شهدت البحرين، كما غيرها من دول الخليج، تغيّراً لافتاً في مشاركة المرأة في الحياة الاقتصادية والمهنية، حيث بلغت نسبة مشاركة المرأة البحرينية في القوى العاملة الوطنية نحو 60% في القطاع الحكومي و36% في القطاع الخاص، بحسب الإحصائيات الصادرة من المجلس الأعلى للمرأة للعام 2025.
ومع هذا التقدّم الكبير في حضور المرأة بسوق العمل، بدأت تبرز ظاهرة اجتماعية ونفسية لافتة تُعرف في الأدبيات المعاصرة باسم «متلازمة المرأة الخارقة» أو (Superwoman Syndrome)، وهي الحالة التي تُطالَب فيها المرأة بأن تكون مثالية في كل أدوارها: متفوقة في عملها، راعية مثالية لأسرتها، ومربية فاضلة لأبنائها، وفاعلة مجتمعياً، دون أن تُتاح لها مساحة صحيّة للتوازن أو الدعم الكافي.
هذه المتلازمة تعبّر عن تحمّل غير متوازن للمسؤوليات، حيث تتحول شعارات الإنجاز والنجاح أحياناً إلى أدوات ضغط نفسية واجتماعية على النساء، تجعلهن عالقات بين رغبة إثبات الذات، ومتطلبات الدور التقليدي للأسرة والمجتمع.
وهنا يظهر بوضوح الفرق بين «التمكين الكمّي» و«التمكين النوعي»، فالتمكين الكمّي يركّز على الأرقام ومعدلات المشاركة، مثل زيادة نسبة النساء في الوظائف أو المواقع القيادية، بينما التمكين النوعي يُعنى بـجودة المشاركة وتكافؤ الأدوار والفرص، وبناء بيئة إنسانية عادلة يشارك فيها الرجل والمرأة معاً في صنع التنمية، على أساس التفاهم والمساندة لا المنافسة والإنهاك.
إن نجاح المرأة لا يقوم على تعدد الأدوار التي تتقنها، بقدر ما يقوم على العيش بوعي واتزان في مجتمع يُقدّر الإنسان قبل الإنجاز، ويفهم أنَّ المساواة تعني التوازن في الأدوار والمسؤوليات وليس التشابه المتماثل.
المرأة البحرينية والعربية اليوم تحتاج إلى نموذج تمكين جديد، يّقاس بمستوى الرضا والكرامة والحرية في الاختيار أكثر من المشاركة بعدد المناصب أو الوظائف، حتى تحافظ على إنسانيتها الكاملة في عملها وأسرتها وذاتها، ولا تتحول إلى آلة إنتاج وإنجاز مفرّغة من الطمأنينة والأمان.
