أكد د. علي بن ماجد النعيمي عضو مجلس النواب أن السياسة العقابية في مملكة البحرين قائمة على مبدأ الإصلاح والتأهيل لا على المغالاة في العقوبة، مشددًا على أن رفع الغرامات إلى مستويات مبالغ فيها لا يتسق مع التوجه التشريعي الوطني ولا مع العدالة الاجتماعية التي تقوم عليها الدولة.
وأوضح د. النعيمي، خلال مناقشة مشروع قانون بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم (14) لسنة 1973 بشأن تنظيم الإعلانات، المرافق للمرسوم رقم (8) لسنة 2025، أن العقوبات الواردة في المادة (16) من المشروع تتضمن مبالغ مالية مرتفعة لا تتناسب مع طبيعة الفعل المرتكب، إذ نصت على غرامة لا تقل عن ألف دينار ولا تزيد على عشرين ألف دينار، في حين أن النص القائم منذ عام 1973 حدد الحد الأقصى للغرامة بـ(100) دينار فقط.
وتساءل عن الأساس القانوني والمعيار التشريعي الذي استُند إليه في تقدير هذه العقوبة، معتبرًا أن الفارق الشاسع بين الحدين الأدنى والأعلى يثير تساؤلات جوهرية حول عدالة النص وتوازنه، كما أنه يصطدم بعدة مبادئ قانونية ودستورية من أهمها مبدأ الشرعية الذي نص عليه دستور مملكة البحرين في المادة (20 أ، ب)، والذي يقر بأنه لا جريمة ولا عقوبة.
وأشار إلى أن الفعل المخالف المنصوص عليه لا يتناسب بأي حال من الأحوال مع حجم العقوبة المقترحة، وأن الفارق بين ألف وعشرين ألف دينار يُعد واسعًا جدًا ويُحدث تفاوتًا كبيرًا في الأحكام بين القضايا المتشابهة.
وأضاف د. النعيمي أن السياسة العقابية في البحرين خلال السنوات الماضية قامت على رؤية إصلاحية واضحة تجلّت في العديد من القوانين التي أقرها المجلس النيايي، والتي هدفت إلى تأهيل المخالفين وتقويم السلوك، لا إلى إثقال كاهل المواطنين بالعقوبات الباهظة، وأشار إلى أن العقوبة ليست غاية بحد ذاتها بل وسيلة لتحقيق العدالة والإصلاح في آن واحد.
وبيّن أن النص المقترح في المادة (16) يخالف هذا النهج الإصلاحي ويبتعد عن مبدأ التناسب، مشيرًا إلى أن السياسة العقابية الحديثة في البحرين تهدف إلى الحفاظ على التوازن بين حماية المصلحة العامة وعدم الإضرار بالمواطن أو المصلحة الخاصة.
ودعا إلى سحب التقرير وإعادة دراسته من جديد وطلب مرئيات تفصيلية حول المادة (16) تحديدًا، مع التأكيد على أهمية تعديل مقدار الغرامة بما يتناسب مع جسامة الفعل وضمن معايير قانونية دقيقة.
وختم د. النعيمي مداخلته بالتأكيد على أن المشرّع البحريني مطالب دائمًا بتحقيق التوازن بين الردع والملائمة، وبين صون هيبة القانون وضمان عدالة العقوبة، مشيرًا إلى أن التشريعات الحديثة يجب أن تراعي الواقع الاجتماعي والاقتصادي للمواطن، وتستند إلى معايير منضبطة تحقق العدالة وتُسهم في استقرار المنظومة القانونية في المملكة.