سماهر سيف اليزل

أكدت أخصائية العلاج الطبيعي جمانة إبراهيم أن سرطان الثدي يُعدّ من أكثر الأورام الخبيثة شيوعاً بين النساء على مستوى العالم، مشيرةً إلى أنه لا يؤثر فقط على الجانب الجسدي، بل يمتد تأثيره إلى الجوانب النفسية والاجتماعية أيضاً، مما يجعل من العلاج الطبيعي عنصراً أساسياً في رحلة العلاج الشاملة، وليس مجرد خطوة تأهيلية بعد الجراحة.

وقالت جمانة إبراهيم إن التطور الكبير في المجال الطبي خلال السنوات الأخيرة أسهم في ترسيخ مكانة العلاج الطبيعي كأحد المكونات الرئيسة في خطة الرعاية لمريضات سرطان الثدي، موضحةً أن دوره لا يقتصر على إعادة تأهيل العضلات والمفاصل فحسب، بل يمتد إلى تسريع عملية التعافي وتحسين جودة الحياة واستعادة التوازن الجسدي والنفسي، إضافة إلى الوقاية من المضاعفات الشائعة بعد الجراحة مثل الوذمة اللمفية وتيبس الكتف وضعف القوة العضلية.

وأضافت أن العلاج الطبيعي يلعب دوراً محورياً في تخفيف الألم، وتحسين المرونة والتوازن، وتعزيز الثقة بالنفس، ومساعدة المريضة على التكيّف مع التغيرات الجسدية والنفسية المصاحبة للمرض، مؤكدة أن وجود دعم تأهيلي متكامل يسهم في تحقيق نتائج أفضل على المستويين الجسدي والمعنوي.

وفيما يتعلق بتوقيت بدء العلاج الطبيعي، أوضحت جمانة إبراهيم أن التوصيات الحديثة للجمعية الأمريكية للعلاج الطبيعي تنص على دمج العلاج الطبيعي في جميع مراحل رحلة العلاج، بدءاً من الفترة التي تسبق الجراحة، من خلال تقييم أولي دقيق يقوم به الطبيب المسؤول وأخصائي العلاج الطبيعي، مع مراعاة الفروقات الفردية لكل حالة. وأضافت أنه بعد الجراحة، يبدأ العلاج غالباً خلال الأيام الأولى إلى الأسبوع الأول، ثم يستمر في المراحل اللاحقة من إعادة التأهيل حتى استعادة الوظائف بشكل كامل. وأشارت إلى أن الأهداف الأساسية للعلاج الطبيعي مع مريضات سرطان الثدي تتضمن عدة محاور رئيسية، أهمها تخفيف الألم والتيبس وزيادة المدى الحركي لتجنب الالتصاقات في الأنسجة، إضافة إلى الوقاية من الوذمة اللمفية أو الحد منها. كما يهدف إلى تقوية العضلات واستعادة القدرة على أداء الأنشطة اليومية، مع الحرص على تقديم الدعم النفسي والجسدي للمريضة، بما يضمن عودتها إلى نمط حياة نشط ومستقل. وتطرقت جمانة إبراهيم إلى المضاعفات الجسدية التي قد تظهر بعد استئصال الثدي أو إزالة العقد اللمفية، مبينةً أن شدة هذه المضاعفات تختلف من مريضة إلى أخرى تبعًا لعوامل عدة، منها نوع الجراحة والعلاج المتبع (سواء إشعاعي أو كيميائي) والحالة العامة للمريضة ومدى التزامها ببرنامج التأهيل. وأضافت أن أكثر هذه المضاعفات شيوعًا تشمل: ألم ما بعد الجراحة أو ألمًا عصبيًا أو اختلالات حسية. مشاكل في الندبات والالتصاقات في الأنسجة. الوذمة اللمفية. قصور في مدى حركة الكتف. ضعف عضلي وفقدان القوة. تعب مزمن بتغيرات السرطان والعلاج.

وفيما يتعلق بالوقاية من الوذمة اللمفية، أوضحت أن آخر توصيات الجمعية الأمريكية للعلاج الطبيعي تؤكد على تطبيق البروتوكول المتكامل لإزالة الاحتقان، والذي يشمل: التفريغ اليدوي اللمفي بواسطة أخصائي مدرّب ومختص. الضمادات متعددة الطبقات أو الكمّام الضاغط لتقليل حجم الطرف ومنع إعادة التورم. تمارين حركية متدرجة مع التنفس العميق لتحفيز التصريف اللمفي. وشددت على أهمية توعية المريضة بالعناية بالجلد لتجنب الالتهابات والعدوى، باعتبارها خطوة أساسية في الوقاية من المضاعفات.

وأضافت جمانة إبراهيم أنه بعد التقييم الأولي الشامل للحالة، يبدأ الأخصائي عادةً بالعلاج اليدوي وتحريك الأنسجة، إلى جانب استخدام تمارين المرونة والإطالة للجزء العلوي من الجسم. وفي بعض الحالات، يتم الاستعانة بالتحفيز الكهربائي للمساعدة في تخفيف الألم وتقليل الضغط على الأنسجة المحيطة. وبيّنت أن تمارين التنفس العميق تُعدّ من أهم التمارين المرافقة، إذ تسهم في تحفيز العضلات وتحسين وضعية القفص الصدري وتعزيز الشعور بالراحة الجسدية.

أما عن المدة الزمنية المثالية لبدء التمارين بعد العملية الجراحية، فأشارت إلى أن التمارين الخفيفة تبدأ عادةً خلال 48 ساعة بعد الجراحة، وتشمل تمارين التنفس والمدى الحركي، ما لم توجد مضاعفات تمنع ذلك. أما التمارين الأكثر تقدمًا، كتمارين المقاومة أو الإطالة، فيُفضل تأجيلها إلى ما بعد التئام الجرح، أي بعد أربعة إلى ستة أسابيع تقريبًا. وأكدت أن توقيت البدء يختلف من مريضة إلى أخرى تبعًا لعوامل متعددة، مثل نوع الإجراء الجراحي، وسرعة الشفاء، وجودة التئام الأنسجة، ووجود أي التهابات أو ألم مستمر. ولهذا، يجب أن تكون خطة التمارين فردية ومصممة بدقة لتناسب احتياجات كل مريضة.

وأشارت إلى أن البحرين شهدت في السنوات الأخيرة تطورًا ملحوظًا في مجال التأهيل والعلاج الطبيعي، حيث توفرت تقنيات متقدمة مثل العلاج المائي، والعلاج اليدوي، والعلاج بالتحفيز الكهربائي في عدد من المراكز المتخصصة، ما يسهم في تقديم رعاية شاملة ومتكاملة تدعم التعافي الجسدي والنفسي لمريضات السرطان. وفيما يتعلق بالتمارين المنزلية، أوضحت أنه يمكن للمريضة ممارستها بأمان وفق الخطة الموضوعة من قبل الأخصائي، والتي تُبنى على تقييم فردي دقيق للحالة الصحية.

شاركها.