بداية، دعنا نعرف ماذا يعني مصطلح الأنتروبيا؛ فالانتروبيا هي مقياس للفوضى أو العشوائية أو التشتت في نظام ما، وينص القانون الثاني للديناميكا الحرارية على أن الأنتروبيا الكلية لنظام مغلق ومعزول تميل دائماً إلى الزيادة بمرور الوقت، وهذا يعني أن العمليات الطبيعية تسير في اتجاه زيادة الفوضى وعدم الانتظام.
ولنفترض أنك دخلت غرفة، ووجدت كل شيء مرتباً ومنظماً، فهذه غرفة ذات أنتروبيا منخفضة أما إذا كانت الأشياء مبعثرة في كل مكان فهذه غرفة ذات أنتروبيا عالية.
وفي العلوم، وخاصة في الفيزياء والكيمياء، فإن الأنتروبيا تُستخدم لوصف كيف تتوزع الطاقة أو الجزيئات داخل نظام، وكلما زادت الأنتروبيا، زادت الفوضى، وقلّت القدرة على استخدام الطاقة بشكل منظم.
وكمثال بسيط: مكعب ثلج يعني أنتروبيا منخفضة (جزيئات الماء مرتبة)
. ماء سائل يعني أنتروبيا أعلى (الجزيئات تتحرك بحرية أكثر).
بخار ماء يعني أنتروبيا أعلى جداً (الجزيئات منتشرة وعشوائية).
الإنتروبيا من منظور بيئيمن المنظور البيئي، فإن الأنتروبيا يمكن فهمها على أنها مقياس لمدى تشتت الطاقة أو الموارد في النظام البيئي، أو مدى فقدان النظام والتنظيم في البيئة.
ولتبسيط ذلك، فإن النظام البيئي الطبيعي، مثل الغابة أو الشعاب المرجانية أو الغلاف الجوي، هناك توازن وتنظيم بين الكائنات الحية والموارد (مثل الماء، الطاقة، المغذيات، حرارة كوكب الأرض)، هذا التوازن يعني أنتروبيا منخفضة، ولكن عندما يتدخل الإنسان بشكل مفرط مثل إزالة الغابات، أو التلوث، أو التغير المناخي، فإن هذا يؤدي إلى زيادة الأنتروبيا، أي: فقدان التنوع البيولوجي.
تدهور التربة والمياه.
اختلال سلاسل الغذاء.
تشتت الطاقة والموارد دون فائدة.
ارتفاع حرارة الأرض.
فإذا لدينا نظام بيئي مستقر (مثل غابة مطيرة متوازنة) فإنه ذو أنتروبيا منخفضة.
أما إذا كان لدينا نظام بيئي ملوث أو متدهور (مثل بحيرة ملوثة أو صحراء نتيجة التصحر) فإنه ذو أنتروبيا عالية.
وعليه، فإن زيادة الأنتروبيا في البيئة تعني أن استعادة النظام الطبيعي تصبح أصعب، وتتطلب طاقة وموارد أكثر لإعادة التوازن.
علاقة الأنتروبيابالتغير المناخيإن نظام المناخ على الأرض هو نظام مفتوح، يتلقى الطاقة من الشمس، ويشع الطاقة إلى الفضاء.
ومع ذلك، تحدث داخل هذا النظام عمليات لا رجعة فيها (غير معكوسة) تساهم في إنتاج الأنتروبيا.
وفيما يلي بعض النقاط الرئيسية التي تربط بين الأنتروبيا والتغير المناخي: إنتاج الأنتروبيا في نظام المناخ: تتضمن العمليات الطبيعية في نظام المناخ، مثل امتصاص وإصدار الإشعاع، واحتكاك الرياح والتيارات المحيطية، والانتشار الجزيئي للحرارة والكتلة، وتغيرات طور الماء في الدورة الهيدرولوجية، جميعها عمليات غير معكوسة، وتساهم في إنتاج الأنتروبيا
. زيادة الطاقة الحرة وتغيرات الطقس: أظهرت بعض الأبحاث أن الاحترار العالمي يزيد من الطاقة الحرة المتاحة لدفع الطقس، مما يؤدي إلى زيادة في تقلبات الطقس.
هذه الزيادة في الطاقة الحرة يمكن أن ترتبط بالتغيرات في الأنتروبيا.
غازات الدفيئة والأنتروبيا: تعمل غازات الدفيئة على احتجاز الحرارة في الغلاف الجوي، مما يزيد من درجة حرارة الأرض. هذه الزيادة في درجة الحرارة يمكن أن تؤثر على توزيع الطاقة في النظام وتزيد من إنتاج الأنتروبيا داخله.
كفاءة استخدام الطاقة: إن زيادة استهلاك الطاقة يؤدي إلى زيادة في إنتاج الأنتروبيا.
أي عملية حقيقية تتضمن فقدانًا للطاقة بسبب عدم القابلية للعكس، وهذا الفقدان يظهر على شكل إنتاج للإنتروبيا.
هذا يعني أن زيادة انبعاثات غازات الدفيئة الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري تساهم في زيادة الأنتروبيا الكلية للنظام
. اضطراب النظام: بشكل عام، يشير القانون الثاني للديناميكا الحرارية إلى أن الأنظمة تميل إلى حالة من الفوضى المتزايدة.
التغير المناخي، بتغيراته المفاجئة وغير المتوقعة في أنماط الطقس، وتطرف الظواهر الجوية، وتأثيراته على النظم البيئية، يمكن اعتباره مظهراً من مظاهر زيادة الاضطراب أو الأنتروبيا في نظام الأرض.
وباختصار، التغير المناخي ليس فقط مسألة توازن للطاقة، بل هو أيضاً مسألة ديناميكية حرارية تتضمن إنتاج وتوزيع الأنتروبيا في نظام الأرض. فهم هذه العلاقة يمكن أن يساعد في تطوير استراتيجيات أفضل للتخفيف من آثار التغير المناخي والتكيف معها.* أستاذ الفيزياء التطبيقيةبجامعة الخليج العربي