عندما يكون شغف الترحال هواية يعشقها الشخص، فإنه يبحث عن بلدان مغايرة عن التي اعتاد عليها السياح، ويتحول حب الاستكشاف والاطلاع لديه الى مغامرة تجمع الأحداث والذكريات، وتنمي لديه كثير من مداركه وتعرفه على عادات الشعوب المختلفة، وتعطيه فكره صحيحة وكاملة عن حياة البلد، ويكتشف الجانب الحقيقي المشرق بعينه المجردة، ولهذا كان للرحالة البحرينيين عبدالله الشاووش، وعبادة الحسن، وعبدالله الحسن زيارة سياحية الى دولة افغانستان.

يعد هذا البلد الرقم 38 في مسيرة الرحالة عبدالله الشاووش، والبلد رقم 24 بالنسبة للرحالة عبادة الحسن، والرحالة عبدالله الحسن، وطموحهم هو تحقيق جولة سياحية حول العالم، فقد كانت لهم تجارب في رحلات سياحية، وتطوعية، واغاثية، وثقافية متنوعة، وجالت فكرة زيارة أفغانستان في بالهم منذ عام 2018م، وعندما قرروا خوض تجربة أفغانستان لم تثنهم تحذيرات الناس الذين قالوا بأن افغانستان دولة خطرة ولا تصلح للسياحة، فضلاً عن انه صادف حدوث زلازل راح ضحيتها اكثر من 3000 شخص واصابة 4000 آخرين قبل أيام من وصولهم الى العاصمة كابول.

مستوى الأمان 100%

لابد أن نعرف بأن البلد قد عاشت ظروف قاسية، وتحاول الآن أن تعيد الأمن والإسقرار لأجل التعايش السلمي مع محيطها الاقليمي والدولي، فمن الإجراءات المهمة الواجبة إنك يجب أن تحصل على الفيزا من احدى القنصليات الموجودة بدول الخليج، ثم انه اذا وصلت هناك فإن عليك أن تسجل نفسك كسائح في المكتب الخاص بوزارة الاعلام والثقافة، ويكون ذلك عبر شركة سياحية محلية تكفل برنامجك وسلامتك وتحدد معك اي الولايات التي ترغب في زيارتها بالتحديد، علماً بأن مستوى الأمن والأمان عال جداً ولا توجد أي مشاكل والنقاط الأمنية موجودة في كل مكان.

بنية تحتية ضعيفة، وثروات طبيعية هائلة

تمتلك افغانستان ثروات طبيعية هائلة، تستطيع بها دعم اقتصادها لتضع بصمة في خارطة السياحية العالمية، وتمكنها من تطوير منشآتها ومناطق الجذب السياحي لديها، حيث تزخر البلد بالمعادن من الفحم والنحاس واليورانيوم والأحجار الكريمة والغاز الطبيعي والبترول، وبها فرص استثمار مربحة وواعدة، كما يعمل أغلب سكانها في الانتاج الزراعي الذي يغطي مساحات خضراء شاسعة من الدولة، وتتنوع تضاريسها بين الجبلية والصحراوية والسهول الخضراء، وكل مدينة وقرية لها طابعها الخاص الذي يميزها عن غيرها وترضي جميع الأذواق.

كابول.. معالم تاريخية وأسواق شعبية

بدأت الرحلة بالعاصمة كابول التي يوجد بها المعالم التاريخية من مساجد وقلاع أثرية، وقصور تعود الى العهد الملكي، والحدائق الخضراء الجميلة، والمجمعات التجارية الكبيرة، والأسواق الشعبية التي تبيع المنتجات المحلية، بالإضافة الى المطاعم التي تقدم المأكولات الأفغانية اللذيذة مثل الكابولي بالاو، والمشويات بالتوابل الخاصة، والخبز الأفغاني على انواعه، كما أنها تحتوي على قبور عدد من الصحابة الكرام الذين نشروا الإسلام في عصر الخلفاء الراشدين (رضي الله عنهم) أيام كانت تسمى (خراسان)، وما زالت آثارهم باقية في الشواهد وفي اخلاق وطيبة الشعب الأفغاني.

واذا اردت اقامة مريحة في كابول تتوفر بها جميع الخدمات فنصيحة أن تجد فندقاً في حي (شهر نو) الراقي في وسط العاصمة، وتستأجر سيارة مع سائق ذو خبرة خصوصاً للمناطق الجبلية خارج كابول، حيث أن الدولة ليس بها نظام تأمين وستضطر الى تصليح السيارة بنفسك في حال وقوع حادث لا سمح الله، والأمر الآخر هو أن السائق يستطيع التعامل مع حركة المرور بما أن مرتادي الطريق لا يلتزمون بالقوانين المرورية ولا توجد حتى اي اشارة ضوئية.

كونار.. مثل الجسد الواحد

على طريق الرحلة من كابول الى نورستان تقع مدينة كونار التي تعرضت للزلزال، فحينها قرر الشباب زيارة مخيمات متضرري الزلزال لمواساتهم وتطييب خاطرهم، من مبدأ ان المسلم أخ المسلم، وصادف ان الوقت كان وقت خطبة الجمعة فصلوا صلاة الجمعة معهم، ثم هموا بتوزيع بعض المساهمات العينية التي اسعدت الكبار والصغار، وما ادهشهم واحزنهم في الوقت نفسه كيف كان تدافع الأطفال على الحصول على ألعاب بسيطة وبعضاً من التمر وكأنهم لم يألفوا هذه الأشياء من قبل، ونظموا مع المشرفين على المخيم مساعدة بعض من عوائل ضحايا الزلزال الذين فرحوا كثيراً بهذه المبادرة.

واستمعوا الى قصص مأساوية بمعنى الكلمة عندما ترى أنهم قد خسروا بيوتهم المتواضعة التي كان تأويهم، لينتقلوا للعيش مع من تبقى من افراد اسرتهم الأحياء والمصابين في خيمة صغيرة، يعانون فقد اهلهم من جهة والظروف القاسية من جهة ثانية، مصدر رزقهم اليومي هو ما يجدونه من مساعدات يقدمها أهل الخير ليقتاتوا بها وتسد جوعهم، وملابس وحاجيات تقيهم تقلبات الجو صيفاً وشتاءاً وهم في وضع المترقب الحائر لا يعرفون متى تأتيهم هزة الزلزال القادمة.

نورستان.. جنة مخفية بين الجبال

نورستان من الوجهات الطبيعية التي لا يمكن ان تفوتها اثناء زيارتك الى افغانستان، لكن الطريق اليها 5 ساعات طرق سهلة شبه معبدة، بالاضافة الى طريق قصير ولكنه جبلي وعر يأخذ 5 ساعات اخرى، والوجهة الاساسية المقصودة هي مركز الولاية ويسمى (بارون)، لكن ما يعيب المدن خارج العاصمة ان فنادقها غير ملائمة وبسيطة ولكن للضرورة احكام، فالمناظر الطبيعية الخلابة والأجواء الشتوية الباردة قد تنسيك موضوع السكن، خصوصاً وأن المدينة تقع على ارتفاع 2550 متر فوق سطح البحر.

هي ولاية ريفية جميلة كانت تعرف ب (كفرستان) أي موطن الكفر، ودخل اليها الاسلام قبل 130 سنة فقط وبعدها سميت ب (نورستان) أي موطن النور، ويطلق عليها كذلك مصطلح (سويسرا افغانستان)، ويعتقد بأن سكانها من أحفاد الإسكندر المقدوني حيث تجد ان السكان ذوي بشرة بيضاء وشعر أشقر وعيون زرقاء، وتجد جميع السكان صغاراً وكباراً يعملون في الحقول المنتشرة بين الوديان والأنهر، فتلاحظ وجود حقول الرمان والعنب والمشمش والبطيخ والقمح والذرة والتفاح وغيرها من المحاصيل الزراعية سواء الطازجة أم المجففة، وكانت الرحلة بين هذه السهول والوديان رائعة ومليئة بالمغامرة التي تحبس الأنفاس وتأسر الأنظار.

حقائق مدهشة عن الشعب الافغاني

على الرغم الصعوبات التي تواجهها الدولة، الا ان الدولة تقوم بمشاريع تطوير قائمة ومستمرة، يلاحظ الفرق والتحسن بها عام بعد عام مقارنة بسنوات سابقة، والمطلعين لا يستبعدون ان تزدهر البلد بشكل كبير جداً خلال الثلاث سنوات القادمة، من خلال تطوير البنية التحتية والشوارع والمنشآت والمصانع التي باتت تفخر بإنتاجها محلياً.

الحكومة الأفغانية تحاول ان تستعيد وحدة الشعب الأفغاني بمختلف طوائفه وأعراقه بقدر المستطاع، لأن الحروب والخلافات الأهلية القديمة شكلت عائق كبير في طريق التقدم، وعلمتهم الحروب حجم الخسائر التي تتكبدها الشعوب وتحد من تقدمها، وهم الآن ينظرون للمستقبل بطموح وأمل.

هي أول بلد اسلامي ينتهج ايقاف المعاملات البنكية الربوية، ولا يسمح بتداول أي نوع من المشروبات الكحولية والممنوعات، ويطبق نظاماً صارماً لفرض الأمن ومنع الجريمة التي كانت منتشرة.

اطفال الأفغان يتحملون المسؤولية منذ الصغر، فتجد الأولاد الصغار يعملون مع أهاليهم في جميع مناحي الحياة العملية اليومية، ثم لا ينفكون عن الاهتمام بتعليمهم ودراستهم، فالحياة تتطلب العلم والعمل، وكذلك البنت الأفغانية وحتى التي تكون في عمر 5 سنوات تجدها محتشمة وتخفي وجهها عن الكاميرات والرجال الغرباء بشكل مدهش قل نظيره.

الشعب الأفغاني كما عرفه الرحالة هو شعب مضياف، ويرحب بالسياح ويفرح كثيراً اذا عرف بأن السائح عربي، فوجد رحالتنا افراد الشعب الغني والفقير يدعوهم الى الضيافة من اكل وسكن، وحتى الفقير منهم يدعوا الضيف حتى وان كان على كوب من الشاي.

شاركها.