سماهر سيف اليزل
أطلقت جمعية الصحفيين البحرينية أولى فعاليات المجلس الإعلامي، الذي تنظمه لجنة الثقافة والشباب، من خلال جلسة حوارية استضافت مستشار جلالة الملك للشؤون الثقافية والعلمية، وعضو مؤسس في دارة محمد جابر الأنصاري للفكر والثقافة د. هالة الأنصاري، بحضور نخبة من الإعلاميين والمثقفين والأكاديميين.
وخلال اللقاء، الذي أقيم بمقر الجمعية، مساء 18 أكتوبر الجاري، وأدارته رئيس قسم المحررين في صحيفة «الوطن» زهراء حبيب، تناولت هالة الأنصاري نشأة الدارة وأهدافها الفكرية والثقافية، مؤكدة أن تأسيسها جاء تزامناً مع الاحتفال بثمانينية المفكر الراحل د. محمد جابر الأنصاري، ليكون هذا المشروع استمراراً طبيعياً لإرثه الثقافي والفكري ومسيرته الطويلة في خدمة الوعي العربي.
وأوضحت الأنصاري، أن تسمية المؤسسة بـ«دارة» وليس «دار» جاءت اختياراً مقصوداً وواعياً من والدها الراحل، موضحة أن «التعبير غير دارج في الاستخدام المحلي، لكنه الأقرب للمضمون، فـ“الدارة” تشير إلى المؤسسة الثقافية الحاضنة للفكر والمعرفة، وهي تسمية تلائم مشروعاً فكرياً واسع الأفق مثل مشروع د. الأنصاري».
وأضافت أن فكرة التأسيس، انبثقت من رغبة حقيقية في مواصلة مشروع الراحل الفكري، خصوصاً وأنه أسس خلال حياته مبادرات ومؤسسات ثقافية عديدة، ورأينا أن إنشاء هذه الدارة يحافظ على إرثه، ويعيد تقديم فكره للأجيال الجديدة بأساليب حديثة وتفاعلية».
وتحدثت الأنصاري عن ملامح عمل الدارة وأجندتها المقبلة، مشيرة إلى أن المشروع يسعى إلى خلق تلاقٍ بين الأجيال الفكرية المختلفة في البحرين والمنطقة، قائلة: «نحن نتأمل أن تكون الدارة سبباً في تلاقي الأجيال، خصوصاً مع وجود عزوف شبابي ملحوظ عن التفاعل مع النتاج الثقافي المحلي، لذلك حاولنا أن نبسّط المضمون، وأن نوصله بأدوات معاصرة لتعريف الشباب بهذه الشخصية البحرينية التي تركت مؤلفات كثيرة تجاوزت حدود الوطن».
وبيّنت أن والدها اجتهد وجاهد لإيصال الروح الخليجية الأصيلة، وإبراز أن ثقافة ما قبل النفط كانت راسخة وغنية، وأن الرفاهية التي نعيشها اليوم لم تأتِ من فراغ، بل هي ثمرة تراكم أجيالٍ من العمل والتفكير، مؤكدة أن هذه الفكرة تمثل محوراً رئيساً في فكر د. الأنصاري، وأن الدارة تعمل على ترسيخها وإيصالها بصورة مبسطة للأجيال الجديدة.
وعن المجهودات التي تبذلها الدارة لتقريب الفكر من الأجيال الشابة، قالتد. هالة الأنصاري إن العمل يجري على أكثر من مسار، من بينها التفاعل عبر وسائل التواصل الاجتماعي للوصول إلى فئة أوسع من الشباب، بالإضافة إلى التعاون مع الصحف المحلية لنشر عدد من مقالات المفكر الراحل، وإعادة إصدار مؤلفاته في طبعات محدثة.
وأضافت أن الدارة أطلقت بالفعل مسابقة نقدية تستهدف الشباب من مختلف الدول العربية، موضحة أن عدد المشاركين حتى الآن بلغ 30 مشاركًا من داخل وخارج البحرين، يتناولون بالنقد مجموعة من كتب د. الأنصاري، في خطوة تهدف إلى تعزيز التفاعل المعرفي مع فكره وإحياء النقاش حوله.
وفي حديثها عن دور الصحافة والشباب الإعلامي في دعم المشاريع الثقافية، أكدت الأنصاري أن دور الإعلاميين الشباب محوري وأساسي، وهو أحد أهداف الدارة في الأساس، فنحن نسعى إلى أن نصل إلى هذه الفئة ونعرفها بأن البحرين كانت وما زالت منارة للفكر والثقافة، تضم أسماء كبيرة في الفكر العربي، من بينهم د. محمد جابر الأنصاري وغيره من المثقفين الذين وثقوا تاريخ البحرين الثقافي والحركة الأدبية المبكرة فيها.
وخلال مداخلته، عبّر مستشار جلالة الملك لشؤون الإعلام نبيل الحمر، عن تقديره للمبادرة، مؤكداً أن دارة محمد جابر الأنصاري تمثل فكرة جميلة وضرورية لإحياء الفكر البحريني ونشره عربياً.
وقال الحمر: د. محمد جابر الأنصاري، المفكر البحريني العربي، استطاع أن يصل بفكره إلى العالم العربي كله، وأرى أن على الدارة أن تعمل على نشر فكر الأنصاري وأفكار الشباب البحرينيين، وأن تكون مركزاً ثقافياً يحتضن الأدباء والمفكرين البحرينيين والعرب، فهذا هو الدور الحقيقي للمؤسسات الثقافية النشطة في هذا الزمن.
وأضاف أن الجدية في العمل والتعاون بين المؤسسات الثقافية كفيلان بتجاوز أي تحديات، متمنيًا أن تواصل الدارة أداء رسالتها وأن تساهم في تحفيز الحراك الثقافي والفكري في البحرين والمنطقة.
من جانبها، أكدت ياسمين العقيدات، رئيسة لجنة الثقافة والشباب بجمعية الصحفيين البحرينية، أن إطلاق أولى فعاليات المجلس الإعلامي يمثل بداية سلسلة من اللقاءات الهادفة لتعزيز الحراك الثقافي والإعلامي داخل الجمعية.
وقالت إن المجلس يسعى إلى خلق مساحة تفاعلية تجمع بين الخبرات الإعلامية والفكرية والأجيال الشابة، بما يسهم في تبادل الخبرات وترسيخ ثقافة الحوار البنّاء في الوسط الصحفي والثقافي.
وأضافت أن استضافة د. هالة الأنصاري في أولى الجلسات تعكس تقدير الجمعية للإرث الفكري والإنساني الذي تركه الراحل د. محمد جابر الأنصاري، مشيرة إلى أن اللقاء تناول محطات بارزة من تجربته الصحفية والفكرية، إلى جانب القضايا التي شكلت محور اهتمامه، وأسهمت في تشكيل الوعي الثقافي البحريني والعربي.