ترامب يوقع مرسوماً يضع الوكالات المستقلة تحت سيطرة البيت الأبيض – الوطن

وقع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الثلاثاء، مرسوماً تنفيذياً جديداً يمنح البيت الأبيض سلطات أوسع للإشراف على الوكالات المستقلة، في خطوة تعزز نفوذه على الهيئات التنظيمية، لكنها قد تواجه تحديات قانونية كبيرة، وفقاً لما أوردته مجلة “بوليتيكو”.
ويهدف هذا القرار إلى توسيع سلطات الرئيس على الوكالات الفيدرالية، في إطار نظرية “السلطة التنفيذية الأحادية”، التي ترى أن الرئيس يتمتع بسلطة مطلقة على الجهاز التنفيذي. وبموجب هذا المرسوم، تلتزم الوكالات المستقلة بتعيين منسقين للتواصل المباشر مع البيت الأبيض والتشاور بشكل دوري حول السياسات والأولويات الحكومية.
كما يفرض القرار قيوداً على المستشارين القانونيين لهذه الوكالات، حيث يمنع أي موظف في السلطة التنفيذية من تقديم تفسير رسمي للقانون إذا تعارض مع رأي الرئيس أو المدعي العام.
ويعكس المرسوم نفوذ راس فوت، مدير مكتب الإدارة والموازنة في إدارة ترمب، الذي يدعو منذ فترة طويلة إلى تقليص استقلالية الهيئات التنفيذية. ومن بين الجهات المتأثرة بالقرار هيئة الاتصالات الفيدرالية، وهيئة التجارة الفيدرالية، وهيئة الأوراق المالية والبورصات، والتي تلعب دوراً رئيسياً في إصدار اللوائح التنظيمية وفرض الغرامات على الشركات المخالفة.
وأشارت “بوليتيكو” إلى أن القرار التنفيذي سيجعل تلك الوكالات أكثر خضوعاً لإشراف البيت الأبيض، حيث سيتمكن فوت، الذي يرفع تقاريره مباشرة إلى الرئيس، من مراقبة أدائها واتخاذ إجراءات إدارية بشأنها.
وأكدت الوثيقة الرسمية الموقعة من ترمب أن “المساءلة الحقيقية للحكومة الفيدرالية أمام الشعب الأميركي تتطلب خضوع المسؤولين التنفيذيين لإشراف الرئيس المنتخب”. كما يفرض المرسوم على مدير مكتب الإدارة والموازنة وضع معايير تقييم لرؤساء الوكالات المستقلة، مع تقديم تقارير دورية للرئيس حول مدى تحقيقهم للأهداف المحددة، إضافة إلى مراجعة موازنات هذه الهيئات وضبطها وفقاً لأولويات الإدارة.
ورغم أن هذه النظرية القانونية ظلت لفترة طويلة موضع جدل، ولا تزال العديد من الأصوات القانونية تعتبرها غير دستورية، إلا أن ترمب يسعى عبر هذا القرار إلى ترسيخها كسياسة رسمية لحكومته.
وخلافاً للمواقف السابقة، حيث كان الرؤساء الأميركيون يمتنعون عن التدخل في شؤون الوكالات المستقلة، يسعى ترمب إلى إعادة صياغة العلاقة بين الرئاسة وهذه الهيئات، ما قد يؤدي إلى صدام قانوني وسياسي واسع.
ووفقاً لـ”بوليتيكو”، فقد بدأت الإدارة الأميركية بالفعل باتخاذ خطوات تنفيذية بهذا الاتجاه، حيث أقال ترمب مؤخراً عدداً من المسؤولين في هذه الوكالات، مثل جوين ويلكوكس، الرئيسة السابقة للمجلس الوطني للعلاقات العمالية، ومدير مكتب الأخلاقيات الحكومية ديفيد هويتيما، وهي قرارات أثارت ردود فعل قانونية، من بينها دعوى قضائية للطعن في الإقالة.
كما أوضحت المجلة أن القرار الجديد قد يؤثر على عمل العديد من الوكالات المستقلة التي لم تكن خاضعة بشكل مباشر لنفوذ الإدارة الأميركية، رغم أنه لا يشمل مهام الاحتياطي الفيدرالي المتعلقة بالسياسة النقدية، لكنه يمتد إلى صلاحيات البنك المركزي في الإشراف على البنوك والمؤسسات المالية.
وفي سياق أوسع، غالباً ما تجد هذه الوكالات نفسها في مواجهة التدخلات السياسية، سواء من قبل الإدارات الحاكمة أو الكونجرس، حيث تصاعدت هذه المواجهات خلال السنوات الأخيرة، خاصة فيما يتعلق بإجراءات هيئة الأوراق المالية والبورصات تحت إدارة الرئيس السابق جو بايدن، والتي سعت إلى فرض قواعد جديدة تتعلق بالكشف عن المخاطر البيئية، إضافة إلى تحركات هيئة الاتصالات الفيدرالية في التحقيق مع بعض الشبكات الإعلامية بدعوى التحيز السياسي.
ويبدو أن المرسوم التنفيذي الجديد يشكل مرحلة جديدة في مساعي ترمب لإحكام السيطرة على مؤسسات الحكم الفيدرالي، ما قد يفتح الباب أمام معارك قانونية وإدارية غير مسبوقة في واشنطن.