أيمن شكل
الحوار يمنح بُعداً إضافياً للتشاور الدبلوماسي الهادئ قبل القمم الكبرى
«حوار المنامة» يكتسب زخماً مع تولي البحرين مقعد مجلس الأمن 2026
أكد المدير التنفيذي للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في الشرق الأوسط الفريق طيار مارتن سامبسون، أن النسخة الحادية والعشرين من حوار المنامة تكتسب زخماً قوياً هذا العام في خضم التغيرات العالمية والتحولات الجيوسياسية الهائلة التي تحدث في المنطقة ودور الشرق الأوسط في هذه التحولات.
وأوضح في مؤتمر صحفي عُقد بمقر المعهد في المنامة، أن حكومة البحرين تتميز بقدرتها على خلق مساحة للمحادثات التي تُجرى على هامش الحوار، كما تكمن الأهمية الخاصة في هذه النسخة بأن البحرين ستتولى مقعدها في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للعام 2026، وسيكون هناك العديد من الموضوعات التي ستناقش مع الدول الصديقة بشأن تلك المهمة.
وشدّد المدير التنفيذي للمعهد، على الدور الدولي المتصاعد للمملكة بدعمها للحوار خاصة وأنها استضافت قمة مجلس التعاون الخليجي وهو ما يمنح حوار المنامة بُعداً إضافياً كمجال للتشاور الدبلوماسي الهادئ قبل القمم الكبرى.
وفي إجابته على سؤال «الوطن» حول توقعات العقد الثالث من عمر الحوار، قال سامسون: «نتمنى أن يكون العقد الثالث أكثر استقراراً وسلاماً، لكننا نُدرك صعوبة ذلك، وهدفنا أن نكون شركاء موثوقين وصادقين مع الجميع، وأن نواصل الحوار طوال العام، لا خلال أيام المؤتمر فقط».
وأوضح أن هذا الحوار يسعى لأن يكون محفزاً للنقاش البنّاء بين مختلف الأطراف، وأن دوره الأساسي هو توفير مساحة آمنة للتفاهم بديلاً عن الصراع. وبشأن الدول المشاركة في حوار المنامة، لفت إلى أن العام الماضي شهد حضور نحو 65 دولة، وقال: «وجّهنا هذا العام الدعوات إلى نفس العدد ومازلنا نتلقى الردود، لكننا نتوقع مشاركة ما بين 4060 دولة، وربما أكثر، إذ أبدت بعض الدول الجديدة رغبتها في الانضمام بعد تطوير علاقاتها مع المنطقة، وستصدر القائمة النهائية للوفود خلال الأسبوعين المقبلين، مبيناً أن الاهتمام الدولي بالمشاركة كبير جداً هذا العام.
وحول الموضوعات المطروحة في أجندة «حوار المنامة 21» نوه بالعنوان الرئيسي «القوة الإقليمية وفن إدارة الدولة وسط التغيرات العالمية»، لافتاً لما يشهده العالم من إعادة تشكيل لديناميكيات القوة والتحديات والتطورات الجديدة القادمة التي تختبر قدرة القوى الإقليمية على التكيف، ولذلك فقد استحوذت هذه الأحداث على أجندة الحوار لهذا العام، واستدرك بالقول: «لكن على الجانب الآخر نحن حريصون على إجراء وتعزيز أكبر عدد ممكن من المناقشات والاتفاقيات سواء أكانت دفاعية أو تجارية أو اقتصادية أو سياسية أو طاقة أو أمنية».
وبيّن سامبسون، أن عدد الاجتماعات الثنائية التي عُقدت على هامش الحوار العام الماضي، تجاوز 500 اجتماع، بينما بلغ عدد المشاركين في الحوار 3500 شخص العديد منهم مسؤولون، وهناك العديد من الاجتماعات بين القادة الذين يحضرون الحوار والتي تسفر عن اتفاقات بينية. وشدّد على أن «حوار المنامة»، يمثل فرصة مهمة لعقد الاتفاقيات والاجتماعات بين المسؤولين وحتى اللقاءات غير الرسمية التي تجرى ومداخلات المشاركين من دول العالم. وقال: إن «هذا هو الدور الأساسي للحدث السنوي، الذي يمكن أن يلمس فيه الحضور القوة الناعمة ودورها في رسم السياسات الدولية».
وأشار إلى أن هناك الكثير من الصراعات، والتحديات والمنافسة والمساحات المجهولة بين الدول، وما يدعمه حوار المنامة، ومملكة البحرين، هو إزالة هذه الضبابية وتوفير مساحة للتفاعل بين المسؤولين والعمل على منع تحويل المنافسة إلى صراع والبحث في كيفية تجنب حدوثه، مع وجود عدد كبير من الخبراء والمسؤولين وصُنّاع القرار، حيث تحدث تفاهمات على هامش الحوار. ولفت إلى وجود أشخاص يعملون للتحضير لمثل هذه اللقاءات التي ستُعقد بين وزراء من دول مختلفة، ووضع الخطط لتعظيم الاستفادة من هذا الاجتماع المهم.
وحول إلزامية الأفكار المطروحة في حوار المنامة أكد سامبسون أن أيًاً كان ما يُناقَش، فهو غير مُلزم. وقال: «إذا كنت تتذكر النسخة الأولى من حوار المنامة وآخر نسخة، فهناك أشخاص يحضرون في كل عام، لكن الأفكار تتغير وتتلاقح لتخرج بمفاهيم جديدة، ونحن ندرس بعناية شديدة، من حضر ومن تفاعل، وما كان رد فعل الجمهور، وردود الفعل على وسائل التواصل الاجتماعي، والأمور التي تهم الناس أكثر، ولذلك فإن حوار المنامة ببساطة هو عمل حي، وينمو عاماً بعد آخر».
وأكد أن مسار الحوار يجب أن يكون متوافقاً مع توجهات المنطقة، ومتماشياً مع اهتمامات المعنيين بها. وقال: «مع تغيُّر الأمور، سنلاحظ أن جدول الأعمال هذا العام يتضمن بعض الأمور التي لم تكن مدرجة في السابق على جدول الأعمال، وسيشتمل على موضوعات دبلوماسية واقتصادية ودفاعية تهم المنطقة، ولدينا جلسة عامة بعنوان «تأمين الخليج» ستناقش القوات الموجودة في منطقة الخليج العربي».
ولفت إلى أحد الموضوعات المطروحة ضمن أجندة الحوار وهو الجغرافيا السياسية للطاقة والتكنولوجيا والتجارة وموازين القوى في المنطقة وارتباط تلك الأمور بمنطقة جنوب آسيا وأوروبا والأمريكتين، وأكد أن هذا الموضوع يأتي على رأس جدول الأعمال.
وحول مشاركة سوريا في هذه النسخة، أوضح سامسون أن المعهد تواصل مع القيادة السورية مباشرة خلال الأسابيع الماضية، وهناك تفاؤل بشأن مشاركتها هذا العام، خاصة مع وجود جلسة تناقش التحولات السياسية في بلاد الشام، والتعايش بين الأطياف المختلفة، مشدداً على الصلة الوثيقة بهذه القضية والمنطقة.
ونوه بموضوع جلسة أخرى ستناقش مخاطر الأسلحة النووية والفرص الاستراتيجية مع وجود اهتمام متنامٍ بالمفاعلات النووية الصغيرة واستخدامها في نُظم الطاقة النووية المدنية، موضحاً أن هناك الكثير من الاتفاقيات التي يجري توقيعها في هذا الصدد وهناك علامات استفهام حول البرنامج النووي الإيراني. وذكر أن أجندة حوار المنامة في نسخته الحادية والعشرين تمّ الانتهاء منها في فبراير الماضي، وتعتبر نتيجة لمناقشات من حوار المنامة السابق، وقال: «حوار المنامة هو أحد أعظم فعاليات المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية».