يُعَدّ اليوم الوطني السعودي مناسبةً وطنيةً عظيمة يستحضر فيها أبناء المملكة العربية السعودية، مسيرة التوحيد التي قادها المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود «رحمه الله «عندما وحّد أرجاء الوطن تحت راية واحدة (لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله)، معلناً بذلك قيام المملكة العربية السعودية عام 1351هـ1932م. وهذه الذكرى ليست مجرد حدث سياسي فحسب، بل هي نقطة تحوّل في التاريخ، حيث أسست لدولة قوية راسخة الأركان ذات حضور فاعل في محيطها الخليجي والعربي والإسلامي.

ومنذ فجر التأسيس، لم تكن المملكة العربية السعودية بمعزل عن جوارها الخليجي، بل ارتبطت بروابط الدم والمصير مع شقيقاتها في مجلس التعاون الخليجي، وفي مقدّمتهن مملكة البحرين، حيث شكّلت (العلاقات السعودية البحرينية) نموذجاً متيناً للتآخي والتلاحم والقوة، حيث ترتبط المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين بروابط تاريخية قوية وعميقة تعود جذورها إلى ما قبل قيام الدولة السعودية الثالثة. فقد شكّلت وحدة الدين واللغة والعادات الاجتماعية جسراً متيناً للتواصل بين الشعبين، بينما عزّزت العلاقات الأسرية والقبلية وشائج القربى بين أبناء المملكتين. وبعد إعلان توحيد المملكة العربية السعودية، وجدت مملكة البحرين في هذا الكيان السعودي قوةً كبرى في الجزيرة العربية، وسنداً استراتيجياً يشاركها التطلعات ذاتها. وقد شهدت العقود اللاحقة تعاوناً سياسياً واقتصادياً وأمنياً وثيقاً، انعكس في المواقف المشتركة بالمنظمات الإقليمية والدولية، ولطالما مثّلت المملكة العربية السعودية بالنسبة للبحرين عمقاً استراتيجياً وحضارياً. فعند التحديات السياسية والأمنية، كانت المملكة العربية السعودية تقف إلى جانب مملكة البحرين، وهو ما تجلّى بوضوح في مواقفها الداعمة لاستقرارها وسيادتها. وعلى الجانب الآخر، كانت مملكة البحرين حاضرة دائماً إلى جانب شقيقتها المملكة العربية السعودية، بما يرسّخ مفهوم أن البلدين لا يفترقان أبداً في السراء والضراء.

فلم تقتصر العلاقة بين البلدين على الجانب السياسي، بل امتدت إلى مجالات الاقتصاد والثقافة والتعليم. ويُعدّ جسر الملك فهد «رحمه الله» الذي افتُتح عام 1986، رمزاً حياً لقوة هذه الروابط، إذ اختصر المسافات، وجعل التواصل بين البلدين الاجتماعي والاقتصادي أكثر سهولة، معززاً بذلك العلاقات الاجتماعية والتجارية والسياحية بينهم

فحين يحتفل السعوديون بيومهم الوطني، فإن البحرينيين يشاركونهم الفرحة بروح صادقة، فهم يعتبرونها مناسبتهم أيضاً. وهذا الترابط يعكس عمق الروابط ووحدة المصير، حيث أصبح اليوم الوطني السعودي مناسبةً خليجية تُذكّر الجميع أن وحدة الصف والتكاتف هما أساس قوة المنطقة، إن اليوم الوطني السعودي ليس فقط مناسبة للاعتزاز بمسيرة التوحيد وبناء الدولة، بل هو أيضاً محطة لتجديد العهد على استمرار نهج الوحدة في الداخل والخارج، وتعزيز أواصر الأخوة مع الأشقاء، وفي مقدمتهم مملكة البحرين. فكما وحّد الملك المؤسس الملك عبدالعزيز «رحمه الله» أرجاء المملكة العربية السعودية تحت راية واحدة، فإن المملكة اليوم توحّد المواقف والجهود مع أشقائها الخليجيين لتبقى المنطقة آمنة مزدهرة، وليظل التلاحم السعودي البحريني مثالاً يُحتذى به في العلاقات الدولية.

* الأمين العام للجمعية التاريخية السعودية

شاركها.