قضت محكمة الاستئناف العليا الشرعية في البحرين بتطليق امرأة بحرينية من زوجها بعد معاناة استمرت لأكثر من ثلاث سنوات، هجرها فيها الزوج وتركها وأطفالهما دون نفقة أو دعم، ورفض تطليقها إلا بمقابل مبلغ مالي قدره 1800 دينار. وجاء الحكم بعد أن ثبت للمحكمة وقوع الضرر على الزوجة، من خلال شهادة الشهود وغياب أي بينة من الطرف الآخر.وقالت المحامية زينب مدن، وكيلة الزوجة، إن موكلتها تزوجت المدعى عليه بموجب عقد رسمي في عام 2014، ورُزقت منه بولد وبنت. غير أن الحياة الزوجية تحوّلت إلى سلسلة من الإساءات المستمرة، حيث كان الزوج كثير الشك، وقام باتهام زوجته بعلاقة غير شرعية مع رجل أجنبي دون تقديم دليل، بل وصل الأمر إلى التقدّم بشكوى رسمية ضدها، وجرّها إلى إدارة حماية الآداب بتهمة الزنا.وأكدت المحامية أن هذه الاتهامات الباطلة تسببت في صدمة نفسية كبيرة لموكلتها، خاصة أنها سيدة معروفة بالتزامها الأخلاقي والعلمي، وتسعى إلى تربية أبنائها تربية صالحة. كما أشارت إلى أن رمي المحصنات بالزنا يُعدّ من أعظم المحرمات شرعاً، وهو إيذاء لا يُمحى من ذاكرة المرأة، خصوصاً حين يصبح ضمن السجلات الرسمية للدولة وأجهزتها القانونية.وأضافت المحامية أن الزوج لم يكتفِ بالاتهامات، بل قام بطرد موكلتها من بيت الزوجية في عام 2021 تقريباً، وهجرها تماماً دون إنفاق، وأغلق جميع وسائل التواصل معها ومع أولاده، وتزوج من امرأة أخرى. كما طلب منها لاحقاً مبلغ 1000 دينار مقابل الطلاق، ثم رفع المبلغ إلى 1800 دينار، مستغلاً وضعها الصعب.وقد استمعت المحكمة إلى شهادة شاهدين، أحدهما أكد أن الزوج رفض إرجاع الزوجة إلى المنزل رغم محاولات الصلح، واتهمها دون دليل، وامتنع عن الإنفاق عليها. أما الشاهد الثاني، وهو شقيق الزوجة، فأفاد بأن شقيقته طُردت من بيتها، وأن زوجها رفض إرجاعها أو التواصل معها، بل قام بحظرها عبر الهاتف ووسائل التواصل، وأكد أن عدة أشخاص اتصلوا به ليسألوه عن صحة الشائعات التي كان الزوج يروّجها ضد شقيقته.وقالت المحكمة في حيثياتها إن المادة (98/ب) من قانون الأحوال الشخصية تجيز للزوجة طلب التطليق إذا هجرها زوجها وتركها معلقة بدون عذر، وإن البينة الشرعية اكتملت بشهادة الشهود وغياب أي نفي أو شهود مضادين من طرف الزوج.وبناءً على ما سبق، حكمت المحكمة بـإلغاء الحكم السابق وتطليق الزوجة طلقة أولى بائنة للهجر بعد الدخول، لا تحل بعدها لزوجها إلا بعقد ومهر جديدين. كما ألزمتها بالعدة الشرعية وفق ما تقرره الشريعة الإسلامية، وأمرت بإصدار وثيقة طلاق رسمية للطرفين.وأكدت المحكمة في ختام الحكم أن استمرار العلاقة بين الزوجين في ظل هذا الضرر النفسي والاجتماعي والمالي لم يعد ممكناً، وأن إنهاء العلاقة أصبح ضرورة درءاً للفساد وحماية لحقوق الزوجة وأطفالها.

شاركها.