بعد 34 سنة.. خليجي يفاجأ باتصال من شخص يبلغه أنه ابنه
قصة من واقع الدراما تنتهي بعد صراع قضائي استمر 5 سنوات
قصة من واقع المسلسلات الدرامية لرجل من عائلة كبيرة في دولة خليجية يأتيه شاب ليبلغه بأنه ابنه من زواج قبل 34 عاماً، ونسج لقصة غير واقعية، استغرقت 5 سنوات في المحاكم وأصدرت فيها محكمة التمييز حكمين وقرارين إجرائيين فيما يعد حدثاً فريداً من نوعه، ولتسدل الستار بنفي نسب هذا الشاب إلى الرجل الخليجي.
وتسرد المحامية الشيخة سلوى آل خليفة وقائع الدعوى حيث تفاجأ خليجي بشاب عمره 34 عاماً يتصل به ويبلغه بأنه ابنه من زوجته السابقة التي تقيم في البحرين، وذلك على الرغم من عدم معرفته لهذه السيدة ولا ابنها، الذي سرد له قصة زواجه من أمه في عام 1984 وأنها لم تتسلم وثيقة زواجها التي تدعيه، إلا أنها أنجبت، وأبقت هذا الطفل مخفياً حتى ظهر في عام 2019، ويقول إن والدته قد تمكنت من استخراج وثيقة طلاق «بدل فاقد» دون وجود مسح ضوئي لتلك الوثيقة وذلك في عام 2019، واستطاعت أن تحصل على إثبات نسب للشاب من هذا الخليجي. وتقدمت المحامية الشيخة سلوى آل خليفة بالتعاون مع مكتب التميمي للمحاماة، بدعوى أمام المحكمة الشرعية وطلبت نفي نسب هذا الشاب لموكلها الخليجي ودفعت بتزوير وثيقة الطلاق، بينما قدمت السيدة دعوى متقابلة لإثبات نسب الشاب، فحكمت محكمة أول درجة برفض دعوى الخليجي وإثبات نسب الشاب إليه، فطعن المدعي على الحكم بالاستئناف إلا أن المحكمة أيدت حكم أول درجة. وطعنت وكيلة الخليجي على الحكم بالتمييز وقالت إن المحكمة أخلت بحق الطاعن حيث لم تقم البينة على قيام الزوجية، كما أن بدل فاقد وثيقة الطلاق قد تمسك بالطعن عليها بالتزوير، وأن قيد الميلاد ليس حجة عليه في هذا الشأن لأنه لم يكن مقدمه، حيث قبلت المحكمة الطعن وقالت إن إثبات النسب بحسب قانون الأسرة يثبت بإحدى الطرق الآتية: عقد الزواج الصحيح أو الوطء بشبهة، والإقرار بشروطه المعتبرة شرطاً، والبينة الشرعية.
وأكدت محكمة التمييز أن شهادة الميلاد ليست حجة في إثبات نسب الطفل فيها إلى شخص معين، ما لم يقر الأخير بصحة تلك البيانات المدونة بها، وقد خلت الأوراق من عقد زواج ولم تقم البينة على وجوده، وقالت إن الطاعن تمسك بتزوير بدل فاقد وثيقة الطلاق، وقدم مذكرة بشواهد التزوير، وهو دفاع جوهري إن صح فقد يغير وجهة النظر في الدعوى، وقضت المحكمة بنقض الحكم وإعادته للمحكمة التي أصدرته للحكم فيه من جديد.
وتقدمت وكيلة الخليجي بشكوى أمام النيابة العامة وطلبت التحقيق في واقعة التزوير إلا أن النيابة أصدرت قرارها بألا وجه لإقامة الدعوى لعدم كفاية الأدلة، وقضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف تأسيساً على قرار النيابة العامة.
لكن الخليجي لم ييأس في إنصاف المحاكم لقضيته خاصة وأنه من عائلة كبيرة، فلجأ مرة أخرى لمحكمة التمييز، ودفعت الشيخة سلوى بأن قرار النيابة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم كفاية الأدلة، لا يدل على صحة المحرر محل الطعن ولا يحوز الحجية أمام المحكمة الشرعية، وهو ما ذكرته محكمة التمييز في حكمها بأن الأوامر والقرارات التي تصدر من سلطات التحقيق لا تفصل في موضوع الدعوى الجنائية، وإنما تفصل في مدى صلاحية الدعوى لإحالتها للمحكمة المختصة للفصل فيها، ومن ثم لا تكتسب هذه القرارات أية حجية أمام المحكمة الشرعية، ويكون لها أن تقضي بتوافر الدليل على خلاف الأمر الصادر من سلطة التحقيق. وقضت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم وحددت جلسة لنظر الاستئناف، حيث نظرت محكمة التمييز القضية للمرة الرابعة لتصدر حكماً برد وبطلان وثيقة «بدل فاقد» وثيقة الطلاق وأحالت الاستئناف للتحقيق لتثبت المستأنف ضدها بطرق الإثبات المقررة شرعاً وقانوناً أنها كانت زوجة الطاعن، ويعد هذا الحكم فريداً من نوعه بأن تنظر محكمة التمييز موضوع الطعن وتحقق فيه. وفي آخر سلسلة محاكم التمييز، استمعت المحكمة لشهود السيدة وهي شقيقتها وزوجها الحالي حيث شهدت الأولى بأن المستأنف تزوج بشقيقتها في بلده وأنها شاهدته مرة واحدة في البحرين، كما شهد الثاني بأنه علم منها بزواجها الأول وبأنها أنجبت منه ولدها، بينما قدمت الشيخة سلوى كتاباً موثقاً من قسم خدمات الأحوال الشخصية بمحاكم الدولة الخليجية المنتمي إليها الطاعن، يثبت أنه لا وجود لعقد زواج بين موكلها والمدعية.
وفي نهاية المسار الذي استمر من عام 2018 وحتى العام الجاري، أسدلت محكمة التمييز الستار على القضية برفض إثبات نسب الشاب للخليجي، وقالت في حيثيات الحكم إن البيانات الواردة بقيد الميلاد باعتبارها من إملاء صاحب القيد لا تصلح بمجردها لثبوت النسب وإن كانت تعد قرينة يمكن دحضها وإقامة الدليل على عكسها، وقد ثبت للمحكمة أن من أبلغ عن واقعة ميلاد المستأنف ضده الثاني ونسبه للمستأنف هي المستأنف ضدها الأولى «الأم» وهو ما أنكره المستأنف.
وأضافت المحكمة قائلة إنها تطمئن إلى المستندات الرسمية المقدمة من المستأنف الصادرة من محاكم دولته والتي تتضمن عدم وجود وثائق رسمية لهذا الزواج أو طلاقه لها، وهي تدحض ادعاء الأخيرة وأقوال شهودها الذين لا تطمئن المحكمة لأقوالهم.