سيد حسين القصاب

يناقش مجلس الشورى في جلسته المقبلة تقرير لجنة الشؤون التشريعية والقانونية بشأن قرار مجلس النواب حول مشروع قانون بتعديل المادة الثانية من القانون رقم (60) لسنة 2006 بشأن إعادة تنظيم هيئة التشريع والرأي القانوني، وهو المشروع المعد في ضوء اقتراح بقانون مقدم من مجلس النواب، والمتضمن تعديل البند (9) من المادة الثانية ليوسّع نطاق العقود الخاضعة لمراجعة الهيئة.

وأوضحت اللجنة أن مشروع القانون يهدف إلى إخضاع جميع العقود التي تبرمها الوزارات والمؤسسات والهيئات العامة، والتي تزيد قيمتها على 100 ألف دينار بحريني لمراجعة هيئة التشريع والرأي القانوني، وذلك عوضا عن السقف الحالي البالغ 300 ألف دينار، وذلك بهدف تعزيز الرقابة على العقود الحكومية وتحقيق المزيد من الضبط المالي.

وبيّنت اللجنة أن التقرير المعروض يمثل قراءة ثانية لمشروع القانون، إذ سبق للجنة أن رفعت تقريرها الأول الذي انتهى فيه مجلس الشورى إلى عدم الموافقة على المشروع من حيث المبدأ، خلال جلسته المنعقدة في 20 أبريل 2025، ليعاد بعد ذلك إلى مجلس النواب طبقًا للمادة (82) من الدستور.

وذكرت اللجنة أن مجلس النواب، وفي جلسته المنعقدة في 18 نوفمبر 2025، أعاد النظر في مشروع القانون، وأصرّ على قراره السابق بالموافقة عليه، ليُعاد مرة أخرى إلى مجلس الشورى للنظر فيه وفقاً للمادة (84) من الدستور، التي تجيز للشورى قبول قرار النواب أو الإصرار على قراره السابق.

وأضافت اللجنة أنها اطلعت على قرار مجلس النواب، إلا أنه لم يتضمن بحسب تقديرها رداً قانونياً كافيًا على الأسباب التي استند إليها مجلس الشورى في رفض المشروع من حيث المبدأ، مما يدفع اللجنة إلى التمسك بتوصيتها السابقة بعدم الموافقة، تأسيسًا على ذات الحجج التي خلص إليها تقريرها الأول.

وأوضحت اللجنة، من ناحية السلامة الدستورية، أن مشروع القانون يدخل ضمن السلطة التقديرية للمشرّع، ويستهدف حماية المال العام بما ينسجم مع المادة (9) من الدستور. أما من ناحية السلامة القانونية، فأكدت أن المشروع مشوب بملاحظات تتصل بوجود منظومة رقابية قائمة تكفل بالفعل ضبط ومراجعة العقود الحكومية.

وبينت اللجنة أن الهدف الذي يسعى إليه المشروع متحققٌ ضمن اختصاصات متعددة تزاولها الجهات الرقابية، من بينها الالتزام بالدليل المالي الموحد الصادر عن وزارة المالية والاقتصاد الوطني، واعتماد نماذج العقود الحكومية، ودور مجلس المناقصات والمزايدات في الإشراف على عمليات الشراء والمناقصات وتقييم العطاءات، إضافة إلى صلاحية هيئة التشريع والرأي القانوني في إبداء الرأي القانوني عند الطلب، ونظر العقود التي تتجاوز قيمتها 300 ألف دينار، دون منع الجهات الحكومية من إحالة عقود أقل من هذا الحد لمراجعتها.

وأضافت اللجنة أن مشروع القانون يتعارض مع الهدف الذي بُني عليه المرسوم بقانون رقم (34) لسنة 2010 الذي رفع الحد الأدنى للعقود الخاضعة للمراجعة من 100 ألف إلى 300 ألف دينار، بهدف مواكبة تطور العقود وارتفاع أسعار المشتريات، وتفادي إعاقة انسيابية الإجراءات الحكومية.

كما حذّرت اللجنة من أن تقليص الحد القيمي سيؤدي إلى زيادة كبيرة في عدد العقود المعروضة على الهيئة، بما قد ينعكس سلباً على التركيز على العقود الأكثر أهمية وأثراً اقتصادياً، ويؤدي إلى تأخير المشاريع الة بها.

وأشارت اللجنة إلى أن هيئة التشريع والرأي القانوني تعتمد بشكل كامل على كوادر وطنية في إدارة العقود والمعاهدات، حيث تبلغ نسبة البحرينيين في تلك الإدارة 100%، بينما تصل نسبة البحرينيين في الهيئة عمومًا إلى 96%، ولا يتجاوز عدد غير البحرينيين ثلاثة موظفين فقط، مما يعكس الاعتماد الكبير على الموارد البشرية الوطنية ذات الكفاءة.

واختتمت اللجنة تقريرها بالتأكيد على التمسك بتوصيتها السابقة بعدم الموافقة على مشروع القانون من حيث المبدأ، لعدم وجود مبررات كافية تدعو لتعديل الإطار القانوني القائم، ولتوافر أدوات رقابية فعّالة تكفل حماية المال العام وتحسين كفاءة التعاقدات الحكومية.

شاركها.