حكايات بحرينيين ملهمين صنعوا من الإعاقة انتصارات ومن العتمة أضواء نجاحات
محمد الرشيدات
طفل معاق يقترب اليوم من الدكتوراه وفقد صديق متوحد صنع حياة آلاف المعاقين
إن رغبة الوصول بل والصعود إلى قمّة التميز تستحق لا جرم بذل الوفير من الشكيمة والعزيمة والإرادة، الكل سواسية في هذا الحق، حق قطف ثمار الإصرار على إتمام المراد المرجو عبر نافذة رحبة تُطل من خلالها العقول التي لا ترضى بأن تكون غير منتجة حتى لو مهما أصابها أو رافق جسدها منذ اللحظات الأولى لمجيئها إلى الدنيا إعاقة هي ليست إلا مشكلة عضوية لم ولن تثنيها عن تسجيل إنجازات بالجملة في حياتها وعلى مرأى من أبصار الجميع. عين على الهدف، إشراقة شمس في وضح النهار تطل بخيوطها الذهبية لتروي قصصا من الفلاح والنجاح سطّرها من بأيديهم استطاعوا تحويل المحن إلى منح، فها هو حكيم عمر عبدالله الذي له من اسمه نصيب، كان قد وُلد برجل أقصر من الأخرى بمقدار خمسة وعشرين سنتمتراً،إلا أن ذلك لم يشكّل عائقاً أمامه في أن يسجّل إنجازاً تلو الآخر إما على الصعيد العلمي أو العملي،ولم يكن ذلك ليتحقق لولا دعم ومساندة والديه اللذين استبشرا بقدومه إلى الدنيا وبأن الشأن العظيم سيلازم شخصيته وكيانه.
أنا مميز وسعيي
سوف يُرى
ففي روايته «أنا مميز» يثبت حكيم قول الله تعالى «وأن ليس للإنسان إلّا ما سعى ،وأنّ سعيه سوف يُرى»، مُضِيُّ حكيم نحو وجهة هو أرادها أن تكون مختلفة ليقينه التام بأنه متمكن من قوافيها الأكاديمية وحتى الرياضية منها،فالاختلاف الناعم في مشيته ولّد قصة اختلاف أيضاً في دراسته التي لم يكن ليرضى دون العلامة الكاملة بمراحلها وحجز مقعده في المراتب المتقدمة من الصفوف الأولى في مدرسته، إلى حين أن أصبح على مشارف مناقشة رسالة الدكتوراة،بعدما تحصّل على درجة الامتياز مع مرتبة الشرف الأولى في درجة البكالوريوس في تخصص إدارة الأعمال،وعلى درجة الإمتياز مع مرتبة الشرف الأولى أيضاً في درجة الماجستير التي عُنيت بعلوم إدارة الموارد البشرية,ناهيك عن رصيده المليء بالمشاركات والبحوث العلمية المختصة بمجالي إدارة الأعمال وعلوم إدارة الموارد البشرية والتي تمّ نشرها في عديد مجلّات البحث العالمية.
حادث مروري أعاد ترتيب حياته
حادث مروري كان قد تعرّض له في العام ألفين وأربعة وكاد أن يخسر روحه بسببه، وأوقفه عن مزاولة حياته الأكاديمية والعملية والرياضية والمجتمعية بشكل طبيعي، إلا أن ذلك كان مدعاة أخرى حقيقية لانطلاقة تميز أخرى ونقطة تغيير سطّرها على الصعيد الرياضي وإشباع نهمه وإمضاء رغبته في ممارسة رياضة التجديف البحرية التي منحته فرصة الحصول على المركز الثاني في بطولة أسياء المندرجة ضمن تصفيات كأس العالم للتجديف ألفين واثنين وعشرين، وأخرى تعد من أصعب الرياضات التي ممكن أن يمارسها أي إنسان ألا وهي تسلق وصعود قمم الجبال,ليبلغ فيه الأمر إلى الوصول إلى أعلى رابع قمة بركانية في العالم والأعلى في أفريقيا، وأعلى قمة في جبال الألب، وأعلى قمم الجبال في الخليج والوطن العربي,فضلا عن اجتيازه العديد من سباقات التحدي العمودية مشيا والتي من أبرزها محليا اجتيازه لماراثون البحرين البالغ مسافته خمسة وعشرين كيلومتراً في العام ألفين وأربعة عشر. حكيم الذي يعمل حاليا منسقا إداريا ومراقبا ماليا في قطاع البترول,في جعبته عديد الأوسمة والجوائز ولعل من أهمها وسام جلالة الملك الذهبي للأبطال,وجائزة فارس الشباب البحريني لرياضة الهايكنك (المشي في الجبال) الذي هو عضو في فريقها وجائزة الأمير مقرن بن عبدالعزيز آل سعود لصعود أعلى قمة في المملكة العربية السعودية,إضافة إلى جائزة الموظف المتميز على مستوى مملكة البحرين وجائزة الخريج المتميز من الجامعة العربية المفتوحة.
عينٌ على الهدف
وغير بعيد عن محيط أصحاب الهمم، تطفو إلى السطح قصة اهتمام إنسانية بتلك الفئة ترجمتها على أرض الواقع عائشة الحمر التي تولّد لديها وفير الحب وموفور الاهتمام بفئة الأطفال المصابين بمرض التوحد عندما فقدت وهي في صغرها جارها وصديقها في ذات الحي الذي كانت تسكنه والذي كان يعاني من متلازمة داون,ليتحول الأمر عندها من فكرةٍ بزغ نورها منذ الطفولة ليكبر الحلم معها حتى بدأته بغرف صفية خمس داخل منزلها العائلي بمعاونة مدرسات متطوعات يدرّسن الطلاب بمقدار اثنتي عشرة ساعة يوميا ,لتصل بإصرارها اللامتناهي بعدها إلى إنشاء مركز معنيٍّ بتلك الفئة عام ألفين وستة عشر أطلقت عليه مركز عائشة للتدخل المبكّر المتواجد في محافظة المحرّق أسسته بدافع الرحمة والشغف الكبيرين للأخذ بسواعد مئات الأطفال من ذوي الهمم نحو وجهة حياتية آمنة.
آثرت على نفسها
من أجل تحقيق الحلم
هاجس إنجاح المشروع الذي سكن لبّها قبل قيامه في نصرة الأطفال المصابين بالتوحد وبمتلازمة داون وغيرهم من الفئات عبر مركزها المتخصص,كان قد واجه عديد التحديات والمعيقات المادية اللوجستية التي لم تقف عائشة عندها كثيرا، لتستجمع قواها في حتمية التغلب على كل ما قد يعترض إتمام حلم عمرها حتى لو كان على حساب نفسها وأسرتها وطموحاتها المستقبلية في إكمال دراستها الجامعية على وجه الخصوص,لتنطلق من قاعدة الآية القرآنية ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة,لتمضي مسرعة نحو هدفها بأن تكون القريبة دوما للأطفال المصابين بمتلازمة داون ومتابعتهم أولا بأول عبر مركز متكامل بنوعية الكوادر البشرية العاملة فيه، والمدعّم بإمكانات فنية حديثة تتعامل بحرفية مع هؤلاء الأطفال,خصوصاً فيما يتعلق بتقديم العلاجات الوظيفية والحسية والأكاديمية والرعاية الذاتية لهم,ليحصل المركز وبعد سنوات قلال من إنشائه على وسام التميّز وتحديدا في العام ألفين وتسعة عشر من قبل وزارة العمل والتنمية الاجتماعية,كأحد أفضل المراكز في البحرين التي تتعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصّة من الأطفال من ناحية نجاحه في تأهيلهم للإنخراط مع طلبة المدارس العادية ومع الأطفال العاديين,ليتوّج ذلك الإنجاز مسيرة عطاء يزيد عمرها عن ثلاثين سنة قضتها عائشة في خدمة هذه الفئة,وتنجح في تخريج أجيال وراء أجيال ممن تحسّنت حالات معظمهم الجسدية والذهنية بنسبة تسعين في المائة. ومع توالي النجاحات والإنجازات التي توّجت تعب ومجهود أكثر من خمسة وعشرين عاما من التوتر والإجهاد البدني والنفسي، ومن بعد الدعم المباشر الذي حظيت به من عديد المسؤولين والشخصيات في القطاعين الحكومي والخاص، وما ناله مركز عائشة للتدخل المبكر من إشادات واسعة من منظمات المجتمع المدني والحقوقي، وصل الطموح بها عنان السماء بأن تضع اللبنات الأولى لبناء مدرسة شاملة متكاملة تتميز بإمكاناتها البشرية والفنية قادرة على إحداث تغيير جذري في كيفية تأهيل الأطفال من ذوي الاحتياجات العقلية والجسمانية الخاصّة وإدماجهم في المجتمع ومساواتهم بأقرانهم من الطلبة المتلقّين للعلم في مدارس المملكة.
لم تثنها الجائحة
عن إكمال المسيرة
وفي خضم ذلك، اجتاح فيروس كورونا المعمورة جمعاء، لتبدأ البحرين مع باقي دول العالم فرض ضوابط وقيود صحية لمنع انتشار الوباء وتوسع نطاقه داخل حدود المملكة،لتتبع جملة من الإجراءات الوقائية حفاظا على صحّة المواطنين والمقيمين، والتي جاء في مقدمتها توقف الدراسة في المدارس، وقد ترتب على ذلك عدم حضور الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصّة للمركز ،وهذا ما منع الأخصائيون من تدريسهم وتأهيليهم بصورة صحيحة،الأمر الذي شكّل التحدّي الأصعب على الإطلاق،وهنا بدأت الأفكار والحلول تُطرح بالجملة تكفل الاستمرارية في تقديم الخدمة الى الأطفال وبنفس المستوى من الدقة والتطور والإنجاز وبمساعدة أولياء الأمور لضمان المحافظة على مدى ثبات المستوى المقدم من الخدمة للأطفال، ليعمد مركز عائشة للتدخل المبكر إلى التواصل وبشكل مستمر مع أولياء الأمور في المنزل وعمل أنشطة حسية وتعليمية وأكاديمية مع أبنائهم داخل البيت كتلك التي يتبعها المركز داخل غرفه الصفّية. على الرغم من التبعات السلبية التي رافقت مجيء جائحة كورونا على طبيعة عملها وآداء المطلوب تجاه الأطفال المسجلين داخل المركز، إلا أن عائشة استطاعت التغلب على كل التحديات لتجتاز الجائحة العالمية بنجاح، بل وتحقق إنجازات عديدة وتصبح أنموذجاً وصل صيته إلى مختلف بلاد المعمورة وتحديداً في كندا والولايات المتحدة الأمريكية إلى جانب عدد من الدول العربية، لتحصل بعدها على شهادة اعتمادها كمدربة معتمدة في برنامج TOT من البورد الأمريكي ومستشارة لفئة التوحد لدى عديد الجهات الرسمية وغير الرسمية ,وصولا إلى استحقاقها للقب سفيرة ذوي الهمم من قبل جمعية عطاء للعمل الإنساني التي تتخذ من دولة الكويت مقرّاً لها.
دبلومات ودراسات وشهادات علمية وعملية محلية وإقليمية ودولية نالتها وعن جدارة ومثابرة عائشة الحمر أبحرت في كل جزئية تتعلق بجوانب التعامل مع أطفال التوحد والمصابين منهم في متلازمة داون وغيرهم من فئات ذوي الاحتياجات الخاصّة، إلى جانب نجاحها في إنتاج عشرين كتابا في حدود سبع سنوات كانت قد لخّصت فيها مجمل الطرق والعلاجات التي درستها وكانت تطبقها في مركزها على كل حالة من حالات الأطفال المصابين من ذوي الاحتياجات الخاصّة
أنا أقدر
لسان حال عائشة إبراهيم الحمر دائما يقول «نعم أنا أقدر»، عنوان حكاية تم صياغة أحرفها المتوهّجة بضميرها الحي المتوقّد,فهي من آمنت وما زالت تؤمن بضرورة تقديم الحياة بقالب جميل ووضعه بين يدي الأطفال من ذوي العزيمة,إمرأة بحرينية وهبت نفسها لتأدية رسالتها الإنسانية النبيلة لصالح تلك الفئة. قصة محسن عبدالرزاق هي أيضا لها نصيب من ذكر ما تضمنته من فصول كفاح وعزيمة تولّدت بفعل عَضُدٍ لم يستكين,ونفس أبت أن تكون خاضعة لظروف التحوّل التي استهدفت عيناه من بعد أن وُلد صحيح البصر ولا يشكو من أي شيء لحظة قدومه إلى الدنيا. محسن الذي ولد في صبيحة يوم شتوي بارد وتحديدا في العام تسعة وثمانين وتسعمائة وألف،وكغيره من الأطفال حديثي الولادة جاء باكياً غير عالم ما تتوعده به الحياة، زائراً في ضيافة عالم عجيب تتشعب فيه أحوال الخليقة،بِكراً لوالدين مكافحين سَرّهما مجيء أول مولود لهما,ولكنهما يجهلان ما ينتظره من مطبّات وتحولات جذرية من متمتع ببصره إلى فاقد له ومتسلّح ببصيرته في الوقت عينه. كمثل كل أولياء الأمور بدأ والد محسن ومن بعد أن أصبح فلذة كبده على أعتاب تعليمه الابتدائي الذهاب به إلى مدرسة سار الابتدائية للبنين لتعويض إبنه الشيء الذي حرم منه المتمثل بعدم إكمال دراسته ،ليخطو بطلنا محسن أولى خطواته نحو الدراسة لتلقي التعليم بشكل سلس ولا يعتريه أي مصاب جسدي مهما كان نوعه.
الانحدار البصري
ومع دخوله المرحلة الابتدائية الرابعة بدأ مستوى البصر عند محسن بالانحدار تدريجياً لتبدأ الظلمة تحلّ مكان النور الساكن في عينيه, وهذا ما اكتشفه والده عندما كان يؤدي واجبا لمادّة العلوم بحدوث خللٍ في عيني ولده،لتبدأ رحلة زيارة المستشفيات متنقلا بين البحرين والمملكة العربية السعودية وعرضه على مختلف أطباء العيون الذين لم يصلوا لحلٍّ جذريٍ لحالته.
فصول كفاح وإرادة
بعدها كان لزاماً على محسن أن يتأقلم مع وضعه الصحي الحالي، ويستعيد عافيته النفسية عبر العودة إلى المدرسة التي لم تبخل كوادرها التعليمية بتقديم شتى صنوف المساعدة له إما من خلال كيفية تلقي تعليمه من جانب، وآداء الإمتحانات الصفّية من جانب آخر,وحتى في كيفية تنظيم العلاقة التكاملية بينه وبين زملائه الذين وهبوه كتفاً شكّل له سنداً يتكىء عليه لتقبّل الحال وعدم الوقوف على جزئيته.
الفضل بعد الله للمعهد
وبتوالي الأيام جمعت الصدفة محسن بالمعهد البحريني السعودي للمكفوفين، لينطلق نحو التعرّف على طريقة برايل في الكتابة والقراءة من خلال تعلّم كيفية كتابة الحروف الأبجدية، لتضمن له هذه التجربة تغييراً جذرياً على مستوى فكره وتقبّله للوضع الصحّي الذي بات عليه، خصوصاً وأن المعلمين في المعهد المعاونين له قد لاحظوا تجاوباً سريعاً من قبل محسن في معرفة الطريقة المثلى التي تعتمد عليها الكتابة في طريقة برايل وذلك بعد أسبوعين من بدء التحاقه بالمعهد الذي ظل يتلقى تعليمه فيه لما قبل دخوله المرحلة الثانوية بعام، ليبدأ المتسلح ببصيرته الإندماج أكثر فأكثر في الأنشطة والمسابقات الطلابية الثقافية منها والرياضية ولعل من أبرزها انضمامه للّعب في صفوف المنتخب البحريني للمكفوفين لألعاب القوى وكرة الهدف ليخوض معه مختلف المنافسات والمشاركات الداخلية والخارجية محققا برفقة زملائه العديد من البطولات والمراكز العليا، وهو ما أدى إلى صقلٍ شاملٍ لشخصيّته وتطبيق مبدأ الاعتماد على ذاته بعيدا عن مساعدة والديه.
ما سبق ذكره مهّد الطريق أمام ذي الأربعة والثلاثين للدخول في المرحلة الثانوية جنباً إلى جنب مع الطلاب المبصرين في مدرسة النعيم الثانوية للبنين القسم الأدبي، بانياً لعديد العلاقات معهم مبقيا في الوقت ذاته على علاقته بالمعهد الذي ظل مرجعه في زيادة معارفه وتوسيع مداركه للتغلب على الصعوبات التي قد واجهته في مرحلته الدراسية الثانوية التي استطاع إنهاءها بتقدير جيد جداً. بمنحة مقدمة من قبل وزارة التربية والتعليم استطاع محسن عبدالرازق الإبحار في التخصص الجامعي الذي أحبّه،ليصبح طالباً في كلية الحقوق لدراسة القانون في جامعة البحرين،التي وفّرت له بدورها كل السبل المتاحة الممكن تقديمها لمكفوف من خلال توفير نسخ المواد والمقررات الجامعية إلكترونياً لدراستها عبر برامج حاسوبية قارئة منحته سهولة الحصول على المعلومة،فضلا عن تخصيص طلاب من أقسام أخرى لقراءة أسئلة الإمتحانات على مسامعه والإجابة عليها من خلالهم وهو ما ترتب عليه تفوّق جامعي وتطور على مستوى تحصيله العلمي، والجامعة بذلك قد أضاءت له الطريق نحو مستقبل قد رسمه محسن بإمعانٍ وتمهّلٍ للوصول إلى هدفه الحتمي المتمثل بأن يصبح محامياً جسوراً يدافع عن الحقّ نصيراً لقضايا الناس ورادّاً الحقوق لأصحابها. أربع سنوات في الجامعة قد انتهت بحلوها ومرّها،وهي لم تكن تلك النهاية الحقيقية للمعاناة،لتبدأ معاناة أخرى ،كيف لكفيف أن يزاول مهنة القانون،وكيف له أن يخرج من عنق الزجاجة في إيجاد وظيفة يطبّق من خلالها ما تعلّمه في مرحلته الجامعي.
بدء مزاولة المحاماة
وبعد تفكير قرابة شهر عزم محسن الالتحاق بأحد مكاتب المحاماة لكي يستطيع تطبيق ما تعلمه في الجامعة،وكان له ما أراد,إذ بدأ بدراسة الملفات وإعطاء رأيه فيها لتنمية مهاراته القانونية مستعينا بمن حوله من شركاء المهنة في قراءة مختلف أشكال القضايا,والذهاب معهم لحضور الجلسات في المحكمة من أجل الإطلاع على كيفية الترافع أمام هيئاتها,ليصل به الأمر وبعدما استوفى جميع المعايير المطلوبة في مزاولة مهنة المحاماة إلى آداء قسم المهنة وضمّه إلى جداول المحامين تحت التمرين المعتمدين لدى وزارة العدل في المملكة,ليتوشّح برداء المحاماة بعدما أقسم وزملاؤه على احترام المهنة والالتزام بقوانينها والإبقاء على أسرارها.
عينه التي فقد نعمة البصر فيها لم تكن غافلة ببصيرتها على تطوير ذاته، ليسارع الالتحاق في دورة نظمها معهد الدراسات القضائية والقانونية تستهدف كيفية إدارة الدعاوى المدنية والجنائية ومن خلالها كانت سببا في التعرّف على الكثير من المحامين والمتدربين والمدربين وبعض القضاة والموظفين بالمحكمة،ومن بينهم المحامي نواف السيّد الذي أخذ بيدي وكفل على عاتقه تدريب شخص مكفوف للغوص في مهنة المحاماة على الرغم من كل معيقاتها التي انتهت وقتما تم تعيين حاجب من قبل المجلس الأعلى للقضاء يرافق محسن في التنقل بين المحاكم,ليمارس مهنة المحاماة بشكل أسهل. متسلحا بأدوات الإصرار ، استطاع محسن عبدالرازق وعن جدارة في العام ألفين وستة عشر فتح مكتب خاص به ,وأن يترافع بإسمه أمام هيئات المحاكم لغاية اليوم مستذكراً تلك اللحظات التي سقط فيها لينهض بنفسه بعدها متطلعا لما أبعد من ذلك بكثير في القادم من الأيام سواء على صعيد حياته العلمية أو المهنية.