسطس من كل عام وشعار هذا العام كما حددته منظمة الصحة العالمية “إعطاء الأولوية للرضاعة الطبيعية، إنشاء أنظمة دعم مستدامة” فتوعية الأمهات بالرضاعة الطبيعية يحتاج دعماً مباشراً من الجو الاجتماعي المحيط والمؤسسات المجتمعية والحكومية، فتوفير الوقت الكافي للرضاعة وتخصيص مساحة للأمهات في مقر عملهن لرعاية أطفالهن ومنع الدعايات المروجة للرضاعة الصناعية بوسائلها المختلفة لهو كفيل بتشجيع الرضاعة الطبيعية، فالرضاعة الطبيعية ليست لبناً يغدق بل جيلاً يخلق.

* أخصائي الغذاء والتغذية

شاركها.