أكد النائب محمد يوسف المعرفي أن مملكة البحرين تتبنى نهجاً حضارياً ثابتاً قائماً على ترسيخ دعائم دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية ، ومشيراً إلى أن هذا النهج متجذر في الالتزام باحترام حقوق الإنسان وصون حرياته الأساسية دون تمييز على أساس الجنس أو الأصل أو الدين أو المذهب ، وملفتاً إلى أن المملكة تعمل على ترسيخ القيم الإنسانية العليا التي تعزز تماسك المجتمع وتدعم استقراره، وتضع نصب عينيها تعزيز ثقافة التسامح والتعايش السلمي والسلام المجتمعي، من خلال نبذ كل أشكال الفرقة والانقسام وخطابات الكراهية الدينية أو العنصرية.
جاء ذلك في ختام مشاركة النائب المعرفي في أعمال المؤتمر البحريني الأوروبي الثالث حول حرية الدين والمعتقد، والذي ينعقد تحت عنوان محوري: “ضمان حرية الدين والمعتقد: ممارسة تعزيز التعايش” وذلك في مدينة بروكسل خلال الفترة 28/29 أكتوبر الجاري ، وذلك في إطار شراكة مملكة البحرين البناءة مع الاتحاد الأوروبي ، وأشار إلى أن هذا الاجتماع دليل وتأكيد على العلاقات المتنامية بين مملكة البحرين والاتحاد الأوروبي، والتزامنا المشترك بترسيخ أسس الحوار البنّاء والفهم المتبادل لحرية الأديان والمعتقدات.
ورأى النائب المعرفي أن الرؤية الحكيمة لسيدي حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه شكلت مرجعاً لمفاهيم التسامح وقبول الآخر، حيث يؤكد جلالته على أن “التسامح سبيل للنجاة”، وعلى “رفض مظاهر التعصب والكراهية ، وقد أثمرت هذه الرؤية عن جهود نوعية جعلت البحرين نموذجاً عالمياً
، ومنها استضافة ملتقى حوار الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني عام 2022، بمشاركة فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر وقداسة البابا فرنسيس ، وإطلاق وثيقة (إعلان مملكة البحرين) في عام 2017، وهي وثيقة عالمية تلتزم بتعزيز الحريات الدينية وقبول الآخر ، وتأسيس مركز الملك حمد العالمي للتعايش والتسامح في عام 2017، الذي أطلق وسام الملك حمد للتعايش السلمي وبرنامج “الملك حمد للإيمان في القيادة” بالتعاون مع جامعتي أوكسفورد وكامبريدج ، وكذلك تأسيس كرسي الملك حمد لتدريس الحوار والسلام في جامعة سابينزا بإيطاليا.
وأضاف أن عالمنا اليوم يواجه تحدياً وجودياً يتمثل في خطاب الكراهية والتطرف الذي يهدد السلم المجتمعي والدولي. لقد أصبح هذا الخطاب، للأسف، يتغذى وينتشر بسرعة فائقة عبر المنصات الاجتماعية ووسائل الإعلام الرقمي، مستغلاً سهولة الوصول وغياب الرقابة الأخلاقية في بعض الأحيان لزرع الفرقة والتعصب ، ومعتبراً أن مواجهة هذا الخطر تتطلب منا تبني رؤية حضارية شاملة، لا تكتفي بالإدانة، بل تعمل على بناء الحصانة المجتمعية.
ولفت المعرفي إلى أن دستور مملكة البحرين لعام 2022م ينص في المادة (18) على أن “الناس سواسية في الكرامة الإنسانية”، والمادة (22) تكفل “حرية الضمير المطلقة”.، كما أصدرت المملكة قانون العقوبات رقم 15 لسنة 1976م الذي يجرّم التحريض على الكراهية الدينية أو الطائفية، ويعاقب على الإساءة إلى الأديان أو الرموز الدينية.
ووصف المعرفي التجربة البحرينية بأنها تجربة حية تترجم هذا الالتزام، حيث كفلت المملكة حرية ممارسة الشعائر والاحتفالات العقائدية لمختلف الأديان والمذاهب، وهو ما يظهر جلياً في إحصائية دور العبادة لدينا التي تشمل المساجد، المآتم، و15 كنيسة، وكنيسة لليهود، و5 دور عبادة لغير الديانات السماوية ، وقال إن تتويج هذه الجهود الوطنية جاء باعتماد
الجمعية العامة للأمم المتحدة مبادرة مملكة البحرين بتخصيص يوم 28 يناير يومًا دوليًا للتعايش والتسامح.
وأردف أن السلطة التشريعية تضطلع بدورها الوطني المسؤول ، من خلال سن التشريعات والقوانين التي تعزز الوحدة الوطنية ونبذ التمييز العنصري ، وتفعيل آليات الدبلوماسية البرلمانية لتبادل الخبرات الدولية في هذا المجال ، وأضاف أن التجربة البحرينية في إدارة التنوع الديني والمجتمعي، ونجاح سياساتها الفاعلة في بناء مجتمع متماسك يعزز قيم الانفتاح والتعددية ، هو دليل قاطع على أن أفضل سلاح لمواجهة خطاب الكراهية هو تكريس ثقافة التنوع والوحدة وقبول الآخر ، ودعا إلى العمل معاً على وضع خارطة طريق أوروبية بحرينية مشتركة، لضمان استمرار ممارسة حرية الدين والمعتقد كأداة لتعزيز التعايش الإنساني.
