أميرة البيطار

في الانشغال والخوض بالحياة اليومية وضغوط العمل ومتطلبات البيت، قد تنشغل الأم عن طفلها، دون أن تنتبه لما يتركه هذا الانشغال من أثرٍ في قلبه الصغير. فالعناية الجسدية وحدها لا تكفي، ولا يُغني الطعام أو الملابس أو الألعاب عن حضنٍ دافئ وكلمة حانية ونظرة حبّ صادقة.

فالطفل لا يدرك معنى «الانشغال»، لكنه يشعر بالفراغ. يلاحظ غياب النظرات، ينتظر لمسة يد تطمئنه، أو لحظة إنصات لحديثه البريء. وعندما تطول فترات الغياب العاطفي، يبدأ الطفل في بناء جدار من الصمت أو السلوكيات السلبية، تعبيراً عن نقص لا يعرف كيف يعبّر عنه بالكلمات.

وإهمال الأم العاطفي لا يعني أنها أمّ قاسية، بل كثيراً ما يكون غير مقصود، نابعاً من ضغوط الحياة أو من اعتقاد خاطئ أن توفير الاحتياجات المادية كافٍ. غير أن الطفل بحاجة دائمة للحب، للحضور الحقيقي، للوقت المشترك، مهما قلّ. وذلك لا يتطلب ساعات طويلة، بل لحظات صادقة. حضن عند العودة من العمل، قراءة قصة قبل النوم، ابتسامة عند تحضير الطعام، كل ذلك يُغني قلب الطفل، ويمنحه الأمان العاطفي الذي ينمو به سليماً مطمئناً.

لنُدرك أن الطفولة تمر سريعاً، لكن أثرها يدوم طوال العمر؛ وحين نزرع الحب في كل يوم، نحصد أبناءً أصحاء نفسياً، وقلوباً لا تبكي في صمت.

شاركها.