السفير حمد العامر: نجحت في عملي بعد التقاعد لاعتمادي على البحرينيين
أحبّ الموسيقى وما زلت أتعلّمها..
محمد بن مبارك شخصية فذة ورجل مختلف عن الآخرين
كريم الشكر أستاذي الذي علمني الدبلوماسية
تخصصت في الآداب بالجامعة بسبب ميولي الداخلية
أحب «اليوغا» وأمارس هواية «البوكسينج» ورفع الأثقال
حسن الستري، تصوير: نايف صالح
أكد وكيل وزارة الخارجية الأسبق للشؤون الإقليمية ومجلس التعاون السفير حمد العامر أنه تفرغ للقراءة بعد خروجه للتقاعد، إلى أن طلب منه بعض المستثمرين من أهله بالمملكة العربية السعودية إدارة شركة اتصالات لهم بالبحرين، وعلق: «أعتقد أنني نجحت لأنني اعتمدت على البحرينيين».
وفي لقاء خص به «الوطن»، سرد السفير العامر مسيرة حياته بدءاً من ولادته لأب سعودي وأم بحرينية وانفصالهما ومعيشته مع والدته، إلى أن اتجه إلى الدراسة في بيروت ومنها إلى جامعة عين شمس بسبب الحرب الأهلية، كما استذكر مسيرة حياته بالوزارة بدءاً من موظف إلى سكرتير شخصي للوزير آنذاك سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة لمدة 15 عاماً، مروراً بالمحطات الأخرى. وفي ما يلي نص اللقاء:
حدّثْنا عن نشأتك.
وُلِدتُ في منطقة الرفاع الشرقي، وكان منزلنا جنب البلدية القديمة، لأب سعودي وأم بحرينية، وبعد فترة انفصل الوالد عن الوالدة، وجرت دعاوى بينهما بالمحاكم وصدر علي حكم أن انتقل للسعودية، ولكن هذا لم يحصل، لأن أخوالي كانوا يخبئونني وقت تنفيذ الحكم، لدى عمة في جنوب الرفاع الشرقي، كانوا يخبئونني عندها، لأنه بالسابق كانوا يسرقون الشخص ويأخذونه، وبعد أن بلغ عمري 11 سنة ذهبت للسعودية لرؤية أهلي، بقيت هناك سنة وعدت سنة للبحرين لمواصلة تعليمي.
متى حصلت على الجنسية البحرينية؟
حملت الجنسية البحرينية منذ طفولتي، لأنه بالسابق لم يكونوا يدققون كثيرا، واستمرت الحياة.
أين كانت دراستك؟
درست الابتدائية في مدارس الرفاع الشرقي، وكنت من الطلبة المتفوقين في دراستي، ثم درست الإعدادية في الحورة وأكملت الثانوية في مدرسة الرفاع، وكان من أبرز زملائي خليل الذوادي الذي كان عضوا بمجلس الشورى، ونجيب الحمر رئيس مجلس إدارة الأيام، وكان معي حسن ماجد النعيمي والشيخ محمد بن عبدالله بن حمد آل خليفة الذي صار رئيس مجلس العائلة الحاكمة.
ماذا عن دراستك الجامعية؟
درست الآداب في جامعة بيروت العربية ولم أكملها لديهم وذهبت إلى جامعة عين شمس.
لماذا اخترت تخصص الآداب؟
تخصصت في الآداب بالجامعة بسبب ميول داخلية للآداب، إذ أعددت برامج للإذاعة وأنا صغير، وكان لدي برنامج صفحات متنوعة، وبعدها أحببت التراث، وأجريت برنامج أمثال شعبية، وبرنامجاً في التلفزيون «رحلة مع التراث»، وكان معي فريد قمبر، عملنا عملاً جباراً عن الصناعات الشعبية في البحرين، مثل الحلوى والنسيج والفخار، وما زالت تعرض مقاطع منه.
لماذا اخترت بيروت، ولماذا خرجت منها؟
بيروت كانت يومها شعلة العلم، لأن الناس كلهم كانوا يرغبون ببيروت آنذاك، درست على حسابي بمساعدة «أخوالي» شريفة وعبداللطيف، فهما اللذان احتوياني. خرجنا من بيروت بسبب الحرب التي جرت في منتصف السبعينيات، وكنت من الأشخاص الذين اتجهوا لجامعة عين شمس.
كيف توظفت في وزارة الخارجية؟
كنت الموظف الأول بوزارة الخارجية بعد سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة، ولكنهم وضعوني في الترتيبات الرابع، عملت معه في «جبرات» بمنزل المستشار السياسي، كان يأتي معي علي إبراهيم من دائرة الإعلام، وبعدها غازي محمد القصيبي الذي كان سفيرنا في واشنطن، وبعدها ليلى عبدالرسول خلف التي كانت سكرتيرة لسمو الشيخ محمد بن مبارك، ثم خرجت منه لتعمل دبلوماسية، وبعدها مباشرة أصبحت سكرتيرة لسموه لمدة 15 سنة، بعدها أتانا الشيخ عبدالرحمن فارس وعلي المحروس. هذه كانت الدفعة الأولى، أما الدفعة الثانية فكان بها كريم الشكر ونبيل قمبر وعادل العياضي.
حدثنا عن مرحلة تعيينك قنصلاً عاماً بالهند.
وقتها لم يكن هناك سفير في الهند، لذلك كنت أمثل البحرين في عموم الهند، يومها كان للقناصل السابقين لقب، وغيرته بالاتفاق مع وزارة الخارجية.
وخلال هذه المرحلة كلفت مرتين بتسليم رسائل من جلالة الملك ولي العهد وقتها إلى رئيس وزراء الهند وإلى رئيس الهند، كما زارنا الوزيران السابقان يوسف الشيراوي وحبيب أحمد قاسم، وذهبت معهما إلى دلهي وقابلنا أعضاء في الغرفة التجارية وتجاراً، كانت البحرين تريد فتح آفاق للتجارة الخارجية مع الهند.
ماذا عن فترة عملك في سفارة البحرين في طهران؟
بعد الهند ذهبت كسفير لإيران، وكان ذلك بعد تحرير الكويت، وبقيت هناك سنة تقريباً، كان الوضع يومها طيباً، وعلاقات إيران جيدة مع الخليج ولم يكن هناك توتر، إيران دولة صديقة وقريبة معك في المنطقة، والتوتر جرى لاحقاً، وكنت دائماً أدعو للحوار مع الإيرانيين.
كنتَ مسؤولاً عن ملف متابعة الدول التي خرجت من الاتحاد السوفيتي، حدثنا عن هذه المرحلة.
بعدها تعينت عن ملف انهيار الاتحاد السوفيتي، وكانت مهمتنا تقديم مساعدات للدول التي خرجت من الاتحاد السوفيتي، زرنا اليابان ومدريد وباريس، والدول التي تستضيف اجتماعات لصالح هذه الدول التي خرجت من الاتحاد السوفيتي، لوضع البرامج والمساعدات لهذه الدول، بعدها عُيّنت مديراً للدائرة العربية لمدة سنة ثم مديراً لدائرة مجلس التعاون.
إبان غزو الكويت وتحريرها، انقسمت الدول العربية، كيف واجهتم المشكلة؟
للأسف بعد تحرير الكويت جرى تفكك للأمة العربية ولم يلتئم الجرح بسرعة، لم أمارس دوري المطلوب بالكامل لأنها فترة انتقالية، وكانت عيني على مجلس التعاون.
ماذا عن المؤتمرات التي حضرتها؟
كنت أحضر في تونس حين كانت الجامعة العربية في تونس، لأني كنت سكرتير سمو الشيخ محمد بن مبارك وكان الطريق لتونس صعباً، إذ كنا نذهب لها عن طريق روما. أما في باكستان، فقط حضرت أول مؤتمر إسلامي، وفي هذا المؤتمر تم تقسيم باكستان الشرقية والغربية وخرجت بنغلاديش، وبعد أن انتهت أعمال هذا المؤتمر غادرنا متأخرين على طيران الخليج برفقة الأمير الراحل صاحب العظمة الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، وصادفنا في الجو عواصف ومطر والطيارة تطير في الجو وتنزل، وكان الباكستانيون أهدونا مصاحف، فأخرجناها وتشهدنا، ثم وصلنا البحرين، ولكن واجهنا مشكلة الضباب بالبحرين، ونزلنا في مطار خليحي، ورجعنا متأخرين للبحرين.
حدثنا عن مرحلة مجلس التعاون من مدير إلى وكيل وزير الخارجية، وسفير مجلس التعاون لدى الاتحاد الأروبي؟
مجلس التعاون كانت مرحلة زاخرة ومهمة في حياتي واستفدت منها استفادة كبيرة، قابلت كبار قادة دول مجلس التعاون، ووزراء الخارجية وسفراء، واستفدنا من المتحدثين استفادة كبيرة، كانت مرحلة زاخرة بالمعرفة، وفيها خرجت الكثير من القرارات المهمة لمجلس التعاون.
ومن خلال عملي كمدير مجلس التعاون، كان لنا أنشطة وعمل وتعاون في إطار مجلس التعاون مع دول عربية وأجنبية كالأردن والمغرب، كان هناك فكرة أن يتم توسعة مجلس التعاون لضم الأردن والمغرب، كنا نذهب للبحث عن إمكانية أن تكون القوانين الأردنية والمغربية منسجمة مع قوانين مجلس التعاون. ثم تعينت في بروكسل كسفير لدول مجلس التعاون في المفوضية الأوروبية، وهذه أيضا كانت مرحلة مهمة في حياتي، لأننا في تلك الفترة كنا نسعى لاتفاقية تجارة حرة مع الاتحاد الأوروبي، ولكن للأسف لم تكتمل، تحقق منها 99 % يومها، وبقي 1 % ولغاية الآن معلقاً.
كيف عينت وكيل وزارة الخارجية؟
كنت في باريس، وكان الشيخ خالد بن أحمد بن محمد وزير الخارجية يومها موجوداً في باريس، وطلب رؤيتي وكنت على أعتاب نهاية فترتي الثانية وذكر لي أنه يريدني وكيل وزارة الخارجية ولن يجدد لي، رجعت البحرين وبقيت فترة 4 شهور إلى أن تم تعييني وكيل وزارة للشؤون الإقليمية ومجلس التعاون، وبنفس الوقت عين السفير كريم الشكر وكيل وزارة للشؤون الدولية. وهنا لا بد من وقفة عرفان للأخ كريم الشكر، فهو أستاذي، هو من علمني الدبلوماسية، ذهبت إلى نيويورك ضمن وفد البحرين عام 1975 وكان كريم موجوداً فيها، ووزعوا الوفد على اللجان، فعينوني في لجنة حقوق الإنسان والمرأة أو اللجنة الاجتماعية، بها خرج مشروع قرار بأن الصهيونية حركة عنصرية، فقامت القيامة في أمريكا وأوروبا والصحافة، كيف يدرس هذا القرار، ذهبت لكريم فقال لي اكتب وأرني مذكرتك، فكتبت وعدلها.
يومها اللجنة التي لم يكن يحضرها أحد، بات يحضرها السفراء وممثلو الدول وباتت أهم لجنة، في آخر يوم حضر الصحافيون، وكانت الرئيس من دول إفريقيا وكلمتهم بالفرنسية وطلبت منهم الخروج باعتبار أن اجتماعات اللجان سرية، واتخذ يومها القرار بأن الصهيونية حركة عنصرية وأنا يومها ألقيت الكلمة، وهذه من المراحل الزاخرة خلال عملي بوزارة الخارجية.
ماذا عن حياتك بعد التقاعد؟
أحب القراءة والرياضة، أمارس رياضة الغولف منذ طفولتي، وعلمتها أبنائي، أحب اليوغا، وأمارس هواية «البوكسينج» ورفع الأثقال، ولدي «جيم» صغير، أحب الموسيقى ولا أزال أتعلمها، وعندي بيانو قديم تاريخ صناعته 1910.
ركزت بالأشهر الأولى من تقاعدي في أن أذهب لمكتبة عوالي وأقرأ فيها، لكن أحياناً الأمور تأتي لوحدها، قصدني مستثمرون من أهلي بالسعودية منذ حوالي 6 سنوات، وطلبوا مني إدارة شركة اتصالات بالبحرين، كان عالماً جديداً، وأعتقد أنني نجحت فيه، ونحقق أرباحاً لأنني اعتمدت على الشباب البحريني. عندي بالشركة 65% نسبة بحرنة، لأن العمل بالاتصالات يحتاج لخبرات قد لا تكون متوفرة بالبحرين، فتضطر لتوظيف أناس من الخارج، لدي موظفون يعملون معي وهم في بلدانهم، أحدهم في الأرجنتين، وآخر في إثيوبيا وثالث في الهند، يعمل بدوام كامل ومنتجون، لأن استقدامهم مكلف.
حدثنا عن أبنائك؟
لدي 3 أبناء و3 بنات، فهد وعبدالعزيز وعبداللطيف، ورشا ونورة وزين، فهد وزير مفوض بوزارة الخارجية، والدكتورة رشا كانت طبيبة بالمستشفى العسكري ثم في وزارة الداخلية، والآن مسؤولة عن مستشفى طيران الخليج، وعبداللطيف خريج جامعة أكسفورد علوم السياسة يعمل بالأمانة العامة لمجلس التعاون، ونورة تعمل في شركة مهمة في لندن، وزين عضو بمجلس إدارة فنادق الخليج، وعبدالعزيز يشتغل في كي بي أم جي للتدقيق. وزين وعبداللطيف ورشا والبقية غير متزوجين.
نختم اللقاء بسمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة، فقد كنت سكرتيراً له لمدة 15 عاماً، حدثنا عن سموه؟
سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة شخصية فذة، تعلمت منه أشياء كثيرة في حياتي، كنا نسافر معه باستمرار، وكان رجلاً مختلفاً، كان رجلاً لديه صفات راقية وأخلاق عالية وخبرة.
كلنا بوزارة الخارجية ندين له، وأنا مسرور بأكاديميته التي تؤدي دوراً مهماً في عمل الدبلوماسيين، كما أنه في هذه المرحلة استفاد مني كثيرون بوزارة الخارجية، كنت أرتاح إذا رأيت النجاح لبعض الأفراد.