السفيرة بهية الجشي: قدمت البحرين نماذج رائدة في تمكين المرأة.. والدبلوماسية المؤثرة عكست نجاح المسيرة التنموية
في إطار سلسلة حوارات حصرية تجريها (بنا) مع عدد من أعضاء اللجنة الوطنية العليا لإعداد مشروع ميثاق العمل الوطني؛ عبرت الدكتورة بهية جواد الجشي، عضو المجلس الأعلى للمرأة، سفيرة مملكة البحرين السابقة لدى مملكة بلجيكا والاتحاد الأوروبي ولوكسمبورغ، عن عظيم الشرف والامتنان لاختيارها ضمن ست سيدات في عضوية اللجنة الوطنية العليا لإعداد ميثاق العمل الوطني، والتي أمر بتشكيلها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم /حفظه الله ورعاه، عام 2000م، وكانت وثيقة وطنية شكلت منعطفاً تاريخياً هاماً وخارطة مستقبل للمسيرة التنموية لمملكة البحرين.
وفي حوار خاص مع وكالة أنباء البحرين (بنا)؛ بمناسبة ذكرى ميثاق العمل الوطني، أكدت السفيرة الجشي أن الميثاق كان بمثابة انطلاقة واعدة لتمكين المرأة البحرينية من استحقاقاتها السياسية والتنموية، مؤكدة أن مملكة البحرين قدمت للعالم نماذج رائدة في تمكين المرأة والعمل الدبلوماسي المؤثر عكست نجاح مسيرتها التنموية الشاملة ورؤيتها للمستقبل.
وفيما يلي نص الحوار..
ميثاق العمل الوطني كفل للمرأة البحرينية الكثير من الحقوق صوناً وتقديراً لمكانتها وشراكتها الأصيلة في قيام ونهضة المجتمع منذ القدم، وهذا ما يؤكد عليه جلالة الملك المعظم باستمرار. برأيكم ما هي أبرز المكتسبات التي حصلت عليها المرأة من حيث التشريعات والقوانين المعدلة او المستحدثة كثمرة لمرئيات ميثاق العمل الوطني؟
أعتقد أن الحقوق السياسية هي أهم مكتسب قدمه ميثاق العمل الوطني للمرأة البحرينية في التاريخ الحديث، حيث فُتحت أمامها آفاق رحبة للمشاركة في العمل السياسي والدخول إلى معترك العمل الوطني والمشاركة في التنمية إلى جانب الرجل. ومن الضروري التأكيد على أن جلالة الملك المعظم شدد مراراً في حديثه للجنة العليا لإعداد ميثاق العمل الوطني، على أن ما حصلت عليه المرأة من حقوق ليست “منحة” وإنما “استحقاق” تقديراً لتاريخها ومكانتها ومسيرتها العريقة في العمل الأهلي والمجتمعي، وريادتها في قطاعات الطب والتعليم والفنون والآداب على مستوى دول المنطقة.
ومن أبرز المكتسبات الأخرى ذات الأهمية البالغة في دعم وتمكين المرأة البحرينية تأسيس المجلس الأعلى للمرأة عام 2001م بموجب أمر ملكي (أميري آنذاك)، برئاسة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، قرينة جلالة الملك المعظم حفظها الله ورعاها، وهو ما مثل مرتكز قوة وثقة انطلق منه المجلس في عمله وبلوغ أهدافه، التي شكلت حاضنة داعمة وراعية لحقوق وتمكين المرأة البحرينية في مختلف مجالات التنمية، بالتعاون والشراكة مع جميع وزارات ومؤسسات الدولة الحكومية والأهلية وأيضاً القطاع الخاص.
ويُحسب للمجلس الأعلى للمرأة جهوده الدائمة مع السلطة التشريعية بغرفتيها الشورى والنواب لمراجعة القوانين والتشريعات الخاصة بالنهوض بوضع المرأة وحقوقها في البحرين في ظل ما يطرأ على المجتمع من متغيرات وظواهر اجتماعية، وللحقيقة انعكس هذا التعاون إيجابياً على تعديلات بعض القوانين أو اقتراح مشاريع بقوانين جديدة أبصرت النور ودخلت حيز التنفيذ، أبرزها قانون الأسرة الذي يعد المرجعية القانونية الجامعة لقضايا الأسرة والميراث، وأيضاً قانون إنشاء صندوق النفقة، وقانون الطفل، وتعديل قانون الإسكان، وإنشاء محاكم الأسرة وغيرها من الإجراءات الحكومية التي تضمن تشكيل شراكة متكافئة للمرأة في بناء مجتمع تنافسي مستدام قائم على المساواة بين الجنسين دون تمييز.
نتوقف قليلاً أمام التعديلات التشريعية على قانون الإسكان بتوسيع مظلة استفادة المرأة البحرينية من الخدمات الإسكانية بإضافة فئة جديدة؛ ما مدى أهمية هذا الاستحقاق لشريحة مهمة في المجتمع وهي المطلقات والأرامل غير الحاضنات؟
بالفعل، يعتبر تعديل قانون الإسكان في 2004 انتصاراً بالغ الأهمية وأحد مكتسبات ميثاق العمل الوطني في العمل التشريعي، ويمثل ثمرة جهود كبيرة بين السلطة التشريعية والمجلس الأعلى للمرأة، حيث جاءت التوجيهات الملكية لوزارة الإسكان باعتماد الفئة الخامسة في مشاريع الإسكان لتوسيع مظلة استفادة المرأة البحرينية من الخدمات الإسكانية لتشمل توفير حق الانتفاع وليس التملك لـ “المرأة الأرملة والمطلقة والمهجورة غير الحاضنة لأبناء والعزباء اليتيمة الأبوين”، على اعتبار أن ضمان توفير الحق السكنى للمرأة يسهم في تحقيق الاستقرار الأسري ويدعم استدامة دورها المؤثر في المجتمع البحريني.
ميثاق العمل الوطني لم يغفل في فصله السابع العلاقات الخارجية لمملكة البحرين مع الدول العربية والأجنبية والمنظمات الدولية والإقليمية، وجاء منظماً للسياسة الخارجية ومكملاً لنص الدستور في هذا الخصوص، برأيكم ما حجم التغيير الذي حدث في مسيرة عمل الدبلوماسية البحرينية في ظل الميثاق؟
الدبلوماسية البحرينية عريقة وعُرف عنها أداءها المتميز والمتوازن، ولقد شهدت في العقدين الأخيرين نجاحات كبيرة على مستوى توسيع التمثيل الدبلوماسي بين البحرين والعديد من الدول والمنظمات الإقليمية والدولية وهذا التوسع آخذ في النمو ويعكس نجاح السياسة الخارجية للمملكة في تعزيز وتنمية علاقاتها الخارجية التي ترتكز على الاتفاقيات والمواثيق الدولية القائمة على احترام سيادة الدول والحرص على إرساء السلام والأمن للدول والشعوب.
ومن هذا المنطلق جاء اهتمام جلالة الملك المعظم بالعمل الدبلوماسي بتضمينه في ميثاق العمل الوطني ليكون ظهيراً وداعماً للعمل السياسي وإكمال مسارات النهضة التنموية في الداخل والخارج أيضاً. فمملكة البحرين لا تعيش بمعزل عن محيطها الجغرافي والاستراتيجي والجيوسياسي وتحرص دبلوماسيتها دوماً على التفاعل المؤثر والإيجابي بما يحفظ أمن واستقرار وتقدم الوطن. لذلك نجد أن تواجد أكبر للدبلوماسية البحرينية كعنصر مؤثر في كثير من القضايا، والملفات السياسية، والاقتصادية إقليمياً ودولياً.
كيف تابعتم نظرة الغرب لما تحقق في تجربة البحرين الديمقراطية سياسياً وتشريعياً وعلى صعيد الحريات والتعليم والاقتصاد وتمكين المرأة وغيرها من مسارات التنمية الشاملة خلال فترة عملكم السابقة كسفيرة لمملكة البحرين لدى بلجيكا والاتحاد الأوروبي ولوكسمبورغ؟
تشرفت بالثقة الملكية الكبيرة بتعييني سفيرة في الخارج والالتحاق بالسلك الدبلوماسي في عاصمة مهمة مثل بروكسل وينضم إليها أيضاً أحد أهم المنظمات الإقليمية المؤثرة في المجتمع الدولي وهو الاتحاد الأوروبي الذي يضم في عضويته أكثر من 50 دولة، إضافة إلى دوقية لوكسمبورغ. وكنت حينها السفيرة البحرينية الوحيدة لدى الخارج، هذه الثقة ألقت على عاتقي مسؤولية كبيرة لتمثيل وطني ومد جسور التعاون والعلاقات والثقة بينه والعواصم التي أمثله فيها، وهو ما انعكس بدوره على المساهمة في تصحيح نظرة الغرب النمطية تجاه المرأة الخليجية والبحرينية على وجه التحديد وقوبل بصدى إيجابي واسع.
أما على صعيد الأثر الذي تركته تجربة البحرين الديمقراطية لدى الخارج، فقد كان ذلك هو الدور الأكبر والهدف الوطني الأسمى المنوط بنا كدبلوماسيين بحرينيين وهو السعي لتقديم صورة حقيقية لكل ما يحدث في البحرين من إجراءات واثقة وغير مسبوقة في المنطقة على صعيد تكريس العملية الديمقراطية والحياة السياسية والتأكيد على آليات تحقيق اهداف المسيرة التنموية الشاملة ورؤية البحرين المستدامة 2030 بالشكل الذي من شأنه تقديم صورة حقيقية وشفافة وتصحيح المفاهيم والمعلومات غير الدقيقة والمغلوطة. وأتذكر أن أحد الآليات لتحقيق ذلك كان دعوة السفراء الأجانب والدبلوماسيين والسياسيين والبرلمانيين لزيارة البحرين والمشاركة في الفعاليات والمؤتمرات والملتقيات الدولية الكبرى التي تحتضنها المملكة واللقاء بنظرائهم من مسؤولين وذوي اختصاص لإطلاع على التجربة الديمقراطية ومعايشة كل هذه الحقائق برؤى العين مُجسدةً على أرض الواقع دون تضليل او تزييف.