سعد الراشد

تشهد مملكة البحرين هذه الأيام، فعاليات التمرين السيبراني الوطني Cyber Shield 2025 تحت عنوان “هجمات سلاسل الإمداد”، الذي ينظمه المركز الوطني للأمن السيبراني تحت رعاية كريمة من سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة مستشار الأمن الوطني، قائد الحرس الملكي، الأمين العام لمجلس الدفاع الأعلى، والذي انطلق يوم الثلاثاء 26 أغسطس الجاري، ويمتد حتى يوم الأحد المقبل 31 أغسطس، وهي فعالية تعد خطوة نوعية في مسيرة تعزيز الجاهزية الوطنية لمواجهة التحديات والتهديدات الرقمية المعقدة.

تأتي أهمية هذا التمرين من كونه جامعاً لمختلف الجهات الحكومية والخاصة والقطاعات الحيوية في المملكة، حيث يشارك فيه أكثر من 560 متخصصاً من قطاعات الأمن والصحة والمصارف والمواصلات والاتصالات والطاقة والصناعة والتعليم، وهي مشاركة واسعة ومهمة تعكس الإدراك المتنامي لأهمية الأمن السيبراني، خط الدفاع الأول لحماية البنية التحتية الرقمية للمملكة.

إن هذا الحدث أكبر من كونه محاكاة نظرية، فهو يضم تمرينات عملية معتمدة دولياً في اختبار حقيقي لمستوى الجاهزية والتنسيق بين المؤسسات، وخطوة وطنية بالغة الأهمية لضمان استمرارية الخدمات الحيوية والثقة في المنظومة الرقمية، وهذا النوع والمستوى من التمارين يواكب أحدث الممارسات العالمية، ويفتح المجال لمزيد من التعاون بين القطاعين العام والخاص، بما يعزز استدامة منظومة الحماية الرقمية في المملكة، كما يأتي متسقاً مع ما حققته مملكة البحرين من تقدم بارز على الساحة الدولية، حيث حلّت ضمن المجموعة الأولى والأعلى عالمياً “الفئة الأولى نموذجاً رائداً” في مؤشر الأمن السيبراني العالمي GCI 2024 الصادر عن الاتحاد الدولي للاتصالات التابع للأمم المتحدة.

لقد نالت المملكة موقعها في هذا التصنيف المتقدم بعد حصولها على درجة تكاد تبلغ الكمال في أربعة من محاور المؤشر الخمسة، وهو ما يعكس التزاماً وطنياً راسخاً ببناء بيئة رقمية آمنة وفق أعلى المعايير الدولية، ولا شك أن هذا التقدم ما كان ليتحقق لولا الرؤية الاستراتيجية التي يقودها المركز الوطني للأمن السيبراني، جنباً إلى جنب مع الكفاءات البحرينية المتميزة من مديري تقنية المعلومات ومديري الأمن السيبراني وفرقهم في مختلف مؤسسات القطاعين العام والخاص. لقد أثبتت هذه الكوادر أنهم على مستوى عالٍ من الخبرة والاحترافية، ما جعلهم يتفوقون على أقرانهم في المنطقة، ويضعون البحرين في مصاف الدول الرائدة عالميًا في هذا المجال.

إن مملكة البحرين اليوم تُثبت للعالم أنها لا تكتفي بمجاراة التطورات التقنية فحسب، بل تسعى إلى قيادتها عبر استراتيجيات وطنية طموحة وممارسات متقدمة في حماية الفضاء السيبراني، وقد أثبت المركز الوطني للأمن السيبراني في البحرين بقياداته وبفريقه المتميز، أنه شريك محوري في ترسيخ ثقافة الأمن السيبراني وبناء القدرات الوطنية المتخصصة، بما يواكب أفضل الممارسات العالمية، هذه الجهود لا تحمي المؤسسات فحسب، بل تدعم ثقة المواطنين والمقيمين والمستثمرين والشركاء الدوليين بصلابة البيئة الرقمية في مملكة البحرين.

* مدير فرع شركة فورتي نت الأمريكية للأمن السيبراني في البحرين

شاركها.