أيمن شكل
في كتاب من القطع المتوسط يحمل بين دفتيه 168 صفحة، وثق محافظ المحرق سلمان بن هندي رحلته في العمل الوطني عبر ثلاث محطات رئيسة في حياته، بدأت بعمله في الإذاعة ثم خدمته في قوة دفاع البحرين ومنصبه الحالي محافظاً لأم المدن.
سلمان مذيعاً
تُعدّ مرحلة عمل سلمان بن هندي في إذاعة البحرين من أهم المراحل في حياته المهنية، وكانت أول ما سرده في كتاب «رحلتي»، حيث عمل كمذيع، وقدم العديد من البرامج الإذاعية، وكان له دور بارز في تقديم البرامج الرياضية، وسجل نفسه كأول مذيع يقدم تعليقاً حياً على مباريات كرة القدم في البحرين، واستحدث مسابقة اختيار «أحسن لاعب»، وأجرى حوارات مع العديد من الشخصيات والفنانين، من أبرزهم المخرج المسرحي صقر الرشود والنجم اللبناني وديع الصافي.
وانطلق ليشارك في إعداد وتقديم برامج متنوعة أسست لنشر الثقافة والمعرفة بين المواطنين، مما ساهم في تعزيز الوعي الثقافي والاجتماعي وعمل على تطوير البرامج الإذاعية وزيادة جاذبيتها للمستمعين، كما كان له دور في اكتشاف وتنمية المواهب الإعلامية الشابة، مما ساعد في بناء جيل جديد من الإعلاميين في البحرين.
وتخلل تلك المرحلة لقاءات مع خبرات من الإعلاميين البارزين الذين عمل معهم، مما أثرى تجربته المهنية، حيث ذكر في الكتاب الأثر الكبير الذي تركه الشاعر المصري الكبير فاروق شوشة، حيث كانت هناك علاقة مهنية وثيقة بينهما، استفاد فيها بن هندي من خبرات شوشة في مجال الإعلام، وكذلك المفكر العربي أمين الريحاني الذي زار المحرق، وكتب عنها في كتابه «ملوك العرب».
قوة دفاع البحرين
بعد فترة من العمل في الإذاعة، وتحديداً عام 1968، تقدّم سلمان بطلب للانضمام إلى قوة دفاع البحرين، وحصل على موافقة مباشرة من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم «ولي العهد آنذاك»، ليبدأ مسيرته العسكرية بتلقي تدريبات عسكرية مكثفة في مدرسة المرشحين بالمملكة الأردنية الهاشمية، وهو ما ساعده على اكتساب مهارات عسكرية وإدارية متقدمة، وعاد ليشغل عدة مناصب في القوة، حيث عمل كمدير لديوان القيادة العامة.
ولقد كان لجلالة الملك المعظم تأثير كبير في مسيرة سلمان بن هندي، التي تزامنت مع تأسيس جلالته قوة دفاع البحرين آنذاك ورؤيته الاستراتيجية في بناء الهيكل التنظيمي والتسليحي لها، والتي رصدها كتاب «الضوء الأول» لجلالته.
ومن الشخصيات التي أثرت مسيرته العسكرية كذلك، المشير الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة «القائد العام لقوة دفاع البحرين» والذي وصفه سلمان في كتابه بأنه «مدرسة عسكرية وإنسانية»، تعلَّم منه قيم الانضباط والقيادة، وعمل تحت إمرته لأكثر من 36 عاماً، والشيخ عبدالله بن سلمان آل خليفة «رئيس هيئة الأركان الأسبق» الذي ارتبط معه بعلاقة زمالة وثيقة خلال العمل في القيادة العامة، وشارك معه في تنظيم الاحتفالات العسكرية وتطوير البرامج التدريبية، والفريق أول ركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة «وزير الداخلية».
ولم تخل فترة العسكرية من تأثير العمل السابق لسلمان بن هندي، حيث برز دوره في إعداد وتنفيذ البرامج الإذاعية التي تتحدث عن قوة دفاع البحرين، وقدم برنامجاً إذاعياً أسبوعياً بعنوان «حماة الوطن» ساهم في تعزيز الوعي الوطني بين المواطنين، وقدم برامج توعوية وتعريفية عن إنجازات القوة.
وحصل سلمان بن هندي خلال مسيرته المهنية على العديد من الأوسمة والتكريمات تقديراً لخدماته العسكرية والإعلامية، ومن أبرزها، وسام البحرين من الدرجة الأولى 2012، ونوط تحرير الكويت 1991، تقديراً لجهوده في تعزيز الأمن والاستقرار.
محافظ المحرق
بعد تقاعده من الخدمة العسكرية، تم تعيين سلمان بن هندي كمحافظ لمحافظة المحرق في عام 2002، وقد تولى هذا المنصب في فترة شهدت تطورات كبيرة في البحرين، مما تطلب منه قيادة المحافظة بحكمة وابتكار، فعمل على تطوير البنية التحتية في المحرق وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين، وقاد العديد من المشاريع التنموية التي تهدف إلى تحسين جودة الحياة في المحافظة.
وقاد بن هندي جهوداً كبيرة في تعزيز مكانة المحرق كمركز ثقافي وتعليمي لتتحول المحرق إلى مدينة حديثة تضم مرافق عصرية، مع الحفاظ على تراثها العريق.
ويشهد أهل المحرق بدوره البارز في تعزيز التفاعل بين المجتمع المحلي والجهات الحكومية، وحرصه على تعزيز الروابط الاجتماعية بين سكان المحرق، وتعزيز روح التعاون والتكافل بين أهالي المحافظة وهو ما برز بقوة في مجال العمل التطوعي والمناسبات الوطنية.
وتقديراً لجهوده في خدمة البحرين، حصل بن هندي على العديد من التكريمات؛ وتعتبر مرحلة منصب محافظ المحرق من أهم المراحل في حياته المهنية، استطاع فيها أن يعزّز مكانة المحرق ودورها في تحقيق التنمية المستدامة، ولذلك تعتبر هذه المرحلة نموذجاً لمسيرته المهنية وإثباتاً على قدرته في قيادة المحافظة بحكمة وابتكار.
