سيد حسين القصاب

أكدت رئيسة النيابة العامة للجرائم الإلكترونية زهرة مراد أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد خيار تقني، بل أداة محورية في منظومات العمل الحكومي والخاص، حيث أصبح قادراً على محاكاة التفكير البشري، واتخاذ القرارات، وتحليل البيانات بكفاءة عالية. وأضافت أن العلاقة بين الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني أصبحت علاقة تكاملية، يمكن من خلالها تعزيز الحماية الرقمية ورصد التهديدات بشكل استباقي، إلا أن التوسع في استخدام هذه التقنيات وخاصة “الذكاء الاصطناعي التوليدي” فتح الباب أيضاً أمام ظهور تهديدات جديدة، من أبرزها “جرائم التزييف العميق” التي شهدت زيادة ملحوظة خلال عام 2025.

ومع التطور المتسارع في تقنيات الذكاء الاصطناعي وازدياد الاعتماد عليها في مختلف القطاعات، شددت رئيسة النيابة العامة للجرائم الإلكترونية على ضرورة التعامل مع هذه التقنيات بوعي ومسؤولية، في ظل ما تحمله من فرص هائلة وتحديات متنامية، خاصة على مستوى الأمن السيبراني.

وأضافت أن البداية الأساسية لمجال الذكاء الاصطناعي بدأت ما بين 1940 حتى 1950، حيث بدأت وزارة الدفاع الأمريكية تدريب أجهزة الكمبيوتر على محاكاة التفكير البشري، وفي عام 1940 تم اختراع أول حاسوب مخصص لفك شفرة الرسائل العسكرية، وأطلق عليه كان لذلك الاختراع الدور البارز في فتح المجالات للمزيد من الاختراعات القائمة على تقنيات الذكاء الاصطناعي.

كما تم الإعلان عن البداية الرسمية لمصطلح “الذكاء الاصطناعي” في عام 1956 في كلية دارتموث في الولايات المتحدة الأمريكية.

ما هو الذكاء الاصطناعي وفوائده؟

بينت رئيسة النيابة العامة للجرائم الإلكترونية أن الذكاء الاصطناعي هو مجموعة من التقنيات التي تمكن الآلات من محاكاة الذكاء البشري وأداء وظائف متقدمة، ويمكنه فهم اللغة المنطوقة والمكتوبة والاستجابة لها، وتحليل البيانات وتقديم التوصيات، والتعلم من المعلومات الجديدة واتخاذ القرارات، واستخدام المنطق لمحاكاة التفكير البشري.

وأشارت إلى أن “الذكاء الاصطناعي التوليدي” هو فرع من الذكاء الاصطناعي يعنى بتطوير نماذج وخوارزميات قادرة على إنشاء بيانات جديدة، ونصوص، وصور، وأصوات، وفيديوهات، أو أكواد تتسم بدرجة عالية من التشابه مع البيانات التي تدرب عليها، وذلك باستخدام تقنيات التعلم العميق مثل الشبكات التوليدية (Generative Models).

الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني علاقة متبادلة لتعزيز الحماية الرقمي

أما فيما يتعلق بالأمن السيبراني، أوضحت رئيسة النيابة العامة للجرائم الإلكترونية أن مفهوم الأمن السيبراني يتمثل في حماية الشبكات وأنظمة تقنية المعلومات وأنظمة التقنيات التشغيلية، بالإضافة إلى مكونتها من أجهزة وبرمجيات، وما تقدمه من خدمات، وما تحتويه من بيانات، من أي اختراق أو تعطيل أو تعديل أو دخول أو استخدام واستغلال غير مشروع.

وبينت أن العلاقة بين الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني علاقة متبادلة تتضمن فرصاً كبيرة لتعزيز الحماية الرقمية، وفي الوقت ذاته تحديات متزايدة نتيجة استخدام الذكاء الاصطناعي في تنفيذ هجمات متقدمة.

ويأتي دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز الأمن السيبراني الكشف المبكر عن التهديدات السيبرانية، حيث يعتمد الذكاء الاصطناعي على تحليل كميات ضخمة من البيانات لرصد الأنماط غير الطبيعية، مما يساعد في كشف الهجمات قبل وقوعها.

التزييف العميق… الوجه المظلم للتقنيات التوليدية

وبينت رئيسة النيابة العامة للجرائم الإلكترونية أنه تم الإعلان عن إبلاغ 179 عن جرائم التزييف العميق عالمياً في الربع الأول من 2025، مما كشف عن زياد بنسبة 19% عن عدد جرائم التزييف العميق في 2024، مبينة أن من هذه القضايا، قضايا تقليد المقاطع والصوتية للاستيلاء على المبالغ النقدية، والتشهير واستخدام صور والتلاعب بها دون موافقة صاحب الشأن.

التقارير الدولية تدق ناقوس الخطر

وأكدت رئيسة النيابة العامة للجرائم الإلكترونية زهرة مراد أن التقرير الصادر من المُنتدى الاقتصادي العالمي الذي يسلط الضوء على أبرز المخاطر الاقتصادية، والتكنولوجية، كشف بأن مخرجات الذكاء الاصطناعي يشكل 2% من المخاطر العالمية.

ويكشف التقرير عن المشهد العالمي لأهم التهديدات البيئية والمجتمعية والاقتصادية والرقمية، ويجمع التقرير رؤى أكثر من 900 خبير عالمي، حيث يهدف إلى تحليل المخاطر العالمية لدعم صانعي القرار في رسم الخطة المستقبلية لمواجهة تلك التحديات.

أما بالنسبة إلى ضوابط الذكاء الاصطناعي، فقد بينت رئيسة النيابة العامة للجرائم الإلكترونية أنها تتمثل في حوكمة الذكاء الاصطناع، والثقة الرقمية، والسلامة الرقمية، والتقارب التكنلوجي.

مؤشر جاهزية الدول في مجال الذكاء الاصطناعي

ذكرت رئيسة النيابة العامة للجرائم الإلكترونية زهرة مراد بأنه تم إصدار التقرير لعام 2024 من قبل منظمة Oxford insight وهي منظمة معنية بقياس جاهزية الدول في مجال الذكاء الاصطناعي، مبينة بأنه تم اعتمادها كجهة رسمية لدى الحكومات، ومن قبل منظمة يونسكو.

وأضافت أنه تم تقييم 188 دولة في عام 2024، وتم فحص 40 مؤشراً عبر ثلاث ركائز أساسية وهم، “الركيزة الأولى تتمثل في جاهزية الحكومة في وضع الاستراتيجيات الفعالة والأنظمة التي تنظم تطبيقات الذكاء الاصطناعي، أما الركيزة الثانية فتتمثل في قطاع التكنولوجيا الذي يعمل بدعم أعمال الحكومة وتقديم حلول فعالة لتطوير قطاع الذكاء الاصطناعي وضمان أن يستجيب القطاع للحلول المبتكرة، بينما تتمثل الركيزة الثالثة في توفير البنية التحتية اللازمة لتشغيل الذكاء الاصطناعي بفعالية مع ضرورة توفير البيانات اللازمة”.

شاركها.