أكدت د.رباب عبدالوهاب، الأكاديمية والباحثة في الطب الجزيئي وعضو جمعية أصدقاء الصحة، أن فحص الإكسوم الكامل (Whole Exome Sequencing WES) يمثّل طفرة علمية في مجال التشخيص الجيني الدقيق والطب الشخصي، مشيرة إلى أنه أصبح أداة أكثر فاعلية وأقل تكلفة في اكتشاف الطفرات الوراثية المسببة للأمراض مقارنة بفحص الجينوم الكامل.
وأوضحت د.رباب عبدالوهاب أن جسم الإنسان يحتوي على أكثر من 20 ألف جين داخل كل خلية، وهذه الجينات تحمل الشيفرة الوراثية التي تتحكم في وظائف الجسم ونموه وتطوره، مشيرة إلى أن الإكسونات هي الأجزاء التي تحمل الشفرة المسؤولة عن إنتاج البروتينات، بينما الإنترونات تعمل على تنظيم العمليات الحيوية.
وأضافت أن فحص الإكسوم يركّز على تحليل الإكسونات فقط، وهي المناطق التي تقع فيها غالبية الطفرات المسببة للأمراض الوراثية، مما يجعله أكثر دقة وفعالية في الكشف عن الاضطرابات الوراثية النادرة والمعقدة.وأوضحت أن الفحص يتم من خلال تحليل الحمض النووي DNA باستخدام تقنيات تسلسل الجيل التالي (Next Generation Sequencing)، التي تُسرّع من عملية التشخيص في غضون أيام قليلة وبتكلفة منخفضة مقارنة بالأساليب التقليدية.
وبيّنت أن فحص الإكسوم يسمح بإعادة تحليل البيانات مستقبلاً عند اكتشاف جينات جديدة ة بالأمراض، على عكس فحص الجينوم الكامل الذي يصعب إعادة تحليله بالكامل، ما يجعل الإكسوم خياراً عملياً ومرناً في الاستخدام الطبي.
وأكدت أن الفحص يسهم في تشخيص أكثر من 7000 مرض وراثي، منها المتلازمات الوراثية، الاضطرابات العقلية، الزهايمر، وبعض أنواع السرطان مثل سرطان الثدي وسرطان القولون، لافتة إلى أن هذه التقنية تُستخدم أيضاً في الكشف المبكر عن الطفرات لدى الأزواج المقبلين على الزواج لتفادي انتقال الأمراض الوراثية إلى الأبناء.
وأشارت إلى أن آلية الفحص تبدأ بجمع عينة دم من المريض، تليها عملية تحليل دقيقة باستخدام تقنيات مدعومة بالذكاء الاصطناعي لمقارنة النتائج مع قواعد بيانات عالمية، ما يساعد في تفسير الطفرات بدقة ووضع خطط علاجية شخصية لكل حالة.
وأضافت أن من أبرز مزايا فحص الإكسوم أنه يقلل من فترة التشخيص ويتيح تحديد السبب الجيني للأمراض النادرة، خصوصاً لدى الأطفال الذين يعانون من تأخر في النمو أو اضطرابات طيف التوحد أو صعوبات التعلم، مشيرة إلى أنه يُوصى بإجراء الفحص في حال فشل الاختبارات الجينية التقليدية في تحديد السبب المرضي.
وأكدت أن فحص الإكسوم يشكل ركيزة أساسية في مفهوم الطب الشخصي (Precision Medicine)، الذي يعتمد على فهم التركيب الوراثي لكل فرد لتصميم علاج يتناسب مع حالته الجينية، وهو ما يسهم في تحسين دقة التشخيص، تقليل الأخطاء العلاجية، ورفع جودة حياة المرضى.
وقالت إن اختيار نوع الفحص الجيني يعتمد على حالة المريض وتوصية الطبيب وأخصائي الوراثة، مشيرة إلى أن هذه الفحوصات تمثل خطوة متقدمة نحو مستقبل طبي أكثر دقة وإنسانية، يهدف إلى تسريع رحلة التشخيص وتحسين النتائج العلاجية بما يتماشى مع التطور العالمي في مجال الطب الجزيئي.
