أيمن شكل

  • السجائر الإلكترونية وأكياس النيكوتين والتبغ المسخن وسائل جديدة تحمل مخاطر عالية
  • طرق جديدة لتعاطي المخدرات عبر الفيب تهدد المراهقين بالأمراض القاتلة
  • زيوت مخدرة مجهولة المصدر داخل الفيب تسبب تسمماً قلبياً وفشلاً كلوياً
  • تحذير من تسويق الفيب كبديل آمن للسجائر التقليدية في البحرين

سجائر إلكترونية، أكياس نيكوتين، تبغ مسخن، و«فيب» بمخدرات، كل هذا غيض من فيض أخطار بدائل التبغ، حيث نشهد تسارع سباقٍ لا ينتهي بين التشريعات والتطور المتسارع في وسائل ومنتجات التدخين، لتتسلل مخاطر جديدة من نوافذ لم تكن في الحسبان. فعلى الرغم من نجاح القرارات التي منعت التدخين في الأماكن المغلقة، إلا أن الباب انفتح أمام وسائل بديلة لا تقل خطورة، بل تتجاوزها أحياناً في ضررها وتأثيرها، مثل السجائر الإلكترونية وأكياس النيكوتين والتبغ المسخن.

اليوم، لم يعد الفيب مجرد أداة «بديلة» للتدخين التقليدي، بل تحوّل لدى البعض إلى وسيلة أخطر، حين تُخلط سوائله بمواد مخدرة، لتتضاعف مخاطر الإدمان، وتصبح مقامرة مميتة بحياة الشباب، في وقت أساليب جديدة لتعاطي المخدرات عبر الفيب تهدد المراهقين بأمراض قاتلة، من التسمم القلبي إلى الفشل الكلوي، خاصةً مع استخدام زيوت مجهولة المصدر.

في المقابل، يتمسك المجتمع البحريني بدينه وعاداته كحاجز أول يحمي الشباب من الانزلاق في هذا الطريق المظلم، بينما يواصل المشرّع جهوده لقطع الطريق أمام هذه الآفة بسن مشروع قانون جديد لحظر الشيشة والسجائر الإلكترونية وحماية الأطفال والمراهقين من التسويق المضلل الذي يروج لها كبديل «آمن»، حيث يدور الحديث عن مشروعٌ نيابيٌ يستلهم تجارب دول رائدة مثل كندا والهند وسنغافورة، ويهدف إلى كبح انتشار المخدرات عبر الفيب الذي يدفع البعض إلى هاوية الجريمة بحثاً عن المال، في دوامة إدمان قد لا تنتهي إلا بمأساة.

لقد ظلت السجائر الكلاسيكية لعقود عصية على المنافسة، رغم نواقيس الخطر التي تدق يومياً بشأن أضرارها على الصحة العامة، إلى أن بدأت تظهر أدوات جديدة تساير عصر التكنولوجيا لتأخذ شريحة من هذا السوق الضخم، فظهرت السجائر الإلكترونية والتبغ المسخن وأخيراً أكياس النيكوتين، ويبقى الضرر الصحي هو الخيط الرفيع الذي يربط بين هذه المنتجات كافة.

وبينما تحاول البحرين جاهدة الحد من أضرارها بأدوات متنوعة من أبرزها قرارات منع الاستيراد وفرض الضرائب والرسوم المرتفعة ومنع الإعلان عنها، إلا أنها تواصل الانتشار بقوة، لتخطف قلوب وعقول الشباب، بل وصلت إلى الأطفال؛ لأن بعضها لا يترك أثراً مثل السجائر الكلاسيكية، وكل ذلك يأتي في ظل تحولات سريعة في أنماط الاستهلاك، مستغلة ثغرات تسويقية ورقابية، ومتسترة وراء دعايات مضللة عن «أضرار أقل».

السجائر الإلكترونية، وأكياس النيكوتين، ومنتجات التبغ المسخن، لم تعد مجرد بدائل هامشية، بل تحولت إلى ظاهرة تهدد الصحة العامة، وسط تساؤلات حول حجم انتشارها الحقيقي، وفعالية الإجراءات الرامية لاحتواء خطرها.

وسائل الإدمان الجديدة تواصل التقدم

قبل سنوات ظهرت السجائر الإلكترونية (Vape) تحت لافتة عريضة بأنها «صحية أكثر من السجائر العادية» وباتت اليوم الأكثر انتشاراً ووضوحاً بين أيدي الشباب وحتى البنات دون أي خجل أو مواراة أو محاولة لإخفائها، فهي قطعة صغيرة يمكن حتى أن تختفي بين الأصابع عند الاستخدام، وبعضها لا يخرج دخاناً، وإن خرج منها دخان فهو لا يعامل معاملة دخان السجائر العادية في الأماكن المغلقة.

وللتعرف على هذه الأجهزة، فهي عبارة عن علبة بلاستيكية تعمل ببطارية تسخن سائلاً بداخلها (Eliquid أو Ejuice) يحتوي على النيكوتين (غالباً بتركيزات عالية)، ونكهات جذابة، ومواد كيميائية أخرى، وتكون عادة قابلة لإعادة الملء (Vape Mods) وذات تصميم عصري يشبه الـ (Pods)، وتتنوع أشكالها لتجذب مزيدًا من المدخنين القدامى أو الجدد، كما أن جاذبيتها تكمن في النكهات (فواكه، حلوى، مشروبات) والدخان الكثيف والتقنية.

مكان مخصص للتدخين

ويقول أحد المدخنين للسجائر الإلكترونية الذي يضعها على صدره وكأنها قلادة بخيط، إنها أصبحت بديلاً عملياً لعلب السجائر العادية، حيث تعتبر موفرة للمال بعد ارتفاع أسعار السجائر، وندرتها في بعض الأنواع، وتتميز بكونها قريبة جداً للمستهلك، فليس عليه سوى أن يمسكها ويبدأ في التدخين دون الحاجة لقداحة والبحث عن مكان مخصص للتدخين، لأنها لا تترك أثراً ولا ضرراً لمن حوله من الزملاء، فيستطيع استخدامها أثناء العمل دون حرج.

أكياس النيكوتين بديل «السويكة»

ثم ظهرت بعد ذلك أكياس النيكوتين (Nicotine Pouches) وهي منتج مطور لأنواع التبغ الذي يستخدمه الآسيويون بكثرة تحت مسمى «السويكة» ويتم تداوله فيما بينهم بكثرة رغم منعه من قبل الدولة، فكانوا يستخدمونه مباشرة بتسكين التبغ في منطقة بالفم لفترة تتيح له ترك الأثر المرغوب، لكن من أبرز مشكلاته هو تركه أثراً على الأسنان واللثة بالإضافة إلى الضرر الصحي الخاص بالنيكوتين، وأثر آخر متمثل في كثرة البصق على الطرقات وهو ما يترك انطباعات سيئة لدى الناس من مستخدميه.

ثم ظهرت أكياس تُباع وتحتوي النيكوتين حتى تحافظ على اللثة، ولا تحتاج للبصق في الطرقات، كما أنها لا تحتوي على تبغ، بل على نيكوتين مصنع، وسواغات، ونكهات، وتوضع بين الشفة واللثة لامتصاص النيكوتين، وبدأ التسويق لها كبديل «أنيق» و«غير مرئي» و«خالٍ من الرائحة»، مما يجذب الشباب خصوصاً في الأماكن التي يُمنع فيها التدخين.

سوق سوداء والأسعار × 3

ويمدح أحد مستخدمي هذه الوسيلة فيها قائلاً إنها أفضل من السجائر لأنها لا تنتج قطراناً أو دخاناً مضراً بالصحة، مشيراً إلى أن دولاً مثل السويد والدول الإسكندنافية تسمح بها، وقد استطاعت أن تخفض نسبة المدخنين للسجائر العادية إلى 10%.

لكن هذا المستخدم يشتكي من منع دخولها إلى البحرين، بينما تتوفر في دول خليجية أخرى ومسموح باستخدامها، حيث لا يُسمح ببيعها بعد تجاوز الدائرة الجمركية، مما تسبب في نشأة سوق سوداء حيث تُباع بثلاثة أضعاف سعرها داخل المطار حيث سعرها الطبيعي ديناران فقط، بينما تُباع في السوق السوداء بـ 6 دنانير.

التبغ المسخن IQOS

منتج التبغ المسخن، كما نعرفه اليوم بتقنيته المتطورة وقبوله التجاري الواسع، هو نتاج استثمار ضخم وبحث وتطوير مكثف قادته شركة فيليب موريس على مدى سنوات طويلة، وبدأت الفكرة بمحاولات مبكرة في ستينيات وسبعينيات القرن العشرين، لكن الانطلاقة الحقيقية والنجاح التجاري الساحق تحقق مع إطلاق نظام IQOS الذي يستند إلى تكنولوجيا التسخين في محاولة للترويج لمفهوم التدخين «الخالي من الدخان».

وتدفع الأجهزة الخاصة بتلك التقنية «تبغاً معالجاً» لدرجة حرارة عالية دون احتراق، على زعم إنتاج «هباء جوي» أقل ضرراً من دخان السجائر (ادعاء مثير للجدل علمياً)، تسوقها شركات التبغ الكبرى.

حجم السوق في البحرين

وبحسب آخر إحصائية منشورة للواردات، فإن السجائر التقليدية تمثل 96.7% من إجمالي قيمة الواردات حيث بلغت في يناير الماضي فقط 3.7 مليون دينار، لاستيراد 4.5 مليون علبة وهو ما يعكس استمرار الطلب المرتفع على السجائر التقليدية.

وأظهرت النتائج أن واردات النيكوتين في يناير 2025 قد بلغت 1.25 مليون دينار، حيث تم استيراد (950 كغم)، مع الملاحظة أن هذا المنتج يُستخدم في صناعة السوائل الإلكترونية أو أكياس النيكوتين، وجاءت واردات السجائر الإلكترونية في المرتبة الأقل بإجمالي 380 ألف دينار، لكنها تؤكد وجود سوق نشط.

170 ألف دينار أرباح شريك في مؤسسة فيب

من جانب آخر رصدت «الوطن» دعوى مدنية تمثل نزاعاً بين شريكين في مؤسسة لبيع «الفيب» على مبلغ 170 ألف دينار، قال أحد المتنازعين إن هذا المبلغ هو عبارة عن أرباح شريكه في مؤسسة لبيع «الفيب»، ومن هذا الحكم يمكن تصور حجم السوق الكبيرة لهذه المنتجات.

الأبحاث العلمية تنسف فكرة «الضرر الأقل»

وأكدت أبحاث طبية عالمية الأثر الخطير للسجائر بأنواعها على الجهاز التنفسي، مثل تهيج الرئتين، التهاب القصبات، زيادة أعراض الربو، وبرز مؤخراً مرض رئوي غامض بالتبخير (EVALI) سُجلت حالات منه عالمياً.

ولا يقتصر الأمر على الجهاز التنفسي فقط، حيث ترتبط آفة التدخين ارتباطاً مباشراً بأمراض القلب والأوعية الدموية وارتفاع ضغط الدم، تسارع ضربات القلب، زيادة خطر الجلطات والنوبات القلبية.

كما لها تأثير على الدماغ لأن النيكوتين مادة شديدة الإدمان، ويعطل نمو الدماغ لدى المراهقين والشباب (حتى منتصف العشرينات)، مما يؤثر على التعلم، الانتباه، التحكم في الاندفاع، ويزيد خطر اضطرابات المزاج.

وتؤكد أبحاث علمية أيضاً على احتواء أبخرة السجائر الإلكترونية ومواد التبغ المسخن على مواد كيميائية مسرطنة معروفة مثل الفورمالديهايد والأكرولين، وإن كانت بكميات قد تختلف عن السجائر التقليدية.

وكشفت دراسة أجراها باحثون في السعودية عام 2023 عن وجود معادن ثقيلة (كالكادميوم، الرصاص، النيكل) في سوائل وأبخرة عينات شائعة من السجائر الإلكترونية تُباع في السوق الخليجية، بمستويات تتجاوز الحدود المسموح بها في بعض الأحيان، مما يزيد المخاطر الصحية طويلة الأمد.

وضمن سياق التوعية فقد أصدرت وزارة الصحة نشرتها الإلكترونية في مايو 2022، عن أضرار التدخين، مشيرة إلى أنه يقضي على حياة أكثر من 8 ملايين فرد سنوياً في العالم على الأقل وفقاً لإحصائيات منظمة الصحة العالمية.

وقالت إن المواد الكيميائية الضارة في دخان السجائر يمكن أن تلحق الضرر بكل عضو في الجسم تقريباً، فالتدخين يؤثر على الجهاز الدوري والتنفسي للإنسان، كما يؤثر على الجهاز التناسلي والحياة الزوجية، حيث يتعرض المدخنون لمزيج سام من أكثر من 7000 مادة كيميائية عندما يستنشقون دخان السجائر، منها 69 مادة معروفة بأنها مسببة للسرطان، بينما يتعرض غير المدخنين للعديد من هذه المواد الكيميائية عبر (التدخين السلبي) وذلك عند استنشاقهم لدخان السجائر بطريقة غير مباشرة.

الإطار القانوني في البحرين

تتخذ البحرين خطوات لمكافحة هذه الظاهرة كان آخرها القراران الصادران يوم الأحد الموافق 3 أغسطس 2025، حيث أصدر وزير الصناعة والتجارة القرار رقم (55) لسنة 2025 بتفويض وزارة الصحة بمراقبة تطبيق أحكام اللائحة الفنية الخاصة بمنتجات التبغ الإلكترونية (نظائر منتجات التبغ التقليدية)، وذلك لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ العمل بالقرار.

ويأتي القرار بعد الاطلاع على القوانين واللوائح ذات الصلة، بما في ذلك القانون رقم (9) لسنة 2016 بشأن المواصفات والمقاييس المعدل بالقانون رقم (27) لسنة 2025، والقرارات السابقة المتعلقة باعتماد هذه اللائحة وتفويض وزارة الصحة بمتابعتها، وبعد التنسيق مع الوزارة المختصة.

ونص القرار على أن يتولى وكيل الوزارة والجهات المعنية تنفيذ أحكامه، على أن يُعمل به اعتباراً من اليوم التالي لتاريخ نشره في الجريدة الرسمية.

كما أصدر الوزير قراراً آخر في نفس اليوم بحظر بيع منتجات أكياس النيكوتين أو تقديمها بدون مقابل لمن هم دون سن الثامنة عشرة.

واعتمد القرار اللائحة الفنية الوطنية الخاصة بمنتجات أكياس النيكوتين، وفوض وزارة الصحة بمراقبة تطبيق أحكام اللائحة الفنية الوطنية الخاصة بمنتجات أكياس النيكوتين، وذلك لمدة سنة تبدأ من تاريخ العمل بأحكام هذا القرار.

وأصدر الوزير قراراً آخر يفوض وزارة الصحة بمراقبة تطبيق أحكام اللائحة الفنية الخاصة بمنتجات النيكوتين الإلكترونية نظائر منتجات التبغ التقليدية، وذلك لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ العمل بهذا القرار.

تسلسل تاريخي للقوانين والقرارات

وتتبعًا لتاريخ التشريعات الخاصة بالسجائر رصدنا من العام 1999 التشريعات والقوانين والقرارات التالية:

1 قرار وزارة التجارة رقم (3) لسنة 1999 بأن تعتمد مواصفة قياسية وطنية، المواصفة القياسية الخليجية برقم 597 لسنة 1995 الخاصة بالسجائر، الصادرة عن هيئة المواصفات والمقاييس لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، المرافقة لهذا القرار، على أن تصبح نافذة اعتباراً من أول يناير سنة 2000م.

2 القانون رقم (8) لسنة 2008 بشأن مكافحة التدخين: وهو الأساس الذي يحظر بيع أي منتجات تبغ (يشمل ذلك تفسيرًا للبدائل الحديثة) لمن هم دون 18 سنة، والتدخين في الأماكن العامة المغلقة، والإعلان عن منتجات التبغ والترويج لها.

3 قرار رقم (38) لسنة 2013 بأن «يُحظر استيراد أو توزيع أو بيع السيجارة الإلكترونية في مملكة البحرين».

4 قرار رقم (2) لسنة 2022 بشأن مراحل تطبيق نظام العلامة المميزة على السلعة الانتقائية (السجائر) بأن «يُحظر حيازة أو تداول أو توريد أو بيع السلعة الانتقائية (السجائر) دون وضع علامة مميزة صالحة ومفعلة بدءاً من تاريخ 14 أغسطس 2022».

5 قرار رقم (3) لسنة 2022 بتعديل بعض أحكام القرار رقم (2) لسنة 2022 بشأن مراحل تطبيق نظام العلامة المميزة على السلعة الانتقائية (السجائر)، بأن «يُحظر حيازة أو تداول أو توريد أو بيع السلعة الانتقائية (السجائر) دون وضع علامة مميزة صالحة ومفعلة بدءًا من تاريخ 16 أكتوبر 2022».

6 قرار رقم (115) لسنة 2022 بشأن شروط وضوابط مزاولة أنشطة صناعة وتعبئة السجائر بأنواعها والمعسل والجراك بأنواعه التي يكون الغرض الأساسي منها تصديرها إلى الخارج.

7 قرار رقم (2) لسنة 2023 بشأن شروط وضوابط مزاولة أنشطة صناعة وتعبئة السجائر بأنواعها والمعسل والجراك بأنواعه التي يكون الغرض الأساسي منها تصديرها إلى الخارج.

تحديات على أرض الواقع

رغم التشريعات والقوانين الصارمة، إلا أن هناك استمراراً لبيع هذه المنتجات سواء بطرق مباشرة أو عبر الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي، ويظل التهريب يمثل قناة رئيسية لتلبية الطلب، رغم المراقبة الحثيثة من الجهات الأمنية والجمارك، والإعلان دوماً عن مصادرة المنتجات المحظور استيرادها.

أما بالنسبة للواردات من شحنات التبغ، فيُشترط للإفصاح عنها، وقبل دخول أي منتج تبغ إلى المنفذ الحدودي، يتوجب على التاجر تقديم جميع المستندات المطلوبة عن طريق برنامج أفق حتى يتم الإفصاح عنها جزئياً وانتقال المنتج لمخزنه، ولا يُسمح له بالتصرف في الشحنة نهائيًا، حتى تتم معاينتها من قبل الأخصائيين بمجموعة مكافحة التدخين والتأكد من مطابقتها للمواصفات القياسية ومن ثم يتم الإفصاح عنها.

المخدرات تدخل في سوائل الفيب

من جانب آخر، لفت النائب محمد العليوي، نائب رئيس لجنة الخدمات بمجلس النواب، إلى خطر آخر برز مؤخراً، يتمثل في خلط سوائل الفيب بمواد مخدرة، مؤكداً أنه لا خلاف على خطورة إدمان المخدرات وما تسببه من أضرار صحية جسيمة، ودورها الكبير في تدمير الصحة الجسدية والعقلية.

وأوضح العليوي أنه مع لجوء البعض إلى استخدام الفيب أو السجائر الإلكترونية لتعاطي المخدرات، تضاعفت المخاطر الصحية بشكل ملحوظ، وظهرت أساليب جديدة في التعاطي تهدد حياة الشباب والمراهقين، إذ يتسبب هذا المزيج الخطير في إدمان شديد، وظهور أعراض مثل القلق، الهلاوس، نوبات الهلع، ضعف الذاكرة والتركيز، وأمراض الرئة، وقد يصل الأمر إلى التسمم القلبي، والفشل الكلوي، وأمراض الرئة القاتلة، خاصةً عند استخدام زيوت مخدرة مجهولة المصدر داخل أجهزة الفيب. وقال إن كل هذه المخاطر تؤكد أن المزج بين الفيب والمخدرات ليس مجرد خيار سيئ وضار، بل هو مقامرة خطيرة بحياة الشباب بشكل خاص والمجتمع بشكل عام، إذ يقود إلى طريق مظلم من الإدمان والمضاعفات الصحية الخطيرة التي قد يصعب علاجها، ويزيد من صعوبة التعافي ويضاعف الأضرار.

لكن العليوي أبدى تفاؤله بدور المجتمع ووعيه الديني، قائلاً: «بلا شك أننا نعيش في مجتمعات محافظة ملتزمة بتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف، وأن التزامنا بعاداتنا وتقاليدنا الأصيلة يأتي في مقدمة واجبنا الوطني من أجل الحفاظ على شباب الوطن من الضياع وعدم الانزلاق في طرق سلبية قد تؤدي إلى الإدمان الذي ينهي حياتهم الطبيعية ويجرّهم إلى عواقب وخيمة، مثل اللجوء إلى الجريمة لتوفير المال اللازم لشراء تلك المواد المخدرة، خاصة بين الشباب العاطل عن العمل الذي لا يملك الموارد المادية الكافية لتأمين حياة مستقرة وتكوين أسرة صالحة».

الدور التشريعي

بدوره، أكد النائب جلال كاظم أن مجلس النواب سيبدأ مناقشة مشروع قانون يحظر بيع وتداول الشيشة الإلكترونية والسجائر الإلكترونية (الفيب) في البحرين خلال دور الانعقاد القادم، لافتاً إلى أن هذا المشروع يُعد جزءاً من جهود شاملة لحماية الصحة العامة، خاصة بين الأطفال والمراهقين.

وكشف كاظم عن أبرز ملامح الاقتراح، وهي:

التشديد على تصنيف تلك المنتجات كتهديد صحي واسع النطاق، خصوصاً بسبب النكهات الجذابة التي تستهدف الشباب.

الدعوة إلى منع أي تسويق يروّج للشيشة الإلكترونية كبديل «آمن» للسجائر التقليدية.

الاستفادة من التجارب الدولية الناجحة في هذا المجال، مثل بعض دول الخليج، وكندا، والهند، وسنغافورة.

تعددت الأنواع، والإدمان واحد: أكياس النيكوتين

وفي سياق الشأن الصحي، أوضحت استشارية الصحة العامة ورئيسة جمعية أصدقاء الصحة د. كوثر العيد أن أكياس النيكوتين ورغم مظهرها البسيط واستخدامها السهل إلا أنها تُعد مصدرًا جديدًا للإدمان على النيكوتين، وتهديدًا خطيرًا لصحة الشباب والمراهقين لما لها من أضرار على جميع أعضاء الجسم.

وقالت إن الأكياس غالبًا ما تتكون من:

النيكوتين: إما مستخلص من نبات التبغ أو مصنع صناعيًا.

منكهات صناعية: مثل النعناع، التوت، الفواكه أو القهوة.

محليات: لتقليل الطعم المر.

مواد حافظة: لضمان بقاء المنتج لفترة أطول.

وهذه المكونات تمنح الأكياس طابعًا “جذابًا”، وأشارت إلى أن الجرعة القصوى المسموح بها أقل من 20 ملغم نيكوتين لكل كيس، وقالت: رغم غياب التبغ والدخان، إلا أن أكياس النيكوتين ليست آمنة، إذ تؤثر على:

اللثة: تسبب تهيجًا مستمرًا، تراجعًا في اللثة، ونزيفًا عند تنظيف الأسنان.

الأسنان: قد تؤدي إلى اصفرار الأسنان، وزيادة خطر التسوس بسبب المحليات والمنكهات.

الفم: جفاف مزمن في الفم، تشققات في الغشاء المخاطي، وقرح متكررة.

البلعوم والحنجرة: تهيج مستمر قد يؤدي إلى تغيرات في الصوت، وصعوبة في البلع.

زيادة خطر الاصابة بسرطان الفم واللثة على المدى البعيد نظراً لاحتوائها على مواد حافظة ومحليات ومنكهات صناعية.

القلب: ارتفاع ضغط الدم، وتسارع نبضات القلب.

الدماغ: زيادة التوتر، ضعف التركيز، وأعراض انسحابية عند التوقف.

الجهاز الهضمي: غثيان، اضطرابات في المعدة.

وحذرت د. كوثر العيد من العلامات المبكرة لاستخدام أكياس النيكوتين والتي قد تكون خفية في البداية، خاصة لأن استخدامها لا يصدر رائحة دخان مثل السجائر، ولكن يمكن ملاحظتها من خلال بعض التغيرات السلوكية والجسدية.وهي تنقسم إلى:

علامات جسدية:1. احمرار أو تورم في اللثة.2. قرح أو تشققات داخل الفم أو على اللثة.3. رائحة غريبة أو طعم مر في الفم باستمرار.4. جفاف غير معتاد في الفم أو زيادة إفراز اللعاب.5. اصفرار أو تآكل الأسنان.6. آلام في الحنجرة أو صعوبة في البلع أو بحة بالصوت.7. صداع أو دوخة متكررة (نتيجة النيكوتين).8. ارتعاش اليدين أو زيادة التعرق.

علامات نفسية وسلوكية:1. تقلب المزاج أو العصبية المفاجئة عند عدم الاستخدام.2. رغبة متكررة في الانعزال أو الذهاب للحمام (لاستخدام الأكياس سرًا).3. انخفاض التركيز أو النشاط الدراسي.4. التعلق بعلبة أو عبوة صغيرة غير مألوفة.5. الانشغال المفاجئ بالروائح المنكهة مثل النعناع أو الفواكه.6. إخفاء أشياء في الحقيبة أو الجيوب (قد تكون الأكياس نفسها).7. الإفراط في استخدام العلكة أو السكاكر لتغطية الرائحة أو التوتر.

وقالت إن هناك مؤشرات تستدعي الانتباه من الأسرة أو المعلمين وهي: التغيّر الملحوظ في السلوك أو الأداء الدراسي. وجود عبوات بلاستيكية صغيرة غير معروفة. ملاحظة بقع بيضاء أو تغيرات على اللثة أثناء زيارات طبيب الأسنان. الشكوى من حرقة أو وخز في الفم دون تفسير واضح.

ونصحت في حال ملاحظة هذه العلامات أولياء الأمور: التحدث بلطف وبدون لوم إذا اشتبهنا في الاستخدام. البحث عن مصادر الدعم والإقلاع المناسبة. تعزيز الثقة والانفتاح مع المراهق لتجنّب اللجوء للإخفاء أو الإنكار

وأكدت أن الإقلاع عن أكياس النيكوتين يتطلب دعمًا نفسيًا وسلوكيًا، وأحيانًا طبيًا. وتشمل خطوات العلاج:1. الاعتراف بالمشكلة: أهم خطوة هي وعي الشخص بأنه يواجه إدمانًا على النيكوتين.2. الدعم النفسي: من خلال جلسات استشارية فردية أو جماعية في المراكز الصحية.3. بدائل النيكوتين الآمنة: مثل لصقات أو علكة النيكوتين (بإشراف طبي).4. البيئة الداعمة: تشجيع الأسرة والأصدقاء، والابتعاد عن المحفزات.5. خط المساعدة: التواصل مع عيادات مراكز الرعاية الصحية الأولية او العيادات الخاصة.

شاركها.