سيد حسين القصاب _ تصوير سهيل وزير

ذكر وزير الداخلية الأمريكي والمسؤول عن الموارد الطبيعية والأراضي العامة، دوغ بيرغام خلال رده على سؤال لـ«الوطن»، أن استراتيجية واشنطن تقوم على «السلام في الخارج والازدهار في الداخل» عبر الدبلوماسية في مجال الطاقة.

وأضاف أن البحرين تبدي اهتماماً كبيراً بتطوير مصادر طاقة متنوعة، مؤكّداً استعداد الولايات المتحدة لتكون شريكاً في مجالات الاستيراد والتعاون التقني والتصدير.

وأوضح أن الذكاء الاصطناعي أصبح جزءاً لا يتجزأ من سياسات الطاقة، لأن قدرات الذكاء الاصطناعي تعتمد كلياً على وفرة الكهرباء، مشيراً إلى أن الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي ستتجه نحو الدول التي توفر كهرباء رخيصة، مضيفاً أن الولايات المتحدة تسعى لضمان وفرة الطاقة لديها ولدى حلفائها لجذب رؤوس الأموال وإنشاء مراكز بيانات أو كما وصفها «مصانع الذكاء الاصطناعي».

وأشار إلى أن هناك جانبين ينبغي التفريق بينهما، أحدهما يتعلق بالاتفاق، والآخر بموقف الإدارة الأمريكية من مصادر الطاقة المتجددة.

وأوضح أن إدارة الرئيس ترامب تدعم جميع مصادر الطاقة التي تتسم بالموثوقية والأسعار المعقولة، ولا تعتمد على دعم مالي ضخم، قائلاً: «نحن نعارض مصادر الطاقة غير المستقرة والمتقطعة التي تزعزع استقرار شبكة الكهرباء، وتتطلب إعانات مالية كبيرة».

وأشار إلى أن القوانين الجديدة في الكونغرس ألغت الإعانات التي كانت تُمنح لمشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ما أدى إلى تراجع هذا النوع من المشاريع لعدم قدرتها على الاستمرار دون الدعم الحكومي، مؤكداً أن تكلفة تلك المشاريع لم تكن فقط في إنتاج الكهرباء، بل أيضاً في نقلها لمسافات طويلة قد تصل إلى آلاف الأميال، وهو ما تحمّله المستهلكون في نهاية المطاف.

وأضاف الوزير أن الولايات المتحدة تحتاج إلى المزيد من الكهرباء، قائلاً: «نحن في مرحلة إضافة للطاقة، وليس انتقالاً للطاقة، ونريد أن تكون هذه الطاقة موثوقة وميسّرة التكلفة».

ونوه بأن ذلك يأتي في سياق سباق عالمي متسارع في مجال الذكاء الاصطناعي، خصوصاً مع الصين، ما يجعل الحاجة إلى الطاقة أكثر إلحاحاً.

وأوضح بيرغام أن الإدارة الأمريكية لم تعد تستخدم مصطلح الطاقة المتجددة؛ لأنها تفضل التركيز على الطاقة المائية والحرارية الأرضية والطاقة النووية، باعتبارها تقنيات خالية من الكربون وذات جدوى عملية عالية، مضيفاً أن الجدال حول كون مصدر طاقة ما أفضل من الآخر هو «خلاف أيديولوجي»، بينما تركز الإدارة على أن تكون الطاقة «موثوقة وميسّرة التكلفة لما فيه مصلحة الكوكب بأسره».

وفيما يتعلق بالطاقة النووية الصغيرة، قال بيرغام إن «التكنولوجيا الخاصة بالمفاعلات النووية الصغيرة المعيارية SMR شهدت دفعة كبيرة بعد قرارات الرئيس ترامب التنفيذية الأربع التي أزالت القيود التنظيمية التي كانت تخنق هذا القطاع في السابق»، مشيراً إلى أن الابتكار عاد للنمو، وأن هناك أكثر من 11 نموذجاً أولياً لمفاعلات نووية صغيرة تتنافس فيما بينها داخل الولايات المتحدة باستخدام وقود وأساليب مختلفة، ما يعزز الابتكار، ويخفض التكاليف من خلال المنافسة.

وأوضح أن هذه المفاعلات ليست تجربة جديدة، بل إن الولايات المتحدة تمتلك خبرة واسعة في تشغيلها، إذ إن كل غواصة وسفينة حربية أمريكية تعمل فعلياً بمفاعل نووي صغير. وأضاف أن هذه المفاعلات يمكن أن تُستخدم مستقبلاً لتزويد القواعد العسكرية بالكهرباء، بل وحتى تغذية الشبكات المحلية بالطاقة عند توقفها في الموانئ.

وأكد بيرغام أن الاتفاق الإطاري الأخير سيفتح آفاقاً جديدة لمزيد من الابتكار في هذا المجال، مشيراً إلى أن بعض النماذج الجديدة من المفاعلات الصغيرة قادرة على استخدام الوقود المستنفد من المفاعلات القديمة، ما يسهم في حل جزء من مشكلة سلسلة الإمدادات.

وأضاف أن الولايات المتحدة تعمل على تأمين سلاسل التوريد الخاصة بالوقود النووي والمواد الحيوية، خاصة في ظل استمرار بعض الواردات من روسيا، مشدداً على ضرورة بناء منظومة توريد آمنة للولايات المتحدة وحلفائها.

وفي معرض رده على سؤال حول التعاون الدولي في تأمين إمدادات الطاقة العالمية، قال بيرغام إن الأمن الطاقي لا يمكن فصله عن المعادن النادرة، لا سيما بعد فرض الصين قيوداً على تصديرها مؤخراً، حيث تسيطر على ما بين 85 و100% من عمليات معالجة أهم 20 معدناً نادراً في العالم.

وأشار بيرغام إلى أن الصين قررت تأجيل تنفيذ هذه القيود لمدة عام، مؤكداً أن الولايات المتحدة تعمل على إنشاء سلاسل توريد آمنة بالتعاون مع شركائها في أستراليا وتايلند وكوريا واليابان وماليزيا، داعياً دول الخليج للانضمام إلى هذا التعاون لما تملكه من موارد ومعادن استراتيجية.

وفي ختام حديثه، ربط بيرغام بين أمن الطاقة والأمن القومي الأمريكي في ظل التحديات الراهنة مع روسيا، مؤكداً أن إدارة ترامب تسعى لتحقيق السلام وإنهاء الحروب، موضحاً أن الحرب في أوكرانيا تُمَوَّل من مبيعات النفط الروسي، كما أن تمويل العديد من الجماعات الإرهابية في المنطقة كان مصدره مبيعات النفط الإيراني.

وشدد على أن «الأمن القومي بالأمن الطاقي»، وأن سياسة الرئيس ترامب تهدف إلى تحقيق فائض في إنتاج الطاقة لتمكين الولايات المتحدة من تزويد أصدقائها وحلفائها بها، كي لا يضطروا للشراء من خصومها.

وأضاف أن وفرة الطاقة العالمية ستعزز الازدهار في العالم وتوفر الكهرباء لما يقارب 800 مليون إنسان لا يملكونها بعد، مشيراً إلى أن «الدبلوماسية الطاقية تقود إلى أسعار منخفضة للطاقة، وازدهار اقتصادي، وحرمان الجماعات العدائية من مصادر تمويلها».

شاركها.